تازة: بين ماض مسرحي شامخ وواقع تراجعات وخربشات الى حين

تازة بين ماض ثقافي مشع وواقع راهني أليم

عبد السلام انويكًة

 

دوما ومنذ عقود من الزمن كانت تازة فضاء فنون أدائية حية، لعل المسرح من تعبيراتها التي كانت أكثر صدى الى عهد قريب، وقد كافح أعلامه من أجل ترسيخه وإغناء مشهده ولغته وكيانه وتعبيره وفرجته منذ ستينات القرن الماضي، وهذا ما جعل مسار فعل المدينة المسرحي عموما طيلة هذه المدة، بزخم إنتاج ووهج وإسهامات وتفاعلات هنا وهناك وقد أثثتها أسماء واستحقاقات داخل البلاد وخارجها.

مع أهمية الاشارة لِما طبع تجارب المدينة، من ذكاء تعبير وشجاعة أدبية ونصوص فضلا عن حضور ومخيال وإخراج وعرض وخشبة وتشخيص واحتفالية، دون نسيان ما كان عليه سلف مسرح تازة من تأسيس وبناء وإشعاع، خاصة سنوات ثمانينات وتسعينات القرن الماضي والى غاية بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة، وهو ما طبع المدينة بصدى مسرحي جعلها شرفة من شرفات أب الفنون بالمغرب، قبل أن يشهد واقع حالها ما شهده من فتور.

جدير بالاشارة الى أن عنوان تازة الثقافي كان هو المسرح على امتداد نصف قرن، نظرا لِما كان يتنفسه من فكر وإبداع وحضور وانفتاح على تراث وجدل عيش وقضايا انسان ومقامات.

هكذا كان مسرح المدينة بنبض حياة وزمن رافع مؤثث لثقافة ومواعيد ومشهد وتلاقح، جامع  لتجارب وأسماء من قبيل، قويدر الزرهوني، محمد العوفير، الباهي العلوي، محمد بلهيسي، أحمد بنجدي، أحمد بلغازي، فتيحة حيمر، مصطفى أزرق، سلام طنيطن، نور الدين بنكيران، عبد الحق بوعمر، حفيظ سالمي، نجيب طريمس، يوسف وطاتي، عبد السلام برينسي، رشيد سهلي، مداني عدادي، رشيد فناسي، محمد بنجدي، محمد معلاوي، محمد بلخدير وغيرهم كثير ممن لمع  في هذا المشهد.

فضلا عما طبع المدينة من تجارب جمعت بين لواء مسرحي ومسرح تأسيس، مسرح بلدي وغيره من أرشيف محلي يبدو أنه فقد قدرا معبرا من بريقه إلى حين.

بعيدا عن ذاكرة المدينة هذه، يسأل رأي واسع من مهتمين ومتتبعين عن الذي تبقى من مسرح تازة بعد ماض مشرق، أين هو الآن كحضور ونوع ونصوص وتدافع وفرجة؟، ماذا تبقى منه عمليا وإشعاعا ودينامية إلى عهد قريب؟، ولماذا ما هو عليه من منطقة ظل غير خاف خلال السنوات الأخيرة؟، وما سر فتور ووهن بات حاله؟، وأين هو بنزين فرجته من أسماء كانت بوهج رفيع إلى عهد قريب؟، وما سر اهتزاز صورة ومكانة وفرجة ونبض مسرح تازة”.

خلافا لِما كان عليه من قطب يعج بتأطير ونظر وطرح وإبداع وضيف..، وهل ما هناك من نزيف مبدعين مسرحيين متميزين من أبنائها، كان بأثر فيما يوجد عليه من موت شبه سريري فضلا عما يتنفسه من خربشات مناسباتية، خلافا لِما طبعه الى عهد قريب من توهج في تقدير كثير، ناهيك عن أسماء وتجارب كانت بدور رافع لشأنه وهيبته، تلك التي تعودت المدينة على بصمتها وايقاعها وفرجتها وكاريزميتها. فهل إذن كشفت”عيشة قنديشة” ذات ربيع عن مشهد موت يوجد عليه هذا التعبير، وهل أحرقت بسحرها عمائم أهل مسرح بعد ما أبانت من عظمة بصمة، مقابل ما هناك من بقية خريف ليس إلا.

التعليقات مغلقة.