حكومة الشعارات ما بين تابت الأزمة والغلاء القاتل للجيوب ومهرجانات الاجتماعات لتسعير الخطب

بقلم محمد حميمداني

 

تفاعلا مع الحركات الاحتجاجية التي تفجرت في مجموعة من المدن المغربية ضدا على السياسات الاقتصادية المنتهجة من قبل الحكومة، ومسلسل الزيادات المهولة في المواد الاستهلاكية الأساسية، وآخرها الزيادة في تسعيرة الخبز بما تحمله من آثار اجتماعية، وما تخلقه من توترات اجتماعية تهدد السلم الأهلي، في مقابل اغتناء زبانية الأزمات من هاته الوضعية الكارثية التي وصل إليها الوضع الاجتماعي، قررت الأغلبية الحكومية ترميم ما يمكن ترميمه من خلال عقد اجتماع ثلاثي سيحتضنه مقر حزب التجمع الوطني للأحرار، يومه الثلاثاء.

 

وهكذا وعقب الهزات الاجتماعية التي طالت الأسواق المغربية وفي مختلف المواد الأساسية والضرورية للاستهلاك الشعبي، وما صاحبها من تفجر احتجاجات أحيت حركة 20 فبراير ومطالبها الأساسية عبر مجموعة من الوقفات بمجموعة من مدن المملكة،

 

قررت الأغلبية الاجتماع، وهو الاجتماع الذي سيحضره كل من عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وعبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، اليوم الثلاثاء، وذلك للتداول في تطورات ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وما أفرزه من حركات احتجاجية رافضة وغاضبة والتي طالبت من خلال شعارات رفعتها ب “رحيل” أخنوش.

 

 

الأكيد أن المطلوب هو الانكباب على مشاكل وهموم الناس الاقتصادية والاجتماعية، ولكن المطلوب أكثر هو أن يكون هذا الانكباب جديا، يهدف إلى الإجابة على مختلف قضايا وانتظارات المواطنين، لا تقديم مسكنات لإخماد الغضب الشعبي المتنامي، وأشعارا توصيفية للأزمة، عبر نهج سياسة در الرماد على العيون، وتقديم الجزرة ليلحق بها الأرنب في تمثيلية وهمية يراد بها باطل، كما هو حاصل في البرنامج الحكومي المحنط للأزمة من خلا خلق فضاءات لأهرامات ممتدة الشكل و لكنها فارغة في العمق، و كما قالت “نبيلة منيب” في تظاهرة البيضاء الاحتجاجية على رفع الأسعار، في إطار تخليد ذكرى انطلاقة حركة 20 فبراير، متسائلة “علاش كيزيدو فالأثمنة والأجور مجمدة والجائحة منتشرة، و الناس فقدت عملها بسبب الجائحة” و “الأغنياء يزدادون غنى”، مضيفة أن “ما نراه هو نهب وجشع، البلاد كلها بغاو يبيعوها”، و”البرنامج الحكومي هو أوهام، والورش الكبير هو بيع القطاع العمومي”.

 

وللإشارة فقد كان جلالة الملك نصره الله وأيده، ووعيا من جلالته بخطورة الوضعية العامة التي تمر منها بلادنا، والتي زادتها وضعية الجفاف قتامة، قد استقبل، يوم الأربعاء المنصرم، بالإقامة الملكية ببوزنيقة، كلا من رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي.

 

 

وهو الاستقبال الذي يندرج “في إطار العناية الملكية الخاصة، التي ما فتئ جلالة الملك يوليها لساكنة العالم القروي، ولكل مكونات القطاع الفلاحي، خاصة في وقت يعرف فيه الموسم الفلاحي نقصا كبيرا في التساقطات المطرية” وفق ما جاء به بلاغ صادر عن الديوان الملكي، وخلاله أكد “جلالة الملك على ضرورة اتخاذ الحكومة لكافة التدابير الاستعجالية الضرورية، لمواجهة آثار نقص التساقطات المطرية على القطاع الفلاحي”.

 

الأكيد أن الوضع الاجتماعي على صفيح ساخن، و الآثار الاجتماعية قد تؤدي إلى حراك شامل في حالة لم تتخذ الحكومة الإجراءات الاستباقية المطلوبة لدعم صمود المواطنين في وجه الجائحة، و الضرب على يد المضاربين، و لعل ما حدث بسوق “الأحد” بالقنيطرة، هو تعبير عن عقال أزمة قد تصيب الكيان المؤسساتي بالشلل التام إن لم تتحل الحكومة بالروح الوطنية المطلوبة، وأن يكون هاجسها المواطن المغربي ودعم مقومات وجوده وصموده، وهو ما لا نراه في الممارسة الحكومية التي اختارت اللغة كمدخل لتوصيف الأزمة، في حين أن المطلوب هو إيجاد حلول قطعية ناجعة لها.

 

ولعل الشعار الذي رفع أثناء الاحتجاجات الاجتماعية “واك واك على شوهة أخنوش عطا الريحة” لهو تعبير عن حالة التذمر التي يعيشها المواطن المغربي اتجاه الحكومة و”كابسولاتها” التي تزيد من حدة المرض، ولا تقدم حلولا علاجية، كما وقع مع أزمة أسعار الخبر التي لاحظها المواطن المغربي عبر تسعيرات معلقة على واجهة المخابز، لتخرج الحكومة في شخص وزارة الاقتصاد لتنفي حقائق قائمة على الأرض، في لغة خشبية لا يفهم رأسها من رجلها، سوى أن الحكومة صائمة عن قضايا ومشاكل المواطنين الذين يعانون الأمرين من تجاهلها العملي لملفات معاناتهم اليومية لفائدة دعم انتفاخ الجيوب المنتفخة أصلا كتجسيد لبعد شعار الدولة الاجتماعية عن واقع الحال المجسد على الأرض الداعم لأصحاب الرساميل على حساب باقي عموم الشعب الكادح.

التعليقات مغلقة.