حادثة سير تودي بحياة مواطن بفاس والعدالة تطلق سراح المتسبب فيما ابن الضحية يقول يجب أن يعاقب الفاعل هذا هو لب وجوهر القانون وما مورس ليس بعدل

المشكلة الكبرى التي تعترض التقدم والتنمية والتطور هو في تنزيل كافة المقتضيات والقرارات والمراسيم الصادرة والبرامج المعلن عنها أثناء الحملات الانتخابية أو من خلال قبة البرلمان، لما لهذا الفعل من قوة قانونية وباعتبارها المقياس الأساسي للحكم بالنجاعة، وهو نفس الأمر الذي يهم المقتضيات القانونية المتعلقة بالعدالة والتشريعات والنصوص القانونية، خاصة في الشق المتعلق منها بتنفيذ فصول أو أبواب ليس فيها غموض ولا تحتاج لاجتهاد قضائي، على الرغم من أن الاجتهاد في حد ذاته يجب أن يخضع للمساءلة، لأن القانون واضح ويحث على أنه “لا اجتهاد مع وضوح النص”، مرجعنا في هاته التوطئة هو معاناة حملها مواطن من مدينة فاس ل”جريدة أصوات” ابتلي هو وأسرته بقهرين، الأول متعلق بوفاة الوالد في حادثة سير، والثاني بإفلات المتسببة في الحادثة من العقاب، والسبب في هذا الإفلات يبقى غامضا، وتشوبه ألف أسئلة؟؟؟.

وهكذا ووفق ما نقله لجريدة “أصوات” المواطن “يوسف الصفار” فقد تعرض والده لحادثة سير مميتة داخل المدار الحضري لمدينة فاس، وبالضبط قرب إحدى المؤسسات التعليمية، والتي يلزم القانون ويشدد على ضرورة الاحتياط في السرعة خلال الاقتراب منها، كما تشير إلى ذلك وسائل التشوير المعتمدة، والملصقة لتنبيه السائقين.

الحادث نتج عن السرعة التي كانت تقود بها إحدى السيدات سيارتها، والتي فاجأت والد “يوسف” الذي كان يهم بقطع الطريق، بقبالة إحدى المؤسسات التعليمية، ليفاجأ بسيارة تقودها سيدة بسرعة جنونية، وهو ما تبرزه صور عرضها “يوسف” تتوفر الجريدة على نسخ منها تبرز قوة الصدمة وقذف السيارة للضحية مسافة بعيدة نتيجة السرعة المفرطة التي كانت تتحرك بها، الأمر الذي اقتضى نقل الضحية إلى غرفة الإنعاش وبقاؤه في هاته الوضعية لمدة 15 يوما، ليفارق الحياة عقبها.

عناصر الشرطة الذين حضروا لعين المكان واتخذوا الإجراءات القانونية ورصدوا كل تفاصيل الحادثة ومكان قذف الضحية الذي يعكس السرعة وشهادة الحاضرين الذين عاينوا التفاصيل، كانوا قد أكدوا أن اتخاذ أي إجراء وفق ما تنص عليه الأصول القانونية رهين بالتأكد من الحالة التي سيؤول إليها الضحية، وبالفعل فقد فارق والد “يوسف” المكلوم الحياة، إلا أن الإجراءات القانونية لم تفعل، كما ينص على ذلك القانون وخاصة المادة 173 من مدونة السير التي تنص على أن “كل سائق (أيّا كان هذا السائق) ثبتت مسؤوليته عن حادثة سير وتسبب، نتيجة هذه الحادثة، بعدم تبصره أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته لأحد التزامات السلامة أو الحيطة المقررة في هذا القانون أو في النصوص الصادرة لتطبيقه في قتل غير عمدي، يعاقب بالحبس من ثلاثة (3) أشهر إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من سبعة آلاف وخمسمائة (7.500) إلى ثلاثين ألف (30.000) درهم، وترفع العقوبة إلى الضعف، إذا اقترن ارتكاب الحادثة بحالة سكر أو كان تحت تأثير الكحول أو تحت تأثير مواد مخدرة؛ أو كان الفاعل تحت تأثير أدوية تحظر السياقة بعد تناولها؛ أو تجاوز السرعة القصوى المسموح بها بما يعادل أو يفوق 50 كلم في الساعة؛ أو كان غير حاصل على رخصة السياقة أو على الصنف المطلوب لسياقة المركبة المعنية؛ أو إذا كان يسوق مركبته خرقا لمقرر يقضي بسحب رخصة السياقة أو بتوقيفها أو بإلغائها؛ وأيضا إذا ارتكب مخالفات ضمنها عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بضوء تشوير أحمر؛ أو عدم احترام الوقوف الإجباري المفروض بعلامة “قف” (Stop)؛ أو عدم احترام حق الأسبقية؛ أو التوقف غير القانوني ليلا ومن غير إنارة خارج تجمع عمراني؛أو عدم توفر المركبة على الحصارات المحددة بالنصوص التنظيمية؛ أو السير في الاتجاه المعيب؛ أو التجاوز المعيب.

إذا فالنص القانوني واضح ولا يحتاج إلى منطوق اجتهاد خاصة وأن المتسببة في الحادثة كانت تسير بسرعة قصوى غير مسموح بها وهو ما تبينه آثار الصدمة على العربة ومكان إلقاء الضحية الذي تجاوز ستة أمتار، وهو ما يعكس السرعة التي كانت تسير بها المركبة، وأيضا عدم احترامها للتشوير الطرقي، لأن الحادثة وقعت بمحاذاة إحدى المدارس الابتدائية، بل أن قوة السرعة والصدمة العنيفة التي تلقها الضحية نتيجة السرعة توضحها الآثار التي نتجت عن الإصابة حيث تعرض الضحية إلى 3 إلى 4 كسور على مستوى الصدر، و”اللازمة” وإصابات أخرى،  

الشرطة أكدت أنه وفي حالة وفاة الضحية سيتم اعتقال المتسببة في الحادثة، بعد أن عانى الضحية في الإنعاش من 15 أكتوبر وإلى غاية فاتح نونبر حيث توفي، تقدم أبناء الضحية بشكاية مطالبين بتطبيق الإجراءات في حق السائقة المتسببة في الحادثة، إلا أن الأمر لم يحصل واكتفت النيابة العامة بأدائها مبلغ 10 آلاف درهم وأفرجت عنها دون أن يطالها القانون.  

المتسببة في الحادثة صرحت في المحضر بأنها كانت تسير بسرعة 40 إلى 55 كلم في الساعة، وعلى افتراض الأخذ بإقرارها بأنها كانت تسير  بسرعة 55 كلم في الساعة، فإن هاته السرعة أمام  مؤسسة تعليمية تعد مخالفة للقانون، بل أن الوقائع والصدمة والوفاة والآثار على السيارة وقوة قذف الضحية كما تبينه الصور ومحضر الشرطة تؤكد أن السرعة كانت تفوق 80 كلم في الساعة، بل أن هاته السيارة بالسرعة التي كانت تسير بها كان بالإمكان ليس أن تقتل الضحية بل أيضا تلامذة المدرسة. 

هناك تهور والقانون يجب أن يكون صارما، وإلا ستبقى عبرة سلبية تؤدي إلى ركوب موجة القتل من قبل الآخرين حينما تصلهم أن سائقة تسير بسرعة وتقتل وتخرج بكفالة 10 آلاف درهم، وأن الاجتهاد مع وضوح النص لا يمكن اعتماده، وهو ما يؤكده الفصل 169 و172 و173 من مدونة السير، وهي الفصول التي غيبت ولم يتم اعتمادها على وضوحها نصا، وغموضها تطبيقا من خلال اجتهاد معيب لا أساس له من الناحية القانونية، يقول ابن الضحية والألم يعصر محياه، الحادثة سببت فقدان الوالد وعذاب الآخرين يجب أن يعاقب الفاعل هذا هو لب وجوهر القانون، هذا الذي مورس ليس بعدل، يقول يوسف. 

التعليقات مغلقة.