بمناسبة اليوم العالمي للمطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام، شهادات من محكومين بالإعدام في المغرب

نشر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، شهادات لعدد من المحكومين بعقوبة الإعدام، بهدف الترافع حول هاته القضية، وتبليغ أوضاع هاته الفئة الاجتماعية للعالم أجمع، ومقاربة العقوبة من جميع الأوجه القانونية والإنسانية والحقوقية، خاصة الحق في الحياة.

 

وقدمت الشهادات صور حية للمعاناة اليومية لهؤلاء المحكومين بالإعدام، وعلاقتهم بالمحيط العام، والظروف والحيثيات المصاحبة لارتكاب الجرائم، والحالة النفسية التي يعيشها الموضوعون في غرف الإعدام بالمغرب.

 


رأيت المحامي خلال الجلسة الأخيرة فقط…حين قام القاضي بتعيينه


السيد ش.ع من مواليد سنة 1992، مغربي الجنسية وأعزب، تابع دراسته إلى غاية المستوى الثانوي وكان عاطلا عن العمل، تم إلقاء القبض عليه بتاريخ 19-4-2014 حيث وجهت له تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، أعقبته جناية محاولة هتك عرض قاصر بالعنف ومحاولة القتل العمد ومحاولة السرقة بالسلاح والضرب والجرح بالسلاح واستهلاك المخدرات.

وبناء على ذلك، حكمت عليه محكمة الاستئناف بسطات بعقوبة الإعدام في تاريخ 22-5-2014، كما تم تأييد الحكم الصادر في الاستئناف بتاريخ 13-4-2015.


لم تكن نيتي القتل…لكن تأثير أقراص الهلوسة أفقدني وعيي

أبلغ من العمر 27 سنة … مرت إلى حد الآن خمس سنوات على تواجدي في السجن.

وقعت أطوار الجريمة عام 2014، عشت قبلها في الخيرية لمدة خمس سنوات، أي من سنة 2007 إلى 2011 تقريبا، وبعد خروجي منها، شرعت في بيع المخدرات مع ابن خالي.

في أحد الأيام، نشب خلاف بيني وبين أحد الزبائن، فتناولت حينها بعض أقراص الهلوسة التي هيجتني وجعلتني أفقد وعيي، ثم حملت سلاحي وهاجمت عائلة الشخص الذي تعاركت معه فقتلت فتاتين، وأصبت أحدهم بعاهة مستديمة …  لم تكن نيتي القتل، كنت أحاول الدفاع عن نفسي لكن تأثير أقراص الهلوسة هو ما جعلني أفقد وعيي … لم يسبق لي أن حكمت من قبل بالسجن.

 

تم اعتقالي من طرف رجال الدرك بعد أن قمت بمقاومتهم، لكنني اعترفت بكل ما نسب لي أثناء التحقيق وحتى خلال المحاكمة التي استغرقت جلستين، حيث حكم علي في الجلسة الثانية بالإعدام…

 

عشت خمس سنوات في الخيرية…كان أبي معتادا على دخول السجن بسبب اتجاره في المشروبات الكحولية والمخدرات…

 

تقع الخيرية حيث كنت أعيش في منطقة الكارة، بينما كان والدي يعيش في بادية قريبة منها، حيث كان معتادا على دخول السجن بسبب اتجاره في المشروبات الكحولية والمخدرات…لدي أربعة إخوة يتابعون دراستهم، أحدهم أكبر مني، لكنني لا أعرف عنهم شيئا … علما أن أبي قد زارني مرة واحدة.

 

فيما يتعلق بظروف محاكمتي، فقد رأيت المحامي مرة واحدة، خلال الجلسة الأخيرة بعد أن قام القاضي بتعيينه، فسألني إن كنت متأكدا من كل اعترافاتي ثم حكم علي بالإعدام. وبعد مرور جلستين في مرحلة الاستئناف، تم تأييد الحكم الابتدائي ولم أطلب حينها النقض، لكن النيابة العامة قامت بذلك … لتقرر المحكمة عرضي على الخبرة النفسية كي أخضع للعلاج…

 

لم أكن أعاني من أي مشاكل صحية أو نفسية قبل دخولي السجن، فقد كنت مدمنا على مخدر القنب الهندي ولم أكن أتعاطى أقراص الهلوسة، باستثناء يوم الجريمة حيث كانت النتائج فظيعة.

لقد عملت لمدة قصيرة جزارا في مدينة سطات، لكني التجأت بعدها لتجارة المخدرات … خلال تواجدي في الخيرية، كنت أتابع الدراسة وانقطعت عنها حين بلغت مستوى الأولى بكالوريا …


ليس هنالك حل لتلبية مطالبك في السجن… وقد حاولت الانتحار أربع مرات


مشكلتي أنه لا يزورني أحد. أخبرني أحد الموظفين بأن المحكومين بالإعدام يستفيدون من الدعم، وهو ما دفعني لأن أطلبه من الإدارة، وكان ثمن ذلك محاولتي الانتحار أربع مرات، لأنهم ام يكونوا يمدونني به إلا بعد أن يروا أنني  قد ألجأ للانتحار…وكما ترون الندوب لا زالت بادية على جسمي …

 

كنت أستعمل شفرة الحلاقة لمحاولة الانتحار عندما أكون في الحمام لأنه كان بوسعي الحصول على واحدة … وقد كنت على وشك قتل نفسي عدة مرات، علما أن هذا لن يساعدني على إيجاد حل…


عقوبة الإعدام حكم عادل …لقد قمت بخطأ فادح… والقاضي هو من يملك السلطة التقديرية


ليس هناك أي متابعة طبية، يمكنك أن ترى الطبيب فقط حين تطلب ذلك …كنت أتناول دواء منوما لفترة، لكن تم تغييره بحقنة مهدئة. وهي حقنة تجعلك غير قادر على النوم ولا التحدث ولا الحراك … على حد علمي وكيل الملك هو من يقرر إن كنت سأحقن بها أم لا، وذلك بناء على المشاكل التي أثيرها لكي أتمكن من انتزاع حقي المشروع …

 

أود أن أكون في زنزانة انفرادية، فأنا محكوم بالإعدام ولا يمكنني أن أكون مع أشخاص محكومين بالمؤبد أو بعشر سنوات …عقوبة الإعدام حكم عادل، نعم لقد قمت بخطأ فادح، وأنا لست مظلوما …لم أتفاجأ بالحكم…فأنا، كما سبق وقلت، ارتكبت جريمة فظيعة، ويبقى القاضي صاحب السلطة التقديرية …

 

بالنسبة لعلاقتي بالضحايا قبل وقوع الجريمة… فقد كانوا يقيمون في نفس المنطقة حيث يوجد منزل جدي، لكن لم يكن هناك أي خلاف سابق معهم، فأنا نادرا ما أزور جدي في البادية، حتى أنني لم أكن أنوي قتل أحد، لكن جرعة الأقراص المهلوسة التي تناولتها هي من أدت بي إلى الاندفاع وارتكاب الجريمة …

 

نعم تم تعيين محامية في إطار المساعدة القضائية، التي أعرف فقط أن إسمها  “ن.س”،  حيث لم يسبق لها أن زارتني من قبل … لقد تم النظر في قضيتي في محكمة سطات … بقيت لمدة شهرين بمستشفى الأمراض العقلية ببرشيد تم رجعت إلى هنا منذ أربعة أشهر … كانوا يصفون لي نصف حبة مهدئ طيلة اليوم وهذا غير كاف لعلاجي… رآني الطبيب مرة واحدة أعد خلالها تقريرا بخصوصي، ثم أتى رجال الدرك بعدها وأعادوني إلى السجن…

 

نملك الحق في الخروج إلى الفسحة ساعة كل يوم، وليس هناك بديل سوى النوم مع أنني لا أستطيع ذلك. فأنا أظل أفكر في مشاكلي خصوصا مشكل الدعم …أعلم أن ثلاثة من السجناء المحكومين بالإعدام فقط هم من يستفيدون من الدعم، كما أن موظفا في سجن آخر كان قد أخبرني بأنهم يمنحون الدعم للمحكومين بالإعدام في السجن الذي يعمل فيه، وأصدقائي المحكومون يخبرونني أنه يطلب منهم عدم إخبار أحد بتلقيهم للمال.. أتغذى فقط مما يمنحونه لنا من أكل، أما السجائر فأطلبها من الآخرين…

 

طبيعة علاقتي مع باقي السجناء ليست سهلة…كل منا يعيش في عوالم الأزمة التي يمر منها، لذلك أفضل الانتقال إلى الزنزانة الانفرادية لكي أقضي عقوبتي في سلام بعيدا عن المشاحنات مع الآخرين…  لقد كنت معتادا على ممارسة الرياضة، لكن بعد أن تم حقني بالحقن المهدئة عدة مرات لم أعد قادرا على ممارسة الرياضة… لا أواجه أي مشكل مع الموظفين، بل مشكلتي الرئيسية هي عدم الاستفادة من الدعم … لم يتم الاعتداء علي من طرف أي شخص داخل السجن بصفة خاصة…

 

أضربت عن الطعام ثلاث مرات في هذا السجن، وقمت بخياطة فمي بالخيط حتى لا أتكلم مع أحد…

 

لم يسبق لي أن تقدمت بشكاية أو طلب للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لكنني سأقوم بمراسلتكم مستقبلا في حالة تعرضي لأي مشكل.

 

المصدر: المجلس الوطني لحقوق الإنسان

التعليقات مغلقة.