التغير المناخي حينما دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر مشاهد من كورنيش مارتيل وما يشهده من ظواهر مناخية مقلقة

تقرير:  محمد حميمداني وعبد القادر خولاني

دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر حول تغير المناخ معتبرة إياه القضية الحاسمة في عصرنا، والعالم يوجد الآن أمام لحظة حاسمة، فالآثار العالمية لتغير المناخ واسعة وغير مسبوقة، وما لاحظناه على مستوى “كورنيش مارتيل” يغدي هذا القلق الكوني، ويدفع إلى الضغط على الحكومات من أجل جعل قضية التغير المناخي ضمن اهتماماتها الأساسية، لأنها تضع العالم الأزرق فوق كف عفريت، والصور المأخودة اليوم تغني عن التعليق، لكن لا بد من التذكير بهاته القضية الكونية، للتحسيس ولجعل الفرد يتحمل مسؤوليته في الدفاع عن وجوده فوق كوكب الأرض المهدد بالذمار.

وهكذا فلم يسبق أن شهد كوكب الأرض ما نراه اليوم من ظواهر مقلقة، من تغير أنماط الطقس التي تهدد كل شيء، وضمنها الإنتاج الغذائي، وما يصاحب كل ذلك من ارتفاع منسوب مياه البحار وبالتالي خطر التعرض للفيضانات الكارثية، إلى غزو الرمال كما شهدناه اليوم كظاهرة غريبة بتطوان، فلا مجال للتأمل يجب التحرك والضغط على الحكومات وإيقاف جشع الرساميل.

الإنسان والمسؤولية الكبرى

تشكل الغازات المسببة للاحتباس الحراري أخطر ظاهرة ملوثة في العالم، فهي تهدد الملايين من الكائنات الحية من خلال آثارها على استقرار الحياة على الأرض بمنتوجها الخطير المتمثل في الارتفاع الكارثي لدرجة الحرارة، نتيجة سياسة التصنيع غير المعقلنة، وما صاحب كل ذلك من تذمير للفضاء الغابوي الذي يعتبر رئة العالم، والزراعة الواسعة النطاق، وما أفرزته من ارتفاع كميات هائلة من الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى درجات قياسية لم يشهدها الكون منذ ثلاثة ملايين عام.

الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، رأت في تقريرها الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2018، أن الحد من الاحترار العالمي المحدد في 1.5 درجة مئوية سيتطلب تغييرات سريعة بعيدة المدى وغير مسبوقة مقارنة مع النسبة المسجلة والتي تصل إلى 2 درجة مئوية، مع التأكيد على ضرورة ضمان مجتمع أكثر استدامة وعدالة. 

 

التقرير اكد أنه وبحلول عام 2100، سيكون ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية، مضيفا أن احتمال وجود محيط في القطب الشمالي خالٍ من الجليد البحري في الصيف سيكون مرة واحدة في كل قرن مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقارنة مع مرة واحدة على الأقل لكل عقد مع 2 درجة مئوية، كما أن الشعاب المرجانية ستنخفض بنسبة 70-90 في المائة.

التقرير يحث على ضرورة العمل على حصر الاحتباس في نسبة 1.5 درجة مئوية وهو ما يتطلب مجهودا جبارا في الأرض والطاقة والصناعة والمباني والنقل والمدن، مؤكدا على أنه يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية الصافية الناتجة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 45٪ عن مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، لتصل إلى “صافي الصفر” في حوالي عام 2050. وهذا يعني أنه يجب موازنة أي انبعاثات متبقية عن طريق إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

الأمم المتحدة المتحدة تدق ناقوس الخطر

دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، واتخدت خطوات في اتجاه الحفاظ على كوكبنا، وأقرت العديد من الاتفاقيات بشأن تغير المناخ، ففي عام 1992،  وخلال “قمة الأرض” ، أصدرت الأمم المتحدة الاتفاقية الإطار بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغير المناخ، والتي عرفت تصديق 197 دولة عليها ، وقد هدفت الاتفاقية إلى منع التدخل البشري “الخطير” في النظام المناخي.

ماذا أنتج بروتوكول “كيوتو” وما قدم في اتجاه حماية الحياة؟

شكل عام 1995، بداية مفاوضات دولية من أجل تعزيز الاستجابة لتغير المناخ، ليتم اعتماده بعد سنتين من ذلك،  وهو بروتوكول ملزم قانونيا للأطراف وللبلدان المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات، ولم تبدأ فترة الالتزام به إلا سنة  2008، والتي انتهت سنة 2012، لتبدأ المرحلة الثانية في 1 يناير 2013 والتي انتهت سنة 2020. وقد انضم للاتفاقية 197 طرفا.

اتفاق باريس، أي اتفاق لأية ديمومة؟

خرجت الأطراف الملتإمة بباريس سنة 2015 باتفاقية تاريخية رعتها الأمم المتحدة من أجل مكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون، والهدف الدولي هو مكافحة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، مع مساعدة البلدان النامية على القيام بذلك، وتعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، والوصول إلى نسبة 1.5 درجة مئوية كمطمح كبير، وقد عرف المؤتمر توقيع 175 دولة على هاته الاتفاقية.

وبهاته المناسبة اختارت الأمم المتحدة يوم 22 أبريل 2016، كيوم عالمي للأرض، وقد بلغ عدد الدول المنظمة للاتفاقية لاحقا 191 دولة.

مؤتمر القمة المعني بالمناخ 2019 التوقيع ولكن إلى أين؟

في محاولة لجمع قادة العالم على المحافظة على الأرض في ذكرى اليوم العالمي للأرض، وبدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 23 سبتمبر/أيلول 2019، ومن أجل توحيد مواقف العالم ودعم العملية المتعددة الأطراف، وزيادة تسريع العمل والطموح المناخي، ركزت القمة على القطاعات الرئيسة التي من الممكن أن تحقق الفرق الأكبر – كالصناعات الثقيلة والحلول القائمة على الطبيعة والمدن والطاقة والمرونة وتمويل العمل المناخي.  

وقد خلصت القمة وفق ما جاء في خطاب الأمين العام للأمم المتحدة، “لقد قدمتم دفعة قوية لحشد الزخم وتعزيز التعاون ورفع سقف الطموحات، ولكن يبقى لدينا شوطا كبيرا لنقطعه … نحن بحاجة إلى المزيد من الخطط الملموسة، وطموحات أكبر من البلدان وشراكات أوسع. كما نحتاج إلى الدعم من كافة المؤسسات المالية، العامة والخاصة، وأن نختار الاستثمار في الاقتصاد الأخضر من الآن وصاعدا “.

ويبقى السؤال المركزي المطروح هل أصبح هاجس الربح وتركيم الرساميل يقفز حتى على قضايا تتعلق بالوجود؟ أسئلة تبقى معلقة في عهدة الشعوب للضغط على الحكومات من أجل حماية الحياة.

التعليقات مغلقة.