الولايات المتحدة الأمريكية تحرج نفسها واستخباراتها…. إذا اختارت روسيا خيارا آخر غير الغزو !!

مراكش  :  السعيد الزوزي

 

تزداد التحذيرات من الولايات المتحدة الأمريكية بأن القوات الروسية على استعداد لضرب أوكرانيا بشكل أكثر إلحاحا وصرامة، قد يكون هناك القليل من الشك في قناعة الولايات المتحدة بأن أوكرانيا معرضة لخطر وشيك، كما أن عدد الدول التي تنصح مواطنيها بمغادرة البلاد في اقرب وقت ممكن يظهر ان التحذيرات أصبحت أخيرا ذات مصداقية.

لكن التركيز على الحرب شبه الحتمية، وتسمية الأطر الزمنية الضيقة عندما يتوقع حدوثها، يؤدي أيضا إلى إغلاق الخيارات أمام الولايات المتحدة وحلفائها، مع فتحها لروسيا. لاتزال موسكو تمتلك المبادرة ، ويتزايد الخطر من أن رئيسها ، “فلادمير بوتين”، يجري تشكيله لتحقيق نصر دبلوماسي، من خلال سحب البساط من تحت ذعر الحرب الغربية.

لم يكن هناك نقص في التكهنات حول المدة التي يمكن لروسيا أن تحتفظ فيها بقواتها على الحدود دون شن هجوم او سحبها.

لكن في نونبر، عندما شرح “بوتين” لأول مرة الغرض من تعزيز القوة الروسية المهددة، قال أيضا إنه من المهم لهذه القوات أن تواصل الضغط “لأطول فترة ممكنة”.

بعد مرور ثلاثة أشهر،كان السؤال بدلا من ذلك هو إلى متى يمكن للولايات المتحدة وأقرب حلفائها الاستمرار في تصعيد التحذيرات من صراع وشيك؟

في حين أنه كان من الصعب في السابق اعتبار أي تراجع من جانب “بوتين”، أي شيء سوى الفشل المهين، فإن الولايات المتحدة الآن هي التي تشعر بالحرج، وتحطمت مصداقية عمليات الكشف الإستخباراتية مرة أخرى، اذا اختارت روسيا خيارا آخر غير الغزو، أو حتى يستمر في الجلوس على الحدود حيث تأتي التواريخ التي حددتها الولايات المتحدة الأمريكية. وتذهب في غضون ذلك، لم تجلب المسيرة الدبلوماسية المستمرة إلى موسكو سوى القليل من الفوائد الواضحة، إنها تكرر في معظمها الحجج التي رفضتها روسيا بالفعل، وتسمع شكاوى من موسكو مألوفة بالفعل، ليس هناك ما يشير إلى تملق القادة والوزراء الغربيين، الإصرار كان له أي تأثير على خطط روسيا، حتى عندما حاول الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون،على ما يبدو، التفاوض مع روسيا من خلال تقديم “وعود كاسحة” نيابة عن أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي.

في الوقت الحالي، تواصل روسيا جني الفوائد من انتشارها العسكري، ليس المواطنون وموظفو السفارات وحدهم هم الذين تنسحب الدول الغربية من أوكرانيا، كما تم سحب المهمات التدريبية للقوات الأمريكية والبريطانية والكندية، بهدف محدد هو منعهم من الوقوع في خط النار في حالة وقوع هجوم روسي. هذا النهج هو عكس القطبية للطريقة التي يحمي بها الغرب دول البلطيق، حيث يتم دمج مجموعات صغيرة من دول أعضاء متعددة في الناتو في الجيوش الوطنية على وجه التحديد لضمان أنها، في حالة حدوث عدوان روسي، متورطة بشكل مباشر وفوري.

لقد أثبتت تلك الاستراتيجية نجاحها المذهل، حيث كان هناك في عام 2016 الكثير من المناقشات العامة حول كيف كانت دول البلطيق مرشحة رئيسية محتملة “للتدخل الروسي التالي” ، يعتبر بعض الناس الآن هذه البلدان الثلاثة الأكثر امانا منذ قرون.

لقد فات الأوان لاتخاذ هذا النهج مع اوكرانيا، مع تكشف الأزمة، استبعدت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على الفور تقريباً تقديم دعم عسكري مباشر إلى كييف على الأرض، ستشعر موسكو بالسعادة، لأن الغرب أزال مخاوف روسيا الكبرى مرة أخرى على الطاولة.

من المفترض أن حجم الدعم المقدم لاوكرانيا مقيد بحقيقة أنها ليست عضواً في الناتو، ولكن لا يوجد نقص في السوابق للقوى الغربية التي توفر الحماية من العدوان خارج حدود الحلف.

كان هناك نقاش قليل بشكل مذهل حول الحد من خيارات روسيا من خلال إعلان مناطق حظر طيران ومناطق حظر بحري في أوكرانيا وحولها، والاستعداد بشكل واضح لفرضها، مما يعرض روسيا لخطر الاشتباكات المباشرة مع دول الناتو إذا دعمت هجوما عن طريق الاستخدام، من القوة الجوية أو البحرية.

تطالب روسيا بانسحاب الناتو من اوروبا الشرقية على وجه التحديد لأنه يمثل رادعا وعاملا مقيدا لطموحاتها. يتحدث الخبراء العسكريون عن إستخدام موسكو “لإستراتيجية الإكراه” لتحقيق ذلك، وهو اختصار لروسيا باستخدام التهديد والقوة لانتزاع تنازلات كاسحة من الغرب مثل مجرم الشارع.

لقد دأبت شبكة الدعاية والابواق والمؤثرين في روسيا على الترويج لفكرة أن مواجهة موسكو تخاطر بتصعيد لا مفر منه الى حرب نووية، هذا يحجب حقيقة ان الصدام مع الولايات المتحدة وحلفائها هو السيناريو الاسوأ بالنسبة لروسيا، والتوقعات هي واحدة من عدد قليل من الردع الحقيقي”لبوتين”.

تنطوي احتمالية الدعم الغربي المباشر لاوكرانيا على مخاطر فورية ومباشرة وملموسة على روسيا أكثر من التحذيرات المتكررة بفرض مزيد من العقوبات. أثناء التحذير من خطط روسيا للهجوم، ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها أيضاً السماح “لبوتين” بالاعتقاد بأنهم قد يفعلون شيئاً حيال ذلك.

التعليقات مغلقة.