مدينة “صفرو” بين حلم الإقلاع التنموي والموت القسري المفروض من قبل المسؤولين

جريدة أصوات: 

مهما حاولنا الحديث عن مشاكل مدينة “صفرو” و الإحاطة بها فلن نستطيع أن نغطيها كاملة لكثرتها وتعددها، لكننا سنحاول عرض الأجزاء الهامة منها، لعلنا نثير انتباه القارئ ونصيب نفعا من هدا المقال.

تعتبر مدينة “صفرو” من المدن المغربية الأطلسية التي تحتل أهمية تاريخية وجغرافية هامة، إذ تتميز بموقعها وبتنوع تضاريسها ومناظرها الطبيعة الأخاذة، إضافة إلى بعض مآثرها التي اندثرت بفعل العامل البشري، ومنها ما هو سائر في طريقه للاندثار بسبب الإهمال، وبالرغم من ذلك تبقى هذه المدينة بعيدة كل البعد عن أدنى شروط التنمية، وللوقوف أكثر على أهم المشاكل التي تعرفها هذه المدينة والتي تقف عائقا أمام عجلة التنمية، سنحاول في هذا المقال الذي قد يزعج البعض أن نقف على واقع بعض القطاعات الهامة.

 

المآثر التاريخية عرضة للاندثار والإهمال :

رغم أن المواقع التاريخية التي تزخر بها مدينة صفرو ك”القصبة” بدرب عمر ، و”الكنيسة” (تم هدمها)، و موقع “اللاسيلكي” الذي يعود لفترة الاستعمار والمتواجد على مشارف مدينة صفرو، ومقبرة “اليهود”…، هذا دون أن نتحدث عن مواقع تاريخية أخرى لا تقل أهمية هي الأخرى بالمناطق التابعة لنفوذ عمالة صفرو، إلا أن هذه المواقع التاريخية رغم أهميتها فهي معرضة للإهمال والنهب، وللاستغلال اللاعقلاني، من طرف بعض المواطنين الذين لا يعرفون قيمة مثل هذه الآثار، ولا يقدرونها حق قدرها، وهذا راجع إلى عدم اهتمام السلطات المحلية وكذا الجهات الوصية المعنية بهذه الأماكن الهامة جدا؛ والتي من شأنها ان تساهم بشكل كبير و فعال في جلب السياح من داخل و خارج الوطن إلى المدينة وهو ما قد يخلق رواجا اقتصاديا وثقافيا حقيقيا.

القطاع الفلاحي يتجه نحو المجهول:

من مميزات مدينة صفرو كونها محاطة بمواقع مائية مهمة، كواد أݣاي وسد علال الفاسي…، وهو ما يجب أن يجعل منها جنة خضراء بجهة “الأطلس المتوسط” إلا انه وبالرغم من الامتيازات الطبيعية التي حباها الله بها إلا أنها لازالت تعرف تدهورا فلاحيا كبيرا وهو ما تبينه الاحتجاجات المتعددة والمتكررة والشكاوى التي تبين الصراع القائم حول الطريقة التي يتم بها توزيع الثروة المائية بين أصحاب الضيعات الفلاحية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة مما يتسبب في ضعف المردودية وتلف المحاصيل الفلاحي.

أما “وادي أݣاي” الذي طالما كان وفيا للفلاحين بجريان مائه الدائم فهو يتعرض في السنوات الأخيرة لعبث كبير حيث أصبح يتخذ كموقعا لرمي الأزبال وبقايا الهدم بذل اتخاذه متنفسا ايكولوجيا، ونفس الشئ ينطبق على شلال “واد أݣاي” الذي أفسده أصحاب “الزطاطة” اللذين يقومون بكراء أماكن لجلوس الزوار بأثمنة غير معقولة.

 

هذا دون أن نتحدث عن المجال البيئي المحيط بالمدينة، الذي يعرف وضعية كارثية بالمطرح البلدي المتواجد على مشارف المدينة وإحراق الـأزبال وما يتركة من آثار بيئية خطيرة، إضافة إلى الرائحة النتنة الصادرة منه، مما يؤثر على صحة المواطنين وسلامة البيئة.

 

الجانب الصحي:

رغم سلسلة التدشينات والمجهودات التي تبذلها المؤسسات الوصية على هذا القطاع إلا أننا لا زلنا وإلى يومنا هذا نسمع أهات واحتجاجات المرضى، ولنفس المشاكل السابقة التي كانت تعرفها المدينة، فلا زلنا نسمع عن اضطرار المواطنين لنقل مرضاهم إلى المستشفى الجامعي بفاس.

وبالرغم من أن المستشفى الإقليمي يتوفر على تجهيزات لا بأس بها، فإن القطاع الصحي بالمدينة يحتاج فقط إلى مزيد من الأطر، ويحتاج إلى إضافة بعض المرافق الضرورية.

وهو ما يجعلنا نتساءل، هل حمل كلام هذا المسؤول محمل الجد، ويجعلنا نتساءل أيضا عن دور المسؤولين والمنتخبين المكلفين بحمل مطالب وهموم الساكنة والبحث عن الحلول الناجعة لها.

 

غياب الطرق والكهرباء:

من جهة أخرى تعرف مدينة صفرو تدهورا واضحا فيما يخص شبكة الطرق، حيث أن الطرق المؤدية إلى الأحياء الشعبية والأحياء المترامية الأطراف غير مهيئة، ولا تتماشى مع متطلبات المواطن ومتطلبات العصر، ناهيك عن معاناة سكان الأحياء الجانبية المتواجدة على مشارف المدينة والتي تعاني من انعدام الإنارة العمومية بالطرقات المؤدية إليها مما يجعلها غارقة في الظلام الحالك خاصة بعد غروب الشمس وهو ما يصعب تنقل السكان، و تلاميذ المدرسة.

 

ومما يثير الاستغراب والدهشة في هذا الشأن أن هذه الإنارة العمومية أصبحت شبه منعدمة ببعض الطرقات المتواجدة بمدخل مدينة صفرو، و الآن وبعد مضي أكثر من مئة يوم على تنصيب الرئيس الجديد لمجلس بلدية صفرو فإن “دار لقمان لا زالت على حالها”، وهو الأمر الذي يجعلنا نضع علامة استفهام كبرى في هذا الباب.

 

إستفحال ظاهرة هجرة الفراشة:

تعرف ساكنة صفرو مدينة “الكرز” وحديقة “المغرب” إستياء كبيرا من استفحال ظاهرة احتلال الملك العمومي والتي جعلت المدينة من أبشع المدن.

زحف كبير وهجرة مستمرة للباعة المتجولين من مدن أخرى خلق أزمة كبيرة انضافت الى الأزمات التي تعيشها المدينة، والغريب في الأمر أن المسؤولين يلاحظون في صمت وتجاهل تنامي هذه الظاهرة يوما بعد يوم حتى أصبحت تخنق الراجلين بسبب احتلال الأرصفة من طرف “الفراشة” كما تخنق أصحاب السيارات الذين يجدون صعوبة كبيرة في تخطي الطرقات التي احتلها أصحاب عربات بيع الخضر والفواكه…

ورغم أن السلطات قامت بإيواء عدد كبير منهم في فضاءات عمومية بعضها كان مخصصا لحدائق وأخرى بنيت فيها أسواق نموذجية كلفت أموالا طائلة من المال العام، وليت هذا كان له جدوى، بل الظاهر أن هاته المشاريع أصبحت فقط تبذيرا للمال العام، حيث أن المحلات التي خصصت لإيواء الفراشة قد فوتت لتجار من مدينة أخرى، وعاد من سلم لهم إلى افتراش الطرقات ببضاعتهم، بينما هجر باعة الخضر والفواكه السوق النموذجي وعادوا ببضاعتهم الى أزقة المدينة القديمة.

وضع سببه تقاعس السلطات المحلية والمجلس الجماعي في القيام بالواجب لتحرير هذه المدينة من هذا الوضع الكارثي الذي لا تستطيع مدينة صغيرة كصفرو أن تتحمله.

 

عموما فرغم هذا الواقع العكر والجو الكئيب الذي تتخبط فيه للأسف مدينة صفرو التي هي مركز عمالة الإقليم، تبقى من حسنات شبابها وسكانها أنهم مواطنون يتحلون دائما بالصبر وبالأمل، وينظرون دائما إلى الأفق في انتظار بزوغ فجر يوم جديد يبشرهم بانطلاقة فعلية لأهم المشاريع التنموية، والمؤسسات الحيوية والمنشئات ذات الطابع الثقافي والرياضي والفني.. التي تفك العزلة عنهم، وترسم لهم ملامح الحياة الملائمة التي يحلمون بها.

فمتى يطلع فجر ذلك اليوم وتبزغ شمسه وترمي بأشعتها التي تنير مختلف مناحي الحياة؟
طبعا… يبقى الجواب عن هذا السؤال معلقا إلى حين…

التعليقات مغلقة.