أين تذهب مداخيل الغاز الجزائري؟

جريدة أصوات

وضع عالمي صعب وحرب روسية أوكرانية وحصار غربي لروسيا، وهو ما يعني مداخيل ضخمة يضخها تصدير الغاز والمحروقات، لكن هذا الوضع لم يلحظه المواطن الجزائري، فعائدات النفط والغاز على الرغم من خطها التصاعدي إيجابا، اعتبارا للعناصر السالفة الذكر، إلا أن ذلك لم ينعكس بنفس الإيجابية على الوضع الاجتماعي في البلاد، أمام موجة الفوارق المجالية والنقص في المواد، وانتظار موجات الاحتجاجات التي ساهمت كورونا والسياسة القمعية المنتهجة واستغلال السلطة للوضع الوبائي لتكميم الاحتجاجات تحت ذريعة الحماية من الجائحة والتي لا تعني في لغة السلطة القائمة إلا فرملة الحراك الاجتماعي السلمي المبارك، النابع من المعاناة اليومية التي يعيشها المواطن الجزائري الذي يتساءل عن الوجهة والجيوب التي تستفيذ من هذا الفائض النفطي والغازي، في مقابل هاته الأزمات العامة التي تعصر جيب المواطن الجزائري وتحول دون تمكنه من ضمان العيش الكريم والكرامة والحق في التعبير باعتبار ذلك حقا مواطناتيا أولا وقبل كل شيء، فأين تذهب عائدات النفط والغاز في الجزائر؟.

الوضع النفطي والغازي العالمي وتكديس صندوق عائدات النفط الجزائري

كان تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي Middle East Eye” البريطاني قد كشف أن أسعار النفط المرتفعة قد انعكست إيجابا على دول منطقة “الشرق الأوسط” و”شمال إفريقيا” بعد حرب “روسيا” على “أوكرانيا”، حيث تجاوز سعر النفط 100 دولار.

 

تقرير عكس واقع السوق العالمية وآثار هاته القفزة الجنونية في الأسعار متوقعا أن تنعم الدول الرئيسية المنتجة للنفط ببعض الأموال التي ستدخل خزائنها، في حين ستعاني الدول الأخرى من ارتفاع شديد في معدلات التضخم وزيادة حادة في أسعار السلع.

وأكد التقرير -نقلا عن خبراء في مجال النفط- أن ارتفاع أسعار النفط سيدعم مشاريع التنمية في دول “أوبك بلس” وسيضخ أموالا في خزائنها.

وأوضح التقرير أن دول الخليج، بالإضافة إلى الجزائر وليبيا والسودان، “ستكون قادرة على جني أرباح من تلك الأسعار” في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، وستساعد عائدات النفط بعض تلك البلدان في مواصلة جهودها لتنويع مصادر الاقتصاد بغية الوصول إلى مستوى تستطيع معه التقليل من اعتمادها على النفط الخام ودعم مواطنيها.

الآثار الاجتماعية الصعبة في الجزائر في ظل القفزة النفطية

على الرغم من الطفرة النفطية في مجال الأسعار نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية والحصار الغربي على روسيا، وما ضخته هاته الطفرة من عائدات مالية ضخمة على الخزينة الجزائرية، إلا أن الوضع الاجتماعي، وعلى العكس من ذلك، ازداد سوءا وقثامة.

الدخول الاجتماعي الحالي سيشكل تحديا خاصا للحكومة الجزائرية، في ظل هاته الأوضاع بانعكاساتها الصعبة على المواطن الجزائري، وسؤال العائدات النفطية، والجهة المستفيدة من هاته العائدات والتي لا يلمسها المواطن الجزائري اجتماعيا، وما يحمله هذا الدخول من ملفات اجتماعية واقتصادية وسياسية معقدة، تُثيرها النقابات والأحزاب السياسية المعارضة، وهو ما تجلى في إطلاق خدمة الحصول على الأدوات المدرسية بالتقسيط، وما عكسه من مستوى تدهور القدرة الشرائية للمواطن الجزائري في ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز التي لا يرى منها المواطن إلا الأزمات والمزيد من الأزمات والصعوبات الاجتماعية التي يعانيها أرباب الأسر.

المواطن الجزائري بين تنجيم “تبون” بوضع اقتصادي

يأخد أولويات سنة 2022 والواقع السائد على الأرض

الواقع القائم في الجزائر وعلى الرغم من السيولة النفطية والغازية يتسم بالركود الاقتصادي بآثاره الاجتماعية، خاصة في الشق المتعلق بالارتفاع غير المسبوق للأسعار، وهو ما وسع دائرة الفقر، وأفقد الأسر إمكانية الصمود في وجه تقلبات السوق والاستجابة للاستحقاقات الاجتماعية.

وما إطلاق مساحات تجارية كبرى خدمة اقتناء الأدوات المدرسية بالتقسيط. إلا مؤشرا اجتماعيا على تدهور القدرة الشرائية والصعوبات التي تواجهها الأسر في سعيها لتلبية حاجيات أبنائها الدراسية، وقس على ذلك الوضع العام، علما أن ارتفاع الأسعار بلغ مستويات غير مسبوقة، أرجعها الكثيرون إلى تقليص الاستيراد وعدم كفاية المنتوج المحلي.

ويبقى الاحتقان الشعبي قائما ارتباطا بتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، وتشتت اهتمام الأسر بين توفير المواد الغذائية الأساسية وبين تلبية الحاجيات الرئيسية للأبناء، وهو ما يبشر بدخول اجتماعي ساخن وحارق.

وعلى الرغم من قيام النظام الجزائري بضخ بعض المسكنات، خلال الأشهر الماضية، من قبيل رفع الرواتب وحجب بعض الرسوم الأساسية واستحداث منحة للبطالة، لكن ذلك لم يحقق المطلوب بسبب الفوارق الاجتماعية الكبيرة والتي يعمقها أكثر الغلاء الفاحش في أسعار المواد الاستهلاكية.

ورغم تدخل النظام موظفا لبعض من عائدات الغاز والنفط في دعم بعض المواد الأساسية كالزيت والسكر والخبز والحليب، إلا أن ذلك لم يؤت أكله بسبب المضاربات والندرة، وهو ما فجر غضب الشارع، كما وقع مع ندرة الحليب على سبيل المثال لا الحصر.

 

الرئيس “عبد المجيد تبون” لم يجد مخرجا لتخفيف الاحتقان الداخلي سوى تقديم الوعود بمراجعة أخرى لسلم الرواتب ومنحة البطالة خلال العام المقبل، تماشيا مع المداخيل الإضافية المتأتية من أسعار النفط والغاز.

 

خبراء في الاقتصاد وسياسيين معارضين تحدثوا عن تفشي ما أسموه بسياسة توزيع الريع النفطي من أجل شراء السلم الاجتماعي، بدل تحريك وثيرة الاقتصاد المحلي والتحرر تدريجيا من تبعية مداخيل النفط.

المشاكل تعمقت مع انتهاج الحكومات المتعاقبة في الجزائر مند نهاية 2019 تدابير تقشفية غير مسبوقة بذريعة الحفاظ على على التوازنات الكبرى للدولة، عبر نهج تقليص فاتورة الواردات إلى سقف 30 مليار دولار لتخفيف العجر التجاري، إلا أن هاته  السياسة كانت على حساب الحاجيات الأساسية للمواطنين، وهو ما ساهم في احتداد مشكلة ندرة المواد وبالتالي ارتفاع  الأسعار.

التعليقات مغلقة.