المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية يُصدر ورقة علمية حول الديموغرافيا الجمعوية بالمغرب

العربي كرفاص

أعدّ رئيس الرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية، الدكتور فوزي بوخريص، ورقة علمية حول الديمغرافيا الجمعوية بالمغرب؛ في مستهل هاته الورقة أكد  رئيس المرصد على تضارب الأرقام الخاصة بعدد الجمعيات المعلن عنها بالمغرب، آخرها العدد المعلن عنه من طرف الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد المصطفى بايتاس، الذي أشار إلى أنّ عدد الجمعيات بالمغرب تجاوز 200 ألف جمعية.

وأوضح رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية بالمغرب بأن المتتبع للشأن الجمعوي ببلادنا يصطدم بحقيقة شح المعطيات الإحصائية حول الجمعيات، ومحدوديتها، والتكتم عليها في حالة توفرها، وأن التضارب في الأرقام، يقول الدكتور بوخريص، هو مؤشر على خلل في السياسة الرسمية تجاه الجمعيات.

في هذا السياق، أعطى رئيس المرصد  مفهوما للديموغرافيا الجمعوية انطلاقا من التعريف الذي قدّمه الباحث “لويس ديرن”، وأكّد في هذا الصدد بأنّه حسب قانون الجمعيات، هناك ثلاث جهات رسمية بالمغرب، من الناحية المبدئية، على اطلاع على ديموغرافيا الجمعيات؛ ويتعلق الأمر بوزارة الداخلية، وزارة العدل والأمانة العامة للحكومة. وفي علاقة بصعوبة الولوج إلى المعطيات الإحصائية الخاصة بالجمعيات ببلادنا، يقول الخبير السوسيولوجي، فوزي بوخريص، بأنّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أصدر في تقريره حول “وضع ودينامية الحياة الجمعوية” (2016) توصية من أجل توفير قاعدة معطيات إحصائية وطنية حول الجمعيات دقيقة ومبسطة ومحينة.

 

 

 وفي تطرقه لمرئية  الظاهرة الجمعوية بالمغرب، أكّد رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية بأنّ المندوبية السامية للتخطيط شرعت سنة 2007 في إنجاز بحث حول الجمعيات، باعتماد مقاربة تتبنى مفهوم المؤسسات التي لا تستهدف الربح  الوارد في دليل الأمم المتحدة، ولم يُشرع في دراسة العمل الجمعوي وقياس مدى مساهمته في الناتج الداخلي الخام للدول، حسب صاحب هاته الورقة العلمية، إلا في إطار برنامج يحمل اسم “جون هوبكنز”، الذي أثمر إنتاج دليل يُحدد إطارا مفاهيميا، يجعل العمل الجمعوي التطوعي والمأجور والأنشطة الخيرية أو الإنسانية ظواهر مرئية، ويمثل اعتماد هذا الدليل، يضيف الدكتور بوخريص، تقدما غير مسبوق على مستوى جودة وكم المعلومات المتاحة حول الجمعيات، وحول العمل الجمعوي في كل البلدان التي انخرطت في البرنامج؛ فهو يزيد من مصداقية ومرئية التنظيمات التي لا تستهدف الربح.

ويتضح بأن البحث الذي أشرفت عليه المندوبية السامية للتخطيط، يقول رئيس المرصد، يستهدف تتبع نشاط وسلوك المؤسسات التي لا تستهدف الربح تبعا لاختلاف مكوناتها ومجالات عملها وتوزيعها المجالي بين جهات المملكة، بالإضافة إلى تناول نشاط هذه المؤسسات في توافق مع المخطط المحاسباتي الوطني، عبر بلورة حساب ملحق للمؤسسات التي لا تستهدف الربح، يتيح جمع معلومات تحليلية مفصلة كفيلة بالكشف عن المساهمة الحقيقية للجمعيات في الاقتصاد الوطني، وإنجاز سجل تصنيفي للمؤسسات التي لا تستهدف الربح، إضافة إلى المقارنة مع تجارب دولية أخرى، والتنسيق الدولي حول المعلومات المتعلقة بالمؤسسات التي لا تستهدف الربح. وفيما يتعلق بموضوع اِحصاء عدد الجمعيات استحضر رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية تجارب كل من فرنسا وبلجيكا والدول الأوربية عموما في هذا المجال.

 

 

أما عن التغيرات التي تطال الديمغرافيا الجمعوية بالمغرب، أكد، الدكتور بوخريص، بأنها ليست مسألة اعتباطية، بل هي مؤشرات مهمة على ما يحدث في المجتمع، وحسب “أليكس دو طوكفيل”، يقول الدكتور بوخريص، فيما يخص المجتمع الأمريكي، فإن تزايد عدد الجمعيات غير مفصول عن المنحى الديمقراطي للمجتمع، وفي هذا المضمار يقول رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية بأن الحيوية التي ميزت الحقل الجمعوي ببلادنا، في العقود الأخيرة، والتزايد الكبير والمضطرد لعدد الجمعيات، هو تعبير عن توسع مجال المشاركة الاجتماعية؛ إذ أصبح إنشاء الجمعيات يعبر عن تعقد المجتمع وتغيره، ويستهدف تجاوز الاختلالات التي يطرحها هذا التعقد وهذا التغير بالنسبة للمواطنين. وبصيغة أخرى، يقول رئيس المرصد، لم يعد تأسيس الجمعيات ضربا من الترف بل ضرورة اجتماعية تطمح إلى ملء الفراغ، الذي تتركه عادة تدخلات الفاعلين العموميين أو نتيجة لمحدودية تلك التدخلات أمام الطلب المتزايد والأزمة المتصاعدة…

 

 

وفي هذا الإطار تطرق رئيس المرصد إلى علاقة الديموغرافيا الجمعوية بحاجات المجتمع ، وأشار إلى تغير عدد الجمعيات بالمغرب من سنة لأخرى وحركية تأسيسها وتوزعها حسب مجالات الاهتمام وجغرافيا، وذلك استنادا إلى معطيات الجهات الرسمية ببلادنا.

 

 

وبتقديمه لأدلة بالأرقام، أوضح رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية، بأن عدد الجمعيات بالمغرب مايزال أقل بكثير من نظيره في فرنسا أو في كندا. وفي ختام هاته الورقة العلمية قال رئيس المرصد المغربي للحياة الجمعوية والمدنية “تشكل الجمعيات أحد البدائل الإيجابية الممكنة لمآل التغير الاجتماعي ببلادنا، في ظل استشراء واقع الإقصاء، والهشاشة والفقر، وفي غياب هذا البديل الإيجابي، يكون المجتمع في مواجهة اختيارات أو ملاجئ أخيرة، لها نتائج سلبية، ليس على الفرد فقط وإنما على المجتمع في كليته”.

التعليقات مغلقة.