المنظمة الديمقراطية للشغل  تطالب الحكومة بوقف ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة 

طالبت المنظمة الديمقراطية للشغل الحكومة بوقف ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وإعادة النظر في قانون تحرير الأسعار والمنافسة، وتسقيف أسعار المحروقات وإصلاح النظام الضريبي وإعادة تأميم شركة “سامير” لتعزيز الأمن الطاقي الوطني.

جاء ذلك عبر بلاغ أصدره المكتب التنفيدي للمنظمة الذي من خلاله أنه يتابع بقلق بالغ ما أسماه انسحاب الحكومة وتملصها من القيام بمسؤولياتها والوفاء بالتزاماتها اتجاه تطورات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بالمغرب والتحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تواجهها بلادنا والمخاطر المحتملة المهددة للسلم الاجتماعي، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الى جانب ارتفاع أسعار الطاقة التي  تفرض ضغوطا كبيرة على القدرة الشرائية وميزانية الأسر الفقيرة والطبقات الوسطى في المجتمع المغربي مقابل استمرار الاغتناء الفاحش لما أسماهم بتجار الأزمة.

واعتبر البلاغ أن هاته الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية ناجمة عما قال إنه نتاج السياسة اللاشعبية للحكومة الحالية والتي لا تختلف عن سابقاتها الملتحية، محملا إياها المسؤولية في تأجيج مشكلة الفقر المدقع الذي بات يطال فئة واسعة من المجتمع المغربي، مع ارتفاع نسبة البطالة، خاصة في صفوف الشباب، وتآكل الطبقة الوسطى، وتراجع الاستهلاك، بفعل قانون حرية الأسعار والمنافسة الذي كرس فوضى الأسعار وشجع الاحتكار في ظل غياب الضوابط الفعالة وإجراءات المعالجة المستدامة من خلال المراقبة وتحديد سقف للأرباح مما فتح الأبواب على مصرعيها لتجار الازمات والاغتناء اللامشروع.

 

 وأكد البلاغ أنه لا تلوح في الأفق أية بارقة أمل لإصلاحات حقيقية بسبب الضعف البين الذي يتسم به عدد من وزراء الحكومة الحالية، واتباع إجراءات غير فعالة، بل وصف تلك السياسة المنتهجة بالارتجالية وغير الكافية لمعالجة تدهور الأوضاع بسبب التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات والاصلاحات الكبرى وعدم تطبيق الإصلاحات البنيوية، وعدم تقليص الاختلالات في المالية العمومية بسبب الاختلالات الهيكلية في النظام الضريبي، وتراجع النمو الاقتصادي، وتزايد عجز الميزان التجاري وانخفاض قيمة الدرهم وسياسات التقشف القسرية وغير المدروسة، وأيضا التراجع الحاد في الإيرادات الضريبية نتيجة الركود الاقتصادي وارتفاع نسبة التملص الضريبي وتبييض الأموال والتهريب والإعفاءات الضريبية غير المبررة وارتفاع النفقات غير الضرورية بشكل مفرط، واستمرار الفساد والريع والاحتكار وإعدام المقاولات الوطنية الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وتبديد وهدر الملايير  في مشاريع تعليمية وهمية وفي صفقات القضاء على مدن الصفيح، وهدر فرص الإصلاحات الكبرى.

ووقوفا على الوضع القائم حمل المكتب التنفيدي الجكومة المسؤولية عن هاته الأوضاع مرجعا كل ذلك إلى ما أسماه غياب حكومة تنفيذية منسجمة تقوم بوظائفها، في ظل انتفاء توافق سياسي بشأن المبادرات الفعّالة في مجال السياسات العمومية الهادفة إلى إنعاش النظام الاقتصادي الذي وصفه البلاغ بالمفلس وخلق فرص الشغل للشباب العاطل.

وصف البلاغ الوضع القائم بسيادة الشعارات الجوفاء والخطاب الشعبوي المسيء للمسؤولية الحكومية، وغياب نظرة شمولية للإصلاحات البنيوية والهيكلية وتعتر الإصلاح الضريبي والفلاحي خاصة الإخفاق الواضح في تنزيل أهداف النموذج التنموي وقوانين الإطار لقطاعات استراتيجية كالتعليم والصحة والسكن الاجتماعي.

 

كل هذا يأتي في ظل نظام عالمي معقد بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وانعكاسات الجفاف وسيادة سياسات عمومية ارتجالية وقرارات عنيدة تتناقض كلية مع شعار الدولة الاجتماعية،  وهو ما يزيد من تعميق هوة الفوارق الطبقية والاجتماعية والمجالية حيث يظل يرزح أكثر من نصف سكان المغرب على الأرجح تحت خط الفقر الوطني، وارتفاع معدل البطالة وفشل مشروع “فرصة” وتحويله الى صفقات حزبية وتدني وانخفاض مستمر للقدرة الشرائية للطبقة العاملة المغربية مما أدى الى استنزاف خطير للرأسمال البشري، بارتفاع الهجرة الجماعية وهجرة الادمغة والعمالة ذات المهارات العالية للخارج بشكل متزايد، مما يشكّل خسارة اجتماعية واقتصادية دائمة للمغرب.

ووقف البلاغ على الوضع الاجتماعي بما يميزه من صعوبة عيش الأسر المغربية وعسر الحصول على الخدمات الأساسية مع استمرار ارتفاع الهدر المدرسي والجامعي وضعف الخدمات الصحية والحماية الاجتماعية التي لا زالت متعثرة، كما أن ما يقارب 2 مليون مواطن أغلبهم شباب ونساء يشتغلون في الاقتصاد غير المنظم، وارتفاع معدل العطالة وسط الشباب الذي تجاوز 40 في المائة ، بمن فيهم حملة الشهادات الجامعية حسب تقارير رسمية.

وشدد البلاغ على أن هاته السمات تصب في اتجاه المزيد من الغرق في الأزمة والمزيد من التردي الاجتماعي والتدهور المالي وتفاقم المخاطر الاقتصادية المحتملة محذرا من الآثار الاجتماعية الوخيمة المنتظرة. 

داعيا الحكومة إلى إيقاف هذا النزيف وتنفيذ التزاماتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئة من خلال وضع استراتيجية وطنية شاملة ذات مصداقية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي عبر الحد من غلاء الاسعار بإعادة النظر في قانون تحرير الأسعار والمنافسة وتسقيف أسعار المحروقات وإصلاح النظام الضريبي وإعادة تأميم شركة سامير لتعزيز الأمن الطاقي الوطني؛ والحفاظ على القدرة الشرائية  بالزيادة في أجور وتعويضات موظفي الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص، ومراجعة أنظمة الترقي المهني بإضافة درجتين جديدتين ودرجة خارج السلم لأساتذة التعليم الابتدائي والاعدادي و لهيئة التقنيين ،  وخلق نظام أساسي لدكاترة الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وإدماج أساتذة التعليم الفني المكلفين بالدروس بالنظام الأساسي لوزارة الثقافة والجماعات المحلية؛ والزيادة في معاشات التقاعد ومراجعة نظام المعاشات المدنية باحتساب آخر أجرة، والقيام بإصلاح شامل لمنظومة التقاعد في اتجاه  نظام موحد في صندوق معاشات واحد؛ و تعزيز دور جهاز تفتيش الشغل من أجل ضمان التطبيق السليم للتشريع الاجتماعي من خلال وضع نظام اساسي يكفل له الحماية القانونية والوظيفية؛ وبناء عقد اجتماعي جديد يتمحور حول الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة وتنزيل الفصل الثامن من الدستور لتنظيم الحقل النقابي وتخليقه؛ وخلق هيئة عليا للحوار الاجتماعي والشغل والرفع من الحد الأدنى القانوني للأجور المعيشية في إطار المفاوضات الجماعية والمساواة ، وبتقديم قانون مالي تعديلي للبرلمان لتحديد الاولويات الاجتماعية؛ وضمان استقرار الشغل بالقطع  مع سياسة المرونة و عقد الشغل  قصيرة المدة، وإذماج أساتذة التعليم المفروض عليهم نظام التعاقد، وعمال وعاملات الإنعاش الوطني في أنظمة الجماعات المحلية والإدارات العمومية.

 

كما أكد البلاغ على ضرورة تحقيق العدالة واحترام أخلاقية المهنة، والتشريعات الدستورية والانسانية، داعيا إلى صون حقوق المتقاضين، ودعم الجمعيات الحقوقية في فضح  كل اشكال الفساد والمفسدين، معبرا عن تضامنه مع المواطنين والمواطنات ضحايا الحرائق الناتجة عن التحولات المناخية، مطالبا بتعويض خسائرهم من خلال صندوق الكوارث، وتوفير الماء الصالح للشرب بالمناطق المتضررة من الجفاف والحفاظ عليه من التبدير، وضمان سلامة المواد الغذائية والادوية وجودتها ومراقبة أسعارها، والإسراع بمعالجة ملف طلبة أوكرانيا وإدماجهم في سلك التعليم العالي وعودة طلبة “اوهان” الصينية وتقديم الدعم لأسرهم لتجاوز المشاكل المترتبة عن الازمات، وتفعيل التوجيهات الملكية بخصوص ملف الهجرة واللجوء وحماية حقوق العمال والمهاجرين واسرهم وفق ميثاق مراكش و ومحاربة الإتجار بالبشر.

 

كما عبرت المنظمة الديمقراطية للشغل عن تضامنها المطلق  مع المناضل النقابي والحقوقي  الاستاذ “حبيب كروم”، معلنة إدانتها  للاعتداء الذي وصفته بالهمجي والجبان الذي تعرض له،  مطالبة بتقديم المسؤولين عنه  للقضاء.

التعليقات مغلقة.