قراءة في كتاب التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور”، لمصطفى حجازي

بقلم: محمد بتول

 

في كتابه “التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور”، يسلّط الكاتب اللبناني مصطفى حجازي الضوء على طبيعة المجتمع المتخلف، مركزًا بشكل أساسي على الجانب النفسي.

ويحاول الكاتب أن يتعمق فى بنية الشخصية، مبتعدًا عن التحليلات السطحية، ليتجه إلى شرح تعقيدات ومدلولات السلوكيات وتحليلها النفسي.

ويرى بذلك أن شخصية الإنسان المتخلف هي نتاج المجتمع المتخلف، وأن ذهنية ذاك الإنسان تتصف بالجمود والقطعية، وتفتقر إلى التجريد والجدلية والمرونة، وإذا كانت انفعالية مفرطة فينقصها التفكير العقلاني والضبط المنطقي.

وعلى الرغم من تعبيره بأن هناك ردود فعل بدائية من الشعوب المقهورة التي تمر بمراحل متعددة كالرضوخ والكبت والتمرد، دافع الكاتب عن هذه الشعوب أمام اتهامات بعض المستشرقين بأنها تعاني من “تخلف عرقي متأصل”.

يرسم الكاتب الملامح النفسية الأساسية للوجود المتخلف في القسم الأول من الكتاب، ويخصص القسم الثاني لاستعراض أهم الأساليب الدفاعية التي يواجه الإنسان المتخلف من خلالها مأزقه الوجودي.

وعلى مدى فصول الكتاب التسعة، يحدد الكاتب التخلف ويعرفه استنادًا إلى النظريات التي نشأت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويستعرض طرق دراسة التخلف، ويعاين المنظور النفسي لها.

ويحاول الكاتب سرد قراءات في الاضطهاد والتمرد والمجابهة التي يتبناها المجتمع، والتي تتمثل في مظاهر متعددة، مثل الاستجابة الحرجة للقهر والتسلط والمقاومة، والتخلص من عقدة الخوف من الموت في سبيل حياة أكثر كرامة.

ويتحدث عن الأساليب الدفاعية للإنسان المقهور في مجابهة القهر الواقع عليه، متخذًا العديد من الأساليب الدفاعية، وأهمها: الانكفاء على الذات، والتماهي مع التسلط، والسيطرة الخرافية على الواقع، والعنف.

ويتناول موضوع العنف بشكل تفصيلي، كوسيلة مجابهة متقدمة، ويشرح مظاهره، ويتناول أشكاله العدوانية، ويحلل رمزيته، ويستعرض نظرياته النفسية.

ويخصص حجازي الفصل الأخير في كتابه لبحث “وضعية المرأة” في المجتمعات المقهورة، إذ يراها أفصح الأمثلة على وضعية القهر بمختلف أوجهه في المجتمع المتخلف.

ويقول إن المرأة هي محط كل تناقضات وتجاذبات الإنسان المقهور في العالم المتخلف، وتحليل وضعيتها ومكانتها يكشف أكثر من أي أمر آخر خصائص الوجود المتخلف ومآزقه.

ويضيف أن وضعية المرأة في مجتمع ما تلخص الصراعات والمآزق الأساسية لهذا المجتمع، ولا نهضة للمجتمع المتخلف من دون نهضة المرأة، وتخلصها من أدران القهر والتسلط.

ويتضمن الكتاب في نهايته معجمًا موجزًا للمصطلحات الأكاديمية الواردة فيه، بهدف تبسيطها وتسهيل فهمها للقارئ غير المتخصص.

صدر الكتاب لأول مرة عام 1976، عن المركز الثقافي العربي، وتتوفر في الأسواق حاليًا الطبعة التاسعة منه، التي صدرت عام 2005، ويبلغ عدد صفحاتها 256 صفحة.

مصطفى حجازي أكاديمي ومفكر لبناني، حائز على شهادة دكتوراه الدولة في علم النفس من جامعة “ليون” في فرنسا، ومتخصص في علم النفس والبحوث والدراسات السكانية.

التعليقات مغلقة.