العرف الامازيغي أو المصدر الثاني للتشريع ..تازناخت ايت واوزگيتنمودجا..

بقلم: الحسن اعبا 


“العرف هو المصدر الثاني للقانون”

تعريف العرف: هو مجموعة من القواعد غير المكتوبة التي اتبعها الأفراد في سلوكهم أجيالاً متعاقبة حتى نشأ الاعتقاد لديهم أن هذه القواعد أصبحت ملزمة، وأن مخالفها سيتعرض لجزاء الجماعة.

شروط العرف

1- العمومية: أي أن تكون القاعدة العرفية المتبعة تخص طائفة معينة أو حرفة معينة مثل الأطباء أو المحامين.

2- عنصر الزمان القديم: أي أنه لا بد أن تكون قد اتبعتها أجيال متعاقبة أو مضى عليها فترة من الزمن.

3- التواتر في الاستخدام: أي اتبعها الأفراد باطراد غير متقطع.

4- الاعتقاد بالإلزام: أي نشأ الاعتقاد لدى العامة أن مخالفة هذه القواعد العرفية يترتب عليه جزاء معين، فإذا تخلف عنصر الاعتقاد بالإلزام فإن هذه القاعدة تكون مجرد عادة معينة لدى الأفراد.

5- عدم مخالفة النظام العام والآداب العامة: أي لا تخالف القواعد الأساسية العليا في الدولة والناموس الطبيعي للأفراد.

أنواع العرف:- توجد عدة تقسيمات للعرف كما يلى:

أولاً: تقسيم العرف من حيث النشاط الذى يحكمه:

– وينقسم العرف الى عرف عام، وعرف خاص:

فالعرف العام هو ما ينشأ عن صنع السلطات العامة والمرافق العامة في الدولة عندما تباشر وظائفها العامة مثل العرف الإداري.

أما العرف الخاص فهو من صنع الأفراد عندما ينشأ عن معاملاتهم في المعيشة.

ثانياً: تقسيم العرف من حيث نطاق تطبيقه:

– وينقسم الى عرف شامل وعرف إقليمي:

فالعرف الشامل يحكم علاقات الافراد بغض النظر عن الإقليم أو المهنة، أما العرف الإقليمي فهو خاص بالإقليم الذى طبق هذه القاعدة السلوكية، أو قد يكون العرف مهنياً مثل عرف الأطباء او المحامين.

ثالثاً: تقسيم العرف من حيث مدى الإلزام:

– وينقسم الى عرف آمر وعرف مكمل:

فالعرف يكون آمرا إذا كان متعلقا بالنظام العام أو الآداب العامة.

ويكون العرف مكملا اذا كان غير متعلق بالنظام العام والآداب العامة.

وفى العرف الآمر لا يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالف أحكامه، وفى العرف المكمل يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة أحكام القاعدة العرفية.

رابعاً: تقسيم العرف من حيث اتصاله بالتشريع:- وينقسم الى عرف معاون للتشريع وعرف مخالف للتشريع وعرف مكمل للتشريع…..

1- العرف المعاون للتشريع:

ويكون فيه للعرف دور بجوار القانون (لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد به، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة)، فللعرف هنا دور في تحديد ما هو من مستلزمات العقد.

2- العرف المخالف للتشريع (الفوائد التأخيرية تسرى من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق او العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها)، فهنا للعرف دور في مخالفة ما اوجب القانون تحديده، فان كان العرف يحدد ميعاد آخر لذلك، فإن القاعدة العرفية هي التي تطبق.

3- العرف المكمل: أي ان العرف يكمل دور القاضي عندما يعرض عليه نزاع ولم يجد في نصوص التشريع ما يسعفه لحل النزاع.

أركان العرف:- للعرف ركنين

1- الركن المادي:

أي مجموعة متواترة من التصرفات او الأفعال القادرة على تكوين روابط اجتماعية مصحوبة بجزاء، وهذا الاعتبار ينبغي ان يكون بصفة مستمرة طوال أجيال متعاقبة بحيث يسودها الثبات والاستقرار، ومثال ذلك أن العرف التجاري جرى على ان التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية.

2- الركن المعنوي:

أي اعتقاد الناس ان ما أفه هؤلاء الافراد قد اصبح ملزماً, وهذا الالتزام ناشئ عن شعور الافراد بضرورة الروابط الاجتماعية وعدم الخروج على المألوف وهذا ما يطلق عليه البعض أنه العنصر النفسي.
القوة الملزمة للعرف :

– اختلفت آراء الفقه حول تحديد القوة الملزمة للعرف إلى أربعة اتجاهات كالتالي …………..

الاتجاه الأول: القوة الملزمة ( السلطة العامة)

← أي أن العرف يعتبر ضمناً رضاء من السلطة العامة بتطبيقه ومن ثم فإن القوة الملزمة للعرف لا بد أن تستند إلى هذه السلطة العامة ولكن يؤخذ على هذا الرأي أن العرف أسبق في نشأته من وجود التشريع.

الاتجاه الثاني: القوة الملزمة ( حكم القضاء)

← ساد هذا الاتجاه في الدول التي تأخذ بنظام السوابق القضائية، مثل القانون الإنجليزي، فالعرف لا يتكون هنا إلا بعد حكم المحاكم ومن ثم فإن القاضي هو الذى ينشئ القاعدة العرفية ويضفى عليها صفة الإلزام، ولكن هذا الاتجاه كسابقه يؤخذ عليه أن القاضي إذا كان قد طبق العرف فهو يطبقه لأنه قاعدة قانونية ملزمة، فهل القاضي بذلك يكون قد أصبح مشرعاً؛ وقد ذهب
البعض رغم هذه المآخذ إلى أن للقضاء بلا شك دور واضح في تحديد مضمون القاعدة العرفية.

الاتجاه الثالث: القوة الملزمة (الضرورة الاجتماعية للعرف)

← أى أن العرف له دور مكمل للتشريع فربما لا يلاحق التشريع الزمان، فلابد أن يكون مضافاً لديه قواعد عرفيه تساير هذا التطور وهو ما تفرضه الضرورات الاجتماعية، ولكن هذا الاتجاه ظاهر البطلان، فالضرورة الاجتماعية لا تخلع عليه صفة الالزام، وهى العنصر الأساسي في القاعدة العرفية.

الاتجاه الرابع: القوة الملزمة (رضاء الجماعة)

← فلما كان العرف ناشئ عن اتباع الأفراد لقواعد سلوكية معينة بمحض إرادته، وأصبح في اعتقادهم أن تلك القواعد صارت ملزمة وهذا إنما يدل على رضاءهم التام اتجاه هذه القواعد السلوكية، ونعتقد مع البعض أن الاتجاه الصحيح هو رضاء الجماعة والذى يكون القوة الملزمة للعرف.

العرف والعادة الاتفاقية: يقصد بالعادة الاتفاقية أن الافراد يتبعون سلوكاً معيناً فترة طويلة من الزمن ولكن لا ينشأ في الاعتقاد لديهم بإلزامية هذه القواعد التي تم اتباعها وكما عرفها البعض انها عرف ناقص، وهناك فروق جوهرية بين العادة الاتفاقية والعرف على النحو التالي.

1- على القاضي أن يطبق العرف دون حاجة لتمسك الخصوم في النزاع به، أما العادة فإنها لا ترتقى الى مرتبة القانون، ولا يجوز للقاضي طلب تطبيقها الا اذا تمسك بها الخصوم.

2- يتعين على القاضي افتراض العلم بالقاعدة بالقاعدة العرفية، أما العادة فهي مجرد شرط من شروط العقد، ويجب على من يتمسك بها أن يثبت وجودها واتجاه إرادة الخصوم في النزاع إلى العمل بها.

3- لا يجوز التذرع بالجهل بالقاعدة العرفية أما في العادة الاتفاقية، فإنه يجوز لأحد الخصوم الادعاء بالجهل بها.

4- في مجال الرقابة القضائية التي تباشرها محكمة النقض يخضع القاضي في مجال القاعدة العرفية لنطاق تلك الرقابة، أما العادة الاتفاقية فلا رقابة لمحكمة النقض عليها.

دور العرف في القانون المصري:

العرف يلعب دوراً فاعلاً في القانون الدولي العام والقانون الدستوري والقانون التجاري ثم نجد أنه يقل نشاطه في مجال القانون المدني، ويكاد ينعدم نشاطه في مجال القانون الجنائي.

أ- دور العرف في القانون التجاري: مثل في حالة الاعتداد بسجن النية في عدم جواز الاحتجاج بالدفوع على حامل الورقة التجارية…. وهكذا.

ب- دور العرف في القانون الدستوري: إن العرف له دور ملحوظ في الدساتير غير المكتوبة فقط بينما يتضاءل دوره في الدساتير المكتوبة.

جـ- دور العرف في القانون الإداري: فقواعد القانون الإداري تكتمل عن طريق التشريع فمعظم أحكام القانون الإداري عرف استقر وتواتر في الاستخدام مع الاعتقاد الراسخ بإلزامه.

د- دور العرف في القانون الدولي العام: يلعب العرف دوراً فاعلاً في مجال القانون الدولي العام باعتباره انه لا توجد هيئة تشريعية تملك سن القوانين.

هـ- دور العرف في القانون المدني: دور العرف في القانون المدني محدود للغاية، وهذا يرجع إلى التشريع يتطور حالياً بصورة تكاد تقوم بسد الثغرات القانونية في التشريع العادي.

و- دور العرف في القانون الجنائي: إن العرف لا يلعب أي دور في القانون الجنائي، حيث ان القاعدة الدستورية الجنائية وهي مبدأ الشرعية الجنائية (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، ومن ثم فإن العرف لا ينشئ جريمة ولا عقوبة.

مزايا وعيوب العرف: للعرف مزايا وعيوب نعرضها كما يلى……

أولا: مزايا العرف:

1) يعتبر العرف أصدق القواعد القانونية فهو تعبير أصيل عن إرادة الأفراد داخل الدولة.

2) للعرف دور هام في الحياة التشريعية، فالعرف قد يكون مكملاً للتشريع أو معاوناً له أو مخالف له.

ثانياً: عيوب العرف:

1- قد يصعب عندما تتغير الظروف الاجتماعية أن يتغير العرف لمواجهة هذه الظروف على خلاف التشريع فإنه ملاحق للتطورات الحديثة فالعرف يُعاب عليه انه قد يعرقل مصالح الجماعة الحديثة.

2- يؤخذ على القاعدة العرفية الغموض وصعوبة الاثبات

3- قد يكون العرف خاصاً بإقليم معين، فتتعدد القوانين بتعدد الأعراف مما يصعب معه وحدة واحدة للنظام القانوني الواجب التطبيق داخل الجماعة؟، فمصلحة الجماعة هي وحدة القانون على إقليم الدولة.

وعلى أي ف”تازناخت” كغيرها من المناطق الامازيغية عملت هي الأخرى بالعرف مند القدم؛ وقديما قال الجنرال الفرنسي “ليوطي” إبان فترة الاستعمار.. أن قوة الشعب الأمازيغي تكمن في عرفه القبلي. فإلى أي حد قد صدق هذا الجنرال.. حيث لا يمكننا ان نجيب على هذا السؤال إلا إذا استعرضنا نماذج مختلفة من هذه الأعراف الامازيغية التي تمثل بحق قوة الشعب الامازيغي..

يطلق العرف عند بعض الامازيغ في المغرب بتسميات مختلفة لكنها متشابهة من حيث الكيفية والطريقة.. فالعرف عادة هو القانون.. وبالأمازيغية الفصيحة.. هو.. ازرف، وهو مفرد، والجمع.. ءيزرفان..، وفي المغرب هناك تسميات مختلفة تطلق على هدا العرف، فهناك من يطلق عليها.. ءيمزوورا..، والبعض الآخر يسمونه.. ءيمزوارن.. ءينفلاس.. ءيدبوطناش.. آيت تبوعشرينت.. أو آيت تبوربعينت، إلى غير ذلك من التسميات الكثيرة المتعددة.. وعلى أي فالعرف الامازيغي هو ذلك القانون القديم الدي ينظم سلوك الفرد والمجتمع في المجتمع الامازيغي القديم.. او قل انه مؤسسة او منظمة او جمعية تقليدية آنذاك؛ فهو ليس الجمعية العصرية التي نعرفها الان، لكنها جمعية اختيرت من طرف الامازيغ بطريقة تلقائية معبرة. وبشروط معروفة آنذاك وجد دقيقة.. فليس من السهل ان تكون عضوا فعالا في تلك الجمعية التقليدية العتيقة.. إذا لم تتوفر فيك شروط أهمها.. الادراك العقلي، أي البلوغ والشعبية.. أي ان تكون ذا شخصية معروفة لدى المواطنين ثم التجربة.. أي ان تكون لديك تجربة كبيرة في الميدان ثم الثقة.. أي ان تكستسب ثقة السكان من الكبير الى الصغير.

وعلى أي فالعرف في المفهوم الشعبي الامازيغي هو المؤسسة او الإدارة وهو قوة الامازيغ.. والذي يتشكل من عدد كبير من.. الاعيان.. او ءيمزوورا، وكل فرد من هؤلاء الأعيان تعطى له مهمة خاصة لا يتجاوزها وهم على الشكل التالي..

-امزوارو ن ءيمزوورا أو رئيس الرؤساء
– امزوارو ن ءيمشارا ن د ءيناغان المكلف بالحرب والصلح
– امزوارو تيضاف المكلف بحراسة الأملاك من بساتين وحقول وابوار وسواقي الى غير ذلك، أي بعبارة اصح المكلف بالفلاحة

-امزوارو ن تكمي ن تقبيلتوتيكمي هي دار الجماعة أي هو الذي يكلف بدار القبيلة
– امزوارو ن تمحضيت المكلف بأموال القبيلة
– امزوارو ن وازاين..اوتافكورت المكلف أساسا بجمع الغرامات النقدية والمالية التي يأخذها عن الخارجين على القانون
– امزوارو ن تمزكيدا..وتيمزكيدا هو المسجد أي المكلف بكل شيء يحتاجه المسجد او..تينمل..
– امزوارو ن توزدايين المكلف بالعلاقات مع القبائل الأخرى.

يتبع مع الباحث الحسن اعبا.

ملاحظة هدا النموذج من العرف الامازيغي مأخوذ من ايت واوزكيتبتازناخت الكبرى ورزازات المغرب والذي كان سائدا آنذاك قبل الاستعمار الفرنسي للمغرب

المراجع المعتمدة..

. 3223 ه – 2000 م، ص 31 ، – إسماعيل كُوكَسَال: تغير الأحكام في الشريعة الإسلامية، مؤسسة الرسالة ناشرون بيروت، ط 3

43 .229- 3990 ، ص 222 ، – عثمان فتحي: الفكر الإسلامي والتطور، دار البرق للنشر، تونس العاصمة، ط 3
44 . – معروف الدواليبي: النصوص وتغير الأحكام، مجلة المسلمون، ع 1، ص 881

. – محمد النويهي: نحو ثورة الفكر الديني، مجلة الآداب، بيروت، عدد ماي 3990 ، ص 303

– مصطفى إبراهيم الزلمي: إيضاح الفوائد في شرح القواعد على نم ط جدي د، م.س، ص 111 بتصرف يسير.

– أحمد فهمي أو سنة: العرف والعادة في رأي الفقهاء، مطبعة الأزهر، سنة 3925 )دون ذكر عدد الطبعة(، ص 3
– العرف المتداول بتازناخت ونواحيها باقليم ورزازات.

التعليقات مغلقة.