بعد تصريحات وزيرة خارجية فرنسا الداعمة للمقترح المغربي حول الصحراء “ماكرون” يتصل هاتفيا ب”تبون”

بداية نهاية الأزمة "الصامتة" بين المغرب وفرنسا هل ستشعل فصول أزمة فرنسية جزائرية كما حدث مع مدريد

كشفت وكالة الأنباء الجزائرية عن اتصال هاتفي تم بين الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، يومه السبت، وقالت الوكالة إن الاتصال يمحور حول “العلاقات الثنائية وآفاق التعاون بين البلدين“.

 

وأوضح ذات المصدر أن الاتصال تداول في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، دون إعطاء المزيد من التوضيحات.

 

إلا أن جل المتتبعين ربطوا بين الاتصال الهاتفي الذي جمع “ماكرون” و”تبون” ولقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة بوزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرينا كولونا، الذي تم بالعاصمة المغربية الرباط، وإعلان باريس من الرباط دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل نزاع الصحراء المفتعل.

 

وكانت المسؤولة الدبلوماسية الفرنسية قد أجرت لقاءات مع الخارجية المغربية، لإذابة جليد العلاقات القائمة بين البلدين والتي تميزت بفتور حاد .

المهتمون وصفوا الزيارة بأنها بداية نهاية الأزمة “الصامتة” القائمة بين الرباط وباريس والتي عمرت لشهور عدة، بسبب قضايا تتعلق بالتأشيرات ومشكل الصحراء المغربية والموقف الرمادي الذي نهجته باريس في هذا الملف والذي ازداد حدة مع زيارة وفد عن الجبهة الانفصالية لمقر البرلمان الفرنسي.

واعتبر المحللون أن المواقف الجديدة التي انتهجتها فرنسا، خاصة إعلان باريس دعمها لمبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية، وإعادة منح التأشيرات إلى المغاربة، وهي الخلاصات التي حملها الموقف الفرنسي الجديد، كلها خطوات تعزز التقارب المغربي الفرنسي، والتي ستعزز بالزيارة المرتقبة بداية العام الجاري للرئيس الفرنسي، ماكرون للمغرب ولقاءه بجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

إلا أنها في الجهة المقابلة ستكون لها ارتدادات بركانية في الداخل والأوساط الحاكمة في الجزائرية، إذ أن نظام الكابرانات في الجزائر لن يرضى بأي حال من الأحوال عن هاته الخطوات الفرنسية الجديدة التي تقترب من المواقف المغربية وتعزز التجمع الدولي حول هاته المبادرة المسنودة أمميا.

 

المتتبعون للشأن المغاربي رأوا أن هذا الاتصال محاولة من باريس تحقيق نوع من التوازن في علاقات فرنسا مع المغرب والجزائر معا، درءا لكل انعكاسات سلبية لا ترتضيها باريس في علاقاتها الخارجية مع هاتين الدولتين حفاظا على مصالحها الجيو اقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، خاصة وأن الموقف الجزائري لا زال ماثلا أمام باريس بعدما قررت الجزائر قطع علاقاتها مع مدريد كرد على التقارب المغربي الإسباني، عقب إعلان هاته الأخيرة دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي.

 

والسؤال المركزي يتمحور حول رد الفعل الرسمي الجزائري إزاء تجديد باريس دعمها لمقتح الحكم الذاتي المغربي الذي ترفضه الجزائر، فهل سيكون هذا الاتصال كاف لطمأنة الجزائر؟ أم أن الاتصال تضمن التزامات فرنسية وتعهدات تقترب من الموقف الجزائري على الرغم من التصريحات التي أطلقتها وزيرة خارجية فرنسا من الرباط؟.

الأكيد أن الموقف الفرنسي ومبادرة “ماكرون” للاتصال ب “تبون” تدخل ضمن خطوة استباقية لأي موقف يمكن أن يصدر عن الجزائر ردا على هاته التصريحات الفرنسية الجديدة، ولو أن أغلب المحللين يستبعدون قيام هاته الأخيرة بهاته الخطوة، اعتبارا للعلاقات التجارية والاقتصادية الكبيرة والمتنوعة التي تجمع البلدين، بل أن بعض المتتبعين يرون أن الجزائر عاجزة عن الرد على الموقف الفرنسي لامتلاك فرنسا أوراق ضغط كثيرة ضد الجزائر عكس إسبانيا.

والأكيد أن فرنسا حاولت نهج سياسة متوازنة تقربها من الجانبين المغربي والجزائري، خاصة بعد فترة الفتور الحاد التي طبعت علاقات الرباط اتجاهها، وموقف المغرب الصريح والذي جاء على لسان عاهل البلاد والذي رفض بالمطلق المناورة في قضيته الوطنية، ورهن أية علاقات مع أية دولة بمدى ما تعبر عنه من مواقف اتجاه قضية الصحراء المغربية.

خلاصات زيارة وزيرة خارجية فرنسا للمغرب تؤكد ذلك خاصة تصريحاتها المتعلقة بدعم مقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية، وحل أزمة التأشيرات، فضلا عن إعلان بوريطة أن على فرنسا أن تعرف أن المغرب قد تطور بشكل كبير، إضافة إلى إعلانه اتفاق البلدين على توسيع التعاون بينهما في مختلف المجالات، وهو ما يعني أن جليد الثلج الذي كان يلف هاته العلاقات قد ذاب لصالح مزيد من التقارب القائم على المصالح المشتركة للبلدين.

التعليقات مغلقة.