محتجون وصحافة الميكروفونات في قفص الاتهام بجماعة أولاد الطيب بفاس

الإعلامي المتخصص “م – ع”

“طاحت الصمعة علقو الحجام”، مثل شعبي مشهور، يعني أنه كلما سقطت الصومعة يساءل الحجام عن سقوطها، لأن الحجام مقترن بالحجامة، وهو مثل مغربي معروف يقال في تحميل شخص أوزار ذنوب غيره، واتخاده كبش فداء لتلك المسلكيات.

 

فصول القصة دارت بمدينة فاس، وبالضبط بجماعة “أولاد الطيب”، يومه الخميس 10 فبراير الحالي، تواترت فصولا من خلال حلقة شعبية أقيمت بمركز الجماعة، أبرزت عدة مواهب وطاقات فنية استعراضية مباشرة في الشارع العام، قرب وكالة الماء والكهرباء، أبطالها ونجومها أسماء مدفوعة من طرف بعض الأحزاب السياسية، ألقت إبداعاتها في فنون القول والحركة والسب والاتهامات الخاطئة والمقصودة تنفيذا لأوامر الرؤوس المحرضة على تفاصيلها.

 

إنها كائنات فريدة من نوعها، تتمتع بقدرات سحرية مدهشة للسيطرة على العقول الضعيفة بل أن أكثرهم لا يقطنون بتراب الجماعة ولا ينتسبون لأبناء قبيلة أولاد الطيب، وهو ما يطرح ألف علامة استفهام، ليس حول الدوافع الحقيقية فحسب، بل حول الجهات الداعمة والمخططة لعمليات الإنزال هاته المدروسة التوقيت والإخراج.

 

فلنتذكر جميعا سنة 2019، وبالضبط في جلسة عقدت بمجلس المستشارين، ضمن جلسة الأسئلة الشفوية، وخلالها أوضح “مصطفى الرميد”، وزير العدل والحريات حينها، أنه من حق السلطات الأمنية، والقوات العمومية أن تتدخل لفض التجمعات الاحتجاجية غير المرخصة، والمخالفة للقانون المنظم للاحتجاجات، على اعتبار أن كل احتجاج غير مرخص من خارج السياق القانوني، شكل من أشكال الفوضى يجب التعامل معه بالصرامة المطلوبة واللازمة، إحلال للقانون وللنظام العام، كما أن التحريض على التجمهر بدون ترخيص يعد شكلا من أشكال الفوضى.

 

الوضع لم يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى انخراط بعض أصحاب الميكروفونات المنتمين لبعض المواقع الإلكترونية، وللأسف الشديد، ممن لا يعرفون سوى لغة التطبيل والتزمير وقلب الحقائق خدمة لأجندات سياسية، هاجسهم الأسمى هو البحث عن “البوز” والفوضى بكل الوسائل الممكنة، علما أن المنخرطين في هاته السيناريوهات المصنوعة والمخدومة، ولكن بإخراج سيء، لا يحملون البطاقة المهنية للصحافة، بل أنهم يلوثون الجسم الإعلامي الشريف من خلال هاته الممارسات المنحطة، عبر القيام بمسرحيات وتمثيليات مفضوحة ومكشوفة للقاصي والداني، من خلال ادعاءات واهية، وخلق سيناريوهات هوليودية للوصول إلى المسؤول في أفق ابتزازه، وهي السلوكيات التي أدانها ويدينها المجلس الوطني للصحافة، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية في بلاغها الأخير.

 

إذن ما يشهده العالم اليوم، من تغيرات كبيرة خاصة على المستوى السياسي توضح بشكل جلي أن الإعلام له تأثير بالغ الأهمية في مجرى الاحداث، و أنه وبفضل التطور المتسارع وما تنتجه الثورة التكنولوجية من وسائط ذكية و متعددة، قد حولت لعلاقة بين السياسة والإعلام إلى علاقة تلازمية تقوم على تبادل الأدوار، وتحقيق التكامل بينهما، وهو ما جعل وسائل الإعلام في عصرنا الحالي، المعروف بعصر الاتصال و الصورة، قادرة على الفعل بشكل مباشر أو غير  مباشر في المشهد السياسي، من خلال تشكيل رؤية لنظرة الجماهير نحو واقعها، وتحديد نمط تفكيرها و تصوراتها حول القضايا المطروحة بما يخدم في نهاية المطاف الأهداف السياسية المتوخاة، وينظم قطاع الاعلام من خلال تفعيل آليات الرقابة وتحديد طبيعة الحريات، في وقت ربطت البلدان الغربية الحرية بالمسؤولية، و اعتباره الحصن الذي يدافع عن المصالح العامة، وقد فرضت التحولات التي عرفها الاعلام السمعي البصري على جميع الدول حتمية التكيف وتكييف هذا الكم الكبير من المعلومات بالنسبة للعديد من الدول و من بينها المغرب.

 

اليوم، وبجماعة أولاد الطيب، عينت عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، متظاهرين غير مرخصين، يجوبون شوارع الجماعة، على خلاف القوانين والتنظيمات المعمول بها في مثل هاته الحالات، وفي إطار الدور المنوط بهاته الأجهزة في المحافظة على النظام العام، تدخل جهاز الامن لفتح حركة المرور التي أغلقها المحتجون بشكل متعمد لإثارة الفوضى والفتن، لكن أجهزة الأمن ومن موقع الوعي بالمسؤولية وإعمال القانون تدخلت وفتحت الطريق أمام حركة عبور العربات، لتزرع الطمأنينة وسط نفوس المواطنين الخائفين على أرزاقهم وممتلكاتهم، وهو الدور الذي لعبته هاته الأجهزة في طمأنة النفوس وحماية ممتلكات الأشخاص، وضمان الأمن الفردي والجماعي.

 

الم يجد هؤلاء حلولا أخرى غير الاحتجاجات عن طريق إحداث الفوضى ورفع الشعارات الكاذبة من أجل الضغط على الأجهزة والمؤسسات لتصفية حسابات سياسية، وأمام هاته التداعيات نجد أنفسنا أمام سؤال عريض، لماذا لا تعمل السلطات على متابعة هؤلاء الفوضويين والمحرضين قضائيا رغن أن النصوص والتشريعات واضحة في هذا الشأن ولا تحتاج إلى اجتهاد؟، علما أن أحد هؤلاء المدفوعين لإثارة الفوضى والقلاقل صرح بلا خوف ولا حياء بأنهم ستجمهرون كل أسبوع، وهي رسالة تحمل تحد للسلطات، وهذا شيء خطير لا بد من التعامل معه بحزم وصرامة “واش كاينة السيبة في البلاد”.

 

نحن لسنا ضد الاحتجاج المرخص، شريطة أن يكون مصدره مواطنين مستقرين بجماعة أولاد الطيب، ومستقلين في قراراتهم، أي غير مسخرين لخدمة الأغيار، في هاته الحالة يكون لهم الحق في متابعة مطالبهم المشروعة إن كانت مشروعة بالشكل الذي يرونه مناسبا، وهو ما لم نلمسه خلال عاته الوقفة، إذ وجدنا أغرابا عن تراب الجماعة ضمن الصفوف الأمامية للتحريض على الفوضى، وسنوافيكم أعزاءنا القراء في القادم من الأيام بهوية بعض الأشخاص الذين ستتم متابعتهم من طرف النيابة العامة، ضمنهم فوضويين، وأصحاب ميكروفونات؟.     

التعليقات مغلقة.