من يتحمل ارتفاع تسعيرة المقاهي التي عرفت زيادة وصلت إلى 300%؟ الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم تتبرأ والحكومة في “دار غفلون”!!!

ظاهرة عزت السوق المغربية وعكست حالة الفوضى التي تعيشها السوق المغربية وغياب المؤسسات والسلطة الرقابية الحكومية، حيث عمدت المقاهي إلى تسعير المشروبات حسب هواها تزامنا مع مونديال قطر 2022، في جميع المقابلات سواء المتعلقة منها بالمنتخب المغربي أو بغيره.

ظاهرة عكست في العمق وجهين؛ الوجه الجشع لأرباب المقاهي، واعتمادهم منطق “بوحمارة” في التعاطي مع حاجيات الناس، واستغلال كافة الفرص المتاحة للإثراء عبر هذا النهج، على حساب مقدرات وجود المواطنين المحطمة أصلا، وهو الأمر الذي اعترفت به الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم، التي وجهت تحذيرا لممتهني سياسة الجشع والاعتداء على حقوق المستهلك ضدا على التسعيرة الرسمية المعتمدة، داعية إياهم إلى اعتماد التسعيرات المعتمدة، إذ وصلت هاته الزيادات أحيانا إلى 300%.

المعطى الثاني هو انسحاب الحكومة ومؤسساتها نحو المزيد من التوحش وترك المواطنين أمام سطوة المضاربين وتجار الأزمات الذين يرفعون الأسعار بدون سند قانوني، والتي ترجع مرجعيتها في الإطار القانوني المتخد سابقا، الذي كان ينص على تدخل الدولة لضبط السوق وفق ما كان منصوصا عليه في مدونة التجارة، وقانون الأسعار رقم 008/71.

المواطن يعود باللائمة إلى الحكومة ومؤسساتها التي تركت المجال للفوضى في الأسعار وتركت المواطن عرضة لهاته المضاربات مع تقنينها أسعار ما يعادل 172 فئة من الخدمات والمواد التي تهم عدة قطاعات اقتصادية. 

ولعل الأخطر الذي وضع المواطن تحت رحمة سياسة حكومية منتهجة عمقت الأزمة المجتمعية بعد أن تراجعت عن تقنين الأسعار وفتحت الاقتصاد الوطني للمضاربات والاحتكار وفوضى الأسعار، خاصة مع اعتماد قانون حرية الأسعار و المنافسة رقم 99-06 سنة 2000 وتكريسه مبدأ حرية الأسعار.

الوضع القائم يعكس الفوضى الشاملة التي تعيشها الأسواق والتي وضعت المواطنين والمستهلكين تحت رحمة المضاربات والاحتكار والفوضى، وعجز الدولة بالمطلق عن تدبير هاته الفوضى على الرغم من أن الجائحة كما حرب أوكرانيا أكدتا فشل هذا التوجه ليس على المستوى الصحي فقط بل على مستوى تهديد الأمن والاستقرار الغذائي والسياسي، واختلال التوزانات لصالح الأزمة الشاملة كما وقع عام 1929، والتي اقتضت التراجع نحو تدخل الدولة في ضبط الدورة الاقتصادية ومحاربة الاحتكار وضبط الأسعار عبر تطبيق المتوازية الاجتماعية التي تنص على تطبيق السلم المتحرك للأجور لضمان الاستقرار.

الجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم ترى أن هذا الأمر سيترتب عنه متابعات قانونية لكل الذين أقدموا على هذا الفعل، داعية إلى الحفاظ على نفس الأسعار في المباريات المقبلة التي سيخوضها المنتخب الوطني في كأس العالم بقطر، منهية أية علاقة تنظيمية بهاته المسلكيات، ومحملة مرتكبيها المسؤولية بعيدا عن الهيئة وتنظيماتها.

 

موقف الهيئة يعري بما لا يدع مجالا للشك واقع الفوضى الذي تعرفه السوق، وفي نفس الوقت تراخي الأجهزة الحكومية في اتخاذ الإجراءات القانونية والزجرية في حق المخالفين للتسعيرات المعروضة اعتبارا لكون تلك المقاهي تقدم معروضات محددة السعر، تستفيد من دعم الدولة كالشاي والسكر والقهوة…، وهو ما يخضعها لإجراءات زجرية قانونية، وسحب الرخصة الممنوحة مع الإغلاق، وهنا من الممكن أن نتحدث عن دولة اجتماعية وليس عن خطابات شعبوية، فيما نترك المواطن تحت رحمة المضاربات والفوضى والقتل اليومي، لتطبق الحكومة القولة المأثورة “كم من أشياء قضيناها بتركها”. 

التعليقات مغلقة.