طقس..ءيسگار..أو موسم الزواج الجماعي “تازناخت” القصبة نموذجا

الحسن اعبا

كانت قرية تازناخت القصبة، ودوار ادرگ، يشهدان في كل سنة من السنوات الماضية.. طقسا من الطقوس الأمازيغية الذي نطلق عليه.. ءيسگار..، لكن قبل أن نتطرق الى أهمية هذا الاحتفال نتساءل أولا عن ما هو الطقس..أو الطقوس..؟ ثم ما الهدف من هذا الاحتفال السنوي الذي نطلق عليه ءيسگار.؟، أو بالأحرى ما هو ..ءيسگار…..؟

الطقوس هي ما يميز الإنسان ويعطيه خصوصية وجودية هو القدرة التي يملكها على عقل الأشياء، وإنشاء الرموز وشبكة المعاني، فالعيش بالرموز وتوظيفها فعالية إنسانية بكلّ امتياز، بها يعيش الإنسان ويؤتث وجوده، ويبني عالمه المادي والمعنوي، ويرسي نظام الأشياء والعلاقات بينه وبين الآخرين من الناس. 

ودلالة الأشياء والعلاقات لا تدرك إلاّ من خلال استعمالاتها وممّا تتضمّنه من معنى في حياتهم وممّا تتخذه من دلالة في متخيّلهم الجمعي.

وكما قال “بيار أنصار” فإنّ المجتمعات سواء الحديثة منها أو التقليدية أو تلك المسمّاة بلا كتابة، تنتج دوما متخيلات “des imaginaires” لتعيش بها وتبني من خلالها رموزها وصورها عن نفسها وعن الأشياء والعالم، وبواسطتها تحدد أنظمة عيشها الجماعي ومعاييرها الخاصّة”.

وما يهمّـنا هنا هو ضرب من الممارسات الرمزية المنظّمة التي ينخرط فيها النّاس جميعهم بكثافة وبمختلف فئاتهم، وتكاد لا تخلو منها أفعالهم الجماعية الفردية، ألا وهي الطقوس والممارسات الشعائرية، فالإنسان من زاوية نظر أنثروبولوجية كائن طقوسي بامتياز مثلما هو كائن رمزي. 

وعندما نقارب هذه المسألة تطالعنا مجموعة من الأسئلة الأساسية: ألم تعد الأنشطة الطقوسية في مجتمعاتنا الحديثة حيث طغت العقلانية والنفعية وسيطرت روح الدّنْيَوة (sécularisation) ممارسات مفرغة من المعنى ولا تقع إلاّ في هامش الأنشطة التي تنتج المجتمع: الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية؟ ألم تبق للطقوس سوى مجالات ضيقة في مجتمعات تهزها موجات من فقدان العالم الاجتماعي لسحره (désenchantement du monde) كما يقول ماكس فيبر؟ ثمّ إذا كانت المجتمعات الحديثة قد “تعقلنت” واتجهت أفعال الناس فيها أكثر فأكثر نحو النجاعة، وغمرتها موجات الدّنيوة، أفلا يعني ذلك أنّ مجالات الممارسة الرمزية ذات الشحنات السحرية، والطقوس، قد ضاقت ولم تعد ذات معنى مثلما كانت في مجتمعات التقليد؟.

لكن من زاوية نظر جدلية ثمّة أسئلة أخرى وجيهة تطرح أيضا، أليست الفعل الطقسي لصيقا بكل الأفعال الاجتماعية، وأنّ الاحتفالات الطقسية مناسبات للتعبئة وتجييش الوعي الجمعي بطاقات من المعنى في مجتمعات تتغيّر بسرعة، وتعيش أزمة كينونة؟ أفلا تنهض الممارسات الطقوسية بوظائف اجتماعية حاسمة فتشبع حاجات كامنة في حياة الجماعات وتدخل في مبادلاتهم المادية والرمزية؟ ألا تٌوظّف ممارسات الطقوس بوصفها وسائل رمزيّة لتأسيس السلطات والمراكز الاجتماعية (les statuts sociaux) وإضفاء الشرعية (légitimer) على السلطات وأشكال التمايز القائمة بين الأفراد والجماعات؟ ألا تندرج تلك الممارسات ضمن المساعي الفردية لتعزيز ملكية الثروات الرمزية في سوق الشرف والاحترام (respectabilité) بحسب تعبير بيار بورديو…

ومهما تكن طبيعة الأسئلة المتفرعة عن هذا الإشكال، فإننا نعتقد أنّه ثمّة صعوبة بما كان تطالعنا ونحن نفكّر في الظاهرة الطقوسية أو نقاربها اليوم، وهي تتصل أساسا بأمرين: أمر أوّل يرتبط بموقع الطقوس والمقدّس في المجتمعات الحديثة، وبكيفية مقاربتها علميّا.

فإذا “كان الدين (الذي يتجسّد دوما من خلال الطقوس) في مجتمعات التقليد”، كما قال “إميل دوركايم”، يكاد يشمل كلّ شيء تقريبا” و”كان الاجتماعي (le social) مرادفا للديني تقريبا” ثم تخلّصت الوظائف السياسية والاقتصادية والعلمية في المجتمعات الحديثة، ولو جزئيّا، من الوظيفة الدينية، ومن القداسة المرتبطة بها لتأخذ الممارسات لاحقا صفة زمنية واضحة، فهل سنبقى نقارب الطقوس على أنّها ملتبسة بالمقدّس والديني وأنّها واقعة في جوهر الاجتماعي؟ أم سنخرجها من قلب الاجتماعي ونبحث عنها في هوامشه وأطرافه بما في هذا الخيار المنهجي من تبعات معرفية وعملية تمسّ وظائف الطقوس ودلالتها؟.

أمّا الأمر الثاني فهو متأتّ من الأوّل، فمع اتساع مجال العقلنة الكبير في الحياة الاجتماعية الحديثة، وانتشار منطق النجاعة والنفعيّة في العلاقات الاجتماعية، فما الحاجة إذن إلى ممارسة الطقوس في عصر يُمجّد فيه العقل النفعي والتقنية، والبحث عن المردودية والربح المادي المباشر إذن؟ ما فائدة الأفعال والممارسات الرمزية التي “لا تنتج” فائدة؟ أليس الاهتمام بالتأملات ومنتجات الخيال (les produits de l’imaginaire) انشغالا ترفياّ وإضاعة للجهد والوقت؟ ثمّ ألا تستعصي مقاربة الظاهرة الطقوسية عن الضبط العلمي والمعالجة الوضعية كلما حاولنا ذلك، وهو ما يجعل التفكير فيها غير ذي فائدة في زمن يقتضي الصرامة الإجرائية والمعرفة الدقيقة؟.

وتشير لفظة “طقس” إلى الكيفية التي يتمّ بها أداء الأنشطة المقدّسة وتنظيمها في إطار احتفالي، ويشار بها في الديانة المسيحية إلى “النظام الذي تتمّ به الشعائر والاحتفالات الدينية المقدّسة”.

ومن حيث الأصل اللغوي تتأتّي لفظة “Rite” في اللاتينية من “Ritus” ويعنى مجموع “الأنشطة والأفعال المنظمة التي تتخذها جماعة ما خلال احتفالاتها”، فالطقس يعني من خلال كلّ هذه التعريفات، مجموعة من “القواعد” التي تنتظم بها ممارسات الجماعة، إمّا خلال أداء شعائرها التي تعدّها مقدّسة، أو من خلال تنظيم أنشطتها الاجتماعية والرمزيّة وضبطها وفق “شعائر” منتظمة في الزمان والمكان.

وفي اللغة العربية يشمل مضمون “الطقس” الدلالة على “الشعيرة”، ولئن اقترن مدلول الشعيرة في اللغة العربية بما يدلّ على الممارسات المقدّسة التي تدخل المؤمن في حالة القداسة وتجعله يؤتي مناسكه التعبدية، ويحيل أيضا على المراسيم التي تنجز ضمن التعاليم الدينية للدخول في تجربة القداسة (كتلك المرتبطة عند المؤمنين مثلا بفرائض العبادات من صلاة وحجّ، وبشعائر الموت والأضحية وغير ذلك)، فإنّ مجال الطقوس يشمل أيضا إلى جانب ذلك الأنشطة والممارسات غير الدينية، بما في ذلك الأنشطة الاقتصادية والسياسية والرياضية، وأفعال التواصل والتبادل التي تتمّ بين الأفراد في معيشهم اليومي.


ولقد أولى “ايرفينغ قوفمان” لطقوس التفاعل في الحياة اليومية (rites d’interaction) اهتماما أساسيا في مقارباته السوسيولوجية للممارسات “البسيطة” في حياة الناس اليومية، مبيّنا ما يقع فيها من انتظام، وما تختفي من ورائها من نظم رمزية تسيّر عمليات التواصل الأكثر شيوعا بين الأفراد في الحياة اليومية.

وتكمن فائدة أعمال “قوفمان” في أنّه كشف عمّا وراء “فوضى” الممارسات اليومية، من أنشطة منتظمة، ينخرط فيها الناس ويتقيّدون بها دون أن ينتبهوا إلى ما فيها من انتظام رمزي، كما بيّن “قوفمان” أنّ الناس كائنات طقوسية بكلّ امتياز ولا يمكنهم العيش معا إلاّ بواسطة طقوس تنظم مبادلاتهم الرمزية المختلفة.

فالمجتمع مسرح يومي تُّؤدّى فيه الأدوار منتظمة وفق طقوس تفاعلية لا تستوي الحياة الجماعية بدونها، وضمن هذه “اللعبة” يملأ كل فرد موقعا له ضمن مسرح المكانات، محافظا خلال ذلك على مقامه ومكانته، أو على ما يسمّيه “قوفمان” بـ”ماء الوجه”.

فالمحافظة على هذا “الماء” أساسية ضمن قواعد التفاعل البشري، والحياة الجماعية إنّما تنهض على ضروب من المجازات المسرحية (métaphores théâtrales) التي تؤدى وفقها التفاعلات في الحياة اليومية.

وتخضع ممارسة الطقوس إلى جملة من الشعائر والمراسم المقعّدة تترجمها رموز الجماعة القولية منها والحركية، وتتحقق من خلالها غايات التواصل وتشبع حاجات رمزية أساسية.

وترتبط بالسلوك الطقسي جملة من الخاصيات تميّزه عن باقي الممارسات الجماعية، أهمّها انتظامه وفق تراتيب وضوابط لا يتّم التبادل الرمزيّ إلاّ بها، وإلاّ فقد التواصل مضمونه الرمزي.

ويجري كل طقس وفق سيناريوهات درامية متكررة تختلف باختلاف وضعيات التفاعل، والأنظمة الثقافية.

ومن المميزات الخاصّة التي تعطي للطقس فرادته أنّه يتمّ وفق مميّزات يمكن تحديدها في ثلاثة: أولاها التقعيد بحيث يخضع الطقس لقواعد منتظمة متعارف عليها لدى أفراد الجماعة، وثانيها التكرار حيث يعاد إنجاز الطقس في مناسبات تتالى في أوقات مضبوطة من حياة الجماعة، وحسب “توزيعيّة'” زمنية calendrier horaire، مضبوطة؛ وثالثها الشحنة الرمزيّة التي تتّخذها، ممّا يعطي الممارساتفعاليتها الرمزيّة الخاصّة.

وما سيشغلنا أكثر ضمن ثلاثية المميّزات خصوصا، هو ميزتا التكرار والشحنة الرمزية أساسا، فإذ نحن نفكّر في الممارسات الطقوسية نستحضر واقعا مجتمعيا محليّا يتّسم بالتغيّر السريع ويشهد في نفس الوقت كثافة للممارسات الطقوسية؛ وبخاصّة الدينية والاحتفالية منها.

ثمّ إنّ الزمن الاجتماعي يعاش بحسب إيقاعات وأشكال من التحقيب (périodisation) تختلف من الفردي (عيد الميلاد، الزواج…) إلى الجماعي (الأعياد الدينية والوطنية)، وتتخذ دلالات مشتركة أحيانا ومختلفة لدى الجماعات هنا وهناك وخاصّة في وظيفتها أحيانا أخرى.

ومن خلال هذا المدخل ربّما سيتاح لنا أن ندرك أكثر مبرّرات “استمرار” هذه الظواهر التي تبدو في الظاهر لامعقولة، وأن نتبيّن مبرّرات ميل النّاس وخاصّة منهم الفئات المنشغلة كثيرا بكينونتها إلى الانخراط بكثافة في هذه الممارسات الطقسية.

إنّ المميّز للممارسات الطقوسية هو تكرارها من قبل ممارسيها خلال أزمنة مضبوطة، لإحياء واقعة مضت أو احتفاء بحدث يعني للجماعة أو لأحد أفرادها رمزيّا الشيء الكثير.

و في الحقيقة، ثمّة أوضاع وأحداث كثيرة في حياة الجماعة المحلية يمكن ضبطها وفق لائحة طويلة، تستدعي ممارسة الطقوس، بعضها ديني وبعضها الآخر غير ذلك، وإنما يندرج ضمن مجالات الحياة الاجتماعية المختلفة.

ومهما يكن فإنّ ما نشهده من كثافة في الاحتفالية الطقوسية، يؤّكد منذ الوهلة الأولى أنّنا بإزاء ممارسة رمزية ضرورية تشبع حاجة/حاجات في حياة الجماعة.

وبنفس العمليات الثلاثة المصاحبة للفعل الطقسي: الشحن الرّمزي والتقعيد والتكرار، يتمّ شحن الزمن بالقداسة، وتستعاد وقائع التاريخ المقدّس مثلما تمثل في المتخيّل الجمعي، يَضمُن استرجاع وقائعها وشخوصها الرمزية تثبيت وإحياء أحداث ملهمة رمزيّا في حياة الجماعة والأفراد (مثل الأحداث الدينية، أو الوطنية أو حتى الفردية) وتبقى صورها – بالشحنات الرمزيّة الماثلة في المخيّلة حولها- تلهم الذاكرة الجماعية بالرمز والمعنى، وتمكّن المنخرطين في ممارسة الطقوس أن يعيشوا في زمنين اثنين معا: زمن أسطوري متخيّل، وآخر هو الزمن الفيزيائي الحقيقي أو الفعلي.

وعند التقاء الزمنين: المتخيّل والحقيقي يوقف الزمن المتخيّل الزمن الحقيقي كما يوقف الوصف السرد في نظام الحكي، وعندئذ يتحقق شيء مما يسمّيه “ميرسيا إلياد” بــ”العود الأبدي إلى زمن البدايات”.

وعند “وقوف الزمن” تنشط آلية التكرار والاسترجاع المميزة للطقس. من هنا ندرك ما يعنيه “ميرسيا إلياد” عندما يشير إلى دور الممارسات الدينية والطقسية في إحياء الأصول والعود الأبدي إليها.

فالطقوس وخاصّة الدينية منها تضع حاسب الزمن – وأساسا بواسطة عمليّات الاسترجاع والتكرار- في مستوى الصفر، والبدء من جديد Mettre le compteur du temps à zéro.

إنّ تعريف الطقس بهذه المعاني يؤكّد على مستويات جوهريّة يعدّ استحضارها أساسيّا في مقاربة الفعل الطقسي بما هو فعل رمزي، أوّلها ما سنسميه أساسا بالمستوى المورفولوجي للطقس.

ونقصد به بنية الفعل الطقسي ومكوّناته وكيفية انتظامها بما يسمح للطقس بالاشتغال، وأنّه يتأطر ضمن زمان ومكان يتخذان دلالة خاصّة بالنسبة إلى ممارسيه؛ وثانيا، البعد الجماعي للممارسة الطقسية، فالطقس يولّد معنى مهمّا بالنسبة للمنخرطين فيه ويشحن بكثافة رمزية. إذ ليست الطقوس في آخر الأمر سوى لغة مشحونة بخطاب كثيف ومختصر؛ وثالثا، تتّخذ الممارسة الطقسية نجاعة عملية بحكم التأثير الرمزي والوجداني الذي تحدثه في المنخرطين فيها.

فبوسع الطقوس أن تحقّق إشباعات رمزية متعدّدة لحاجات الجماعة الكامنة والمتجدّدة باستمرار، كما تمكّن ممارسيها من “تقنيات” للتحكّم في الزمن، وتأمين وضع من التوازن المطمئن لتفادي أوجاع قد تواجهه الجماعة خلال حالات التغيّر الاجتماعي السريع.

وعند الحديث في شأن وظيفة ظاهرة اجتماعية ما، ثمّة تمييز ضروري يجب إقامته بين معنيين على الأقل للفظة الوظيفة؛ وضمن هذا التوجه، كان السبق لـ”روبار ميرتون” في تمييزه بين معنى الوظيفة الظاهرة (fonction explicite) والوظيفة الكامنة (fonction latente)؛

فالوظيفة الأولى ترتبط بالغاية المستهدفة والماثلة في وعي الفاعلين الذين يدركونها عندما ينخرطون في النشاط الاجتماعي، ويسعون إلى تحقيقها عند انخراطهم في ممارستها.

أمّا الوظيفة الثانية فتتحقق من فعلهم دونما وعي أو قصد منهم، وتكون عادة غير مدرجة ضمن اهتماماتهم ووعيهم مسبقا.

وما يهمّنا هنا كثيرا في الظاهرة الطقوسية هي وظائفها الكامنة، أي تلك التي تتحقق في حياة ممارسيها دون سابق وعي منهم، وسنعرض لذلك من زاوية نظر سوسيو أنثروبولوجية أساسا.

تنهض الحياة الروحية والدينية للجماعات على مستويين: مستوى التمثلات والتصورات الماثلة في وعي الناس والمتصلة بالأشياء المقدّسة (كائنات بشريّة، أشخاصا مجردين، أشياء جامدة، حيوانات، أمكنة، أزمنة…) ومستوى الممارسات التي تظهر في أفعال الناس (احتفالات، ممارسات منظمة، عادات جماعية…)، والتي تترجم عن تلك المعتقدات الماثلة في الوعي الجماعي والفردي من خلال الطقوس وغيرها من الممارسات.

ف”المعتقدات الدينيّة تقوم في شكليها البسيط والمعقّد،- وكما يقول إميل دوركايم- على تمييز جوهريّ بين ما هو مقدّس وما هو مدنّس؛ فما ستعتبره الجماعة مقدّسا تفصله في نظامها الثقافي وتبعده عن المدنّس بجملة من الممنوعات والمحرّمات، وتحميه بجملة من الموانع والشعائر.

فالطقوس الدينية تتمثّل “في مجموع القواعد [والممنوعات] التي يتّخذها الإنسان وتتخذها الجماعات في تعاملها وتصرّفها مع ما تعده مقدّسا”، وتترجمها في جملة من القواعد والضوابط تتقيّد بها أفعالها وممارساتها.

والمهمّ أن الطقوس، الدينية منها بخاصّة، تستحيل إلى وسيلة للاتصال بالمقدّس، وإلى فعاليّة رمزية يتمّ بواسطتها الدخول في حالة ذهنية جماعية خاصّة تتسم بالقداسة، وتتجلّى عندما تنخرط الجماعة في ممارسة شعيرة واحتفال ديني ما.


إذ أنّ الحفلات الدينية بما تصاحبها من أنشطة جماعية منظمة (صلوات، رقصات، تراتيل وأناشيد…) تولّد لدى المنخرطين فيها حالات ذهنية خاصّة (état d’esprit) من الجيشان / الفوران وتتصاحب باتقاد المشاعر الجماعية و هيجانها.

تصبح الطقوس، بهذا المعنى إذن، طرائق للتصرّف والفعل الجماعي الذي يتمّ بواسطتها تنشيط حالات الوعي الجمعي، وتوضع المخيلة أثناء ذلك في موضع العمل. لقد كانت الطقوس ولا تزال في جانب كبير منها، غير مفصولة عن الدين وعن المقدّس.

فالفعل الديني هو فعل طقوسي بكلّ امتياز، بل لن يتّخذ الفعل الدينيّ فعاليته إلا بواسطة الطقس الذي يولّد الشحنة الرمزية ويملؤه بها.

وبواسطة هذه الطقوس الدينية، تتمّ الإحالات الرمزية، وينتقل الفعل الرمزي من الدلالة المباشرة إلى الدلالة المنزاحة (le sens écarté) عن “المستوى الصفر من الكتابة” كما يقول “رولان بارط”.

ونقصد هنا الانزياح عن المعنى والدلالة الأولي، بحيث أن فهم معاني الممارسات الطقوسية ودلالاتها يتمّ من خلال عمليات من الإحالة الرمزيّة التي تضرب في عمق المتخيل الجماعي والديني وتحيل إلى أعماق اللاوعي الجمعي و”أركتيباته” (archétypes) الكامنة حسب تعبير “كارل قوستاف يونغ.

فالممارسة الطقسية الدينية تتضمّن فعلا تواصليا يتم من خلاله إحياء تجربة مقدّسة تدرك دلالتها ضمن المنظومة المعتقدية الخاصّة بالجماعة.

و يجد المنخرطون فيها ضربا من التوازن الوجداني الذي يمكن أن يفتقدوه في تجربتهم وحياتهم الجماعية اليومية، معنى هذا أنّ الممارسات الطقسية إنّما تتخذ وسيلة ناجعة لخوض تجربة وجدانية جماعية خاصّة يلوذ إليها الأفراد لملء فراغ ناجم عن خلل في تجربتهم الجماعية.

فالانخراط في هذه الممارسات الطقوسية وخاصّة الدينية منها، شبيه بضرب من “العلاج” التطهيري (cathartique)، فالطقوس أفعال تترجم عن حاجات وأفكار ماثلة في اللاشعور الجمعي. و

قد سبق ل”إريك فروم” أن عبّر عن ذلك فقال: “الطقس في نهاية الأمر تعبير رمزي عن أفكار ومشاعر تتحقق بواسطة الفعل، لكن التعبير عن الأفكار والمعتقدات الماثلة في الأذهان لا يتمّ بطريقة مباشرة؛ فالرمز يعني إشارة بالدال الماثل في الفعل الطقوسي إلى مدلول كامن، وتقوم العلاقة بين الأمرين على ضرب من المشابهة أو القرابة الدلالية التي تجد ترجمة لها ضمن النسق الرمزي والثقافي للجماعة ومتخيّلها الجمعي، بحيث إنّ استدعاء الأول يعني استدعاء للثاني رمزيا.

وفي هذا السياق لا يمكن أن نمرّ دون الوقوف عند واحد ممّن انشغلوا أنتربولوجيّا بأنشطة المخيلة و إنتاجاتها الرمزية، ونقصد بذلك “جلبار دوران.

فالخيال وفعل التخيّل مكوّن جوهري للذات الإنسانية؛ ويرى “دوران” أن ثمّة مستويين محدّدين لتشكيل الصور الذهنية والخيالية: مستوى بيولوجي مترسّخ في البناء العضوي للإنسان، ومستوى رمزي تترجمه الثقافة واللغة وأشكال الإنتاج الذهني والفنّي عنده.

ويقصد “جلبار دوران” بما سماه “المسار الأنثربولوجي” للمتخيّل (le trajet anthropologique de l’imaginaire) الجدل الذي ينهض بين المستوى العضوي والبيولوجي من جهة، والمستوى الثقافي ونظام الصّور الرمزية التي تعمل وتنشط في المتخيّل. فبواسطة هذا الذهاب والعود بين المستويين تتشكل الصّور الخيالية الكبرى، وتترجم عن نفسها من خلال أهمّ أنشطة الإنسان الرمزية الخلاقة مثل الأساطير والطقوس والمعتقدات الدينية، والأنشطة الفكريّة كالأدب والشعر والفنون وحتى العلوم. و يُدرج “دوران” المتخيّل أوّلا ضمن نشاط الحواس الأساسية عند الإنسان (réflexologie) ثمّ ينتهي إلى تصنيف أنشطة الخيال إلى ثلاث محاور كبرى: موضعيّ (postural) واقتراني (copulatif) وهضمي (digestif). ثم إنّ “جلبار دوران” يؤطّر هذه الأنشطة ضمن نظامين كبيرين للصور التي ينتجها المتخيل البشري :”نظام نهاري” (régime diurne) و”نظام ليلي”(régime nocturne).

ما يشغل انتباهنا في مقاربة “جلبار دوران” وهو يتحدّث عن الأنشطة الرمزية التي ينتجها البشر، ومن ذلك الطقوس، أنها تجسّد متخيّلا جمعيا وأنّ صورها تشتغل وفق أنظمة يمكن ضبطها ومقاربتها.

ولكي تتضح دلالة الطقس الرمزية ووظائفه نستحضر مثالين، أولهما مألوف كثيرا في أدبيات السوسيولوجية الفرنسية، وثانيهما محلّي يرتبط بالمجتمع التونسي الأهلي القريب. يتحدّث علماء الإثنولوجيا وثقافات الشعوب عن طقوس التحوّل أو العبور43 (Rites de passage) دوما ليشيروا إلى ضرب من الطقوس التي تقام احتفالا بتحوّل نوعي يقع في حياة الأفراد والجماعات.

وقد يتمّ طقس العبور احتفالا باكتمال حصول تغيرات بيولوجية في حياة الأفراد (الولادة، الخطوة الأولى من المشي، الختان، التعميد، أوّل عادة شهرية، الزواج، الوفاة…) أو عن التحوّلات تقع في مكانات الأفراد ضمن البناء الهرمي للجماعة التي ينتمون إليها (الختان واكتمال الرجولة، التعميد واكتمال الدخول في المسيحية، الزواج ودخول وضع الزوجية، الحجّ وإكمال القيام بالشعائر، تنصيب المسؤول في مركز..).

ويعود الفضل لـ”أرنولد فان قيناب” الذي ضبط بنية طقوس التحوّل والعبور دارسا لطقوس جارية لدى شعوب بدائية وحديثة متعددة.

وبيّن هذا الأخير، أنّ هذه الطقوس التحوّلية هي ذات طابع كوني، وهي على اختلافاتها تنهض على سيناريو درامي واحد سمّاه “نظام المقاطع الثلاث”45. ففي المجتمعات التقليدية حيث كانت الفواصل بين الأجيال والطبقات العمرية سميكة، يستدعي العبور بين فواصلها وحدودها من الجماعة المحلية إجراء طقوس للعبور غايتها التأسيس الرمزي للحدود القائمة بين المكانات والمواقع في سلم الهرمية الاجتماعية، وضبط الفوارق النوعيّة بين المقامات (statuts)، والحقوق والواجبات المتصلة بها.

لكن ما علاقة الفعل الطقوسي بعمليّة التأسيس (institutionnalisation) وممارسة السلطة؟

في الحقيقة تستوجب عملية العبور إلى المكانة (statut) الجديدة اعترافا وشرعية تسمح بها فعالية طقوس العبور و”التأسيس”، أو طقوس “إضفاء الشرعية” كما يقول بيار بورديو.

ويتحقّق فعل التأسيس هذا، أيضا من خلال تكرار الشعائر التعبدية الدينية، فتكرار الإتيان بتلك الشعائر بحسب توزيعيّة زمنية يومية وأسبوعية وسنويّة calendrier يساهم في ترسيخ المعتقد في الذهن والجسد، وذلك على شاكلة ما يسميه “بيار بورديو” التطبّع (habitus)؛ لأن الاستعدادات (les dispositions) والطباع تترسّخ تباعا عبر عمليات التكرار والتطويع المستترة، وخاصّة تلك المصحوبة بالشحنات الروحية والوجدانية. فتكرار الطقس بالعمليات التي تصاحبه إنّما يدعم عمليات التنشئة والاكتساب الثقافي، ويساهم في ترسيخ القناعات والميول في الجسد والذهن معا.

لننظر في طقوس الزواج باعتباره من أهمّ طقوس التحوّل مثلا، فالطقس يضبط للمنخرطين فيه مكانات محددة مثل “وضع العروسين” بما أنّهما محور عملية العبور، ووضع المشاركين (الأهل، الضيوف…) ومثلما قال “كلود ريفيار”، فــ”إنّ الوظائف التي يضطلع بها المنخرطون في طقوس الزواج، هي نفسها تلك الأفعال التي يمارسها الأفراد بوصفها نماذج ممسرحة (théâtralisés)”؛ فطقس الزواج يهيّئ للعريسين تقمّص أدوار الزوج والزوجة، تتولّد منها علاقات جديدة تتصل بتلك المراكز التي هي علاقات المصاهرة والنسب.

كما يساهم في ترسيخ العادات والمثل المشتركة ومعايير الجماعة ويضعها موضع العمل؛ وتكون الطقوس خلال ذلك مسرحا لأفعال دالّة، كالألبسة (بيضاء للعروس تعبيرا عن العفّة والشرف والرقّة، وسوداء أو زرقاء للعريس تعبيرا عن السلطة والقوّة والفحولة)، أو ضرورة أن تخرج العروس إلي دار زوجها من بيت أبيها، إعلانا عن انتمائها وأصالتها، وغير ذلك من العمال الدالة.

وبالنظر إلى “زمنيّة الطقس”، وخاصّة طقس التحوّل فثمّة نوع من”الإيقاع” والتحقيب الذي يفرضه هذا الفعل، فالعودة من جديد لاستحضار حدث ضارب في القدم للاحتفال به، مثل عيد الأضحى أو المولد النبوي أو حتى عيد الميلاد هو من جهة عودة إلى زمن مضى والوقوف عنده، وفي ذلك ما يشبه تنقيط أحداث الحياة (ponctuation des événements). كما نجد ذلك في طقوس الأعراس، فهي تنقسم إلى أزمنة صغرى / أيام تتوزّع على مساحتها احتفالات الزواج، فنجد يوما لـ”الحمام” ويوما لـ”للحنة’ ويوما لـ”إطعام” وليلة لـ”دخلة” ويوما لـ”للصباح”، وغير ذلك.

وباعتبار أن هذه الطقوس تتمّ في تسلسل، فإنّها تنتج بنيويّة زمنية دورية، ومثل هذه الزمنية المتكرّرة تلغي عشوائية تصرّفاتنا وتخضعها لزمنية مقدّسة.

طقوس العبور(طقوس “الدخلة” وفضّ وفي كلّ الأوضاع التي نكون فيها بصدد “البكارة” خلال الزواج بوصفها أمثلة)، والطقوس الاحتفالية المصاحبة لعودة الحاج، وطقوس تنصيب المسؤول السياسي وغيرها)، فثمّة فيها دوما عملية تأسيس وإضفاء للشرعية، وثمّة دوما فواصل وامتيازات وحدود سلطوية يتمّ بناء صرحها وتثبيت لإشارات العبور فيها. وفي كل تلك الأحوال يلفت طقس العبور أو التأسيس، الاهتمام إلى وقوع الانتقال من وضع إلى وضع لاحق، ويمرّر بنعومة امتيازات وحقوقا يدعم بواسطتها فواصل الاسمنت بين المكانات التي يحتلّها الأفراد.

يقول بيار بورديو في هذا الشأن:” إنّ التأثير الأكبر للطقس [طقس العبور] يكمن في ما يمرّره بخفاء كلّي بحسب اعتبارات اعتباطيّة، وفي ما يقرّه من قناعات لدى الأطراف المعنية بحدث العبور.

فالتمثلات والرموز المصاحبة لعملية العبور إنّما تعزّز الحدود وتضفي عليها الشرعية. وهو ما يعكس الوظيفة التأسيسية الحاسمة التي تنهض عليها هذه الطقوس ضمن الصراعات الاجتماعية وضمن ما يسمّيه “كورنيليوس كاستورياديس” بـ”التأسيس المتخيّل للمجتمع.

ثمّة سؤال مهمّ يثار هنا: كيف يمكن تنزيل الممارسات الطقوسية بالمعاني والوظائف التي أشرنا إليها لفهم مجتمعاتنا المحلية؟ لكي نعالج هذا الأمر يجب أن ندرك حجم التغيّرات الاجتماعية التي هزّت مجتمعاتنا الحديثة وما صاحبتها من تمزقات ثقافية ووجدانية.

نشير أوّلا إلى أنّ العمل و اللاعمل لم يكونا في المجتمع التقليدي منفصلين، وما نسمّيه اليوم بـ”وقت الفراغ”(temps du loisir) وأنشطة الترفيه والأنشطة المختلفة التي نملأ بها عطلنا لم تكن منفصلة عن الحياة العملية وأنشطة الحياة اليومية، وكانت الأنشطة الدينية والطقوسية والممارسات الرمزية المتّصلة بها مندمجة في أنشطة الحياة الاجتماعية.

أمّا اليوم وقد تعلمنت الحياة الاجتماعية (laïcisée) و تكثـفت حركة تقسيم العمل الاجتماعي واستقلّت أنشطة الحياة المختلفة عن الحياة الدينية. فقد انفصلت أوقات الفراغ وأنشطة الترفيه عن أنشطة العمل والإنتاج، فنقلت معها الأنشطة الرمزيّة والطقوسية التي كانت تنهض بها، لكنّ يجب القول هنا، إن مثل هذه الأنشطة التي قد استمرّت تمثّل ملاذا للاحتماء ومقاومة لما تمخّض عن التغيير الاجتماعي من تبعات (تذرّر القرابة وتمزّق الوجدان الجماعي وتشوّش القيم)، وحتى للتعبير عن أشكال من الهويّة تتخذها فئات اجتماعيّة واسعة – إما أنّها تعيش انبتاتا عن أصولها (الطبقات التي استفادت من ثمرات التنمية وارتقت اجتماعيّا بسرعة.

و توجه صعوبات في الاندماج، أو تعيش في أوضاع مرتبكة بحكم ما صاحب التغيّرات الاجتماعية الحاصلة من تمزّقات في الروابط الأهلية والجماعية، ومن تشوّش في القيم المرجعية، الأمر الذي خلق ارتباكا في النماذج الثقافية والتصورية.

فالممارسات الطقوسية قد مثّلت في هذه السياقات مجالا للاستثمار الرمزي (investissement symbolique) تنخرط فيه فئات منشغلة كثيرا بهويتها ووجودها الاجتماعي.

فتتخذ من هذه الاحتفالات الطقوسية فرصا لتتعهّد رأسمالها الاجتماعي، وتربط “صفقات” تنمّي بها رصيدها العلائقي.

ويختلف مثل هذا الاستثمار من حيث أهدافه وكثافته باختلاف الفئات الاجتماعية ومواقعها وشواغلها، وتعطينا عديد من الممارسات الاحتفالية الجماعية – حيث يمتزج الديني بالاجتماعي- في المجتمع المحلّي مثل الزواج نماذج عديدة لذلك، فخلال الأعراس تقام الأنشطة الاحتفالية الصاخبة وتؤتي خلالها ممارسات مفرطة في التحرّر.

وتعتبر هذه الممارسات، ضمن النظام الأخلاقيّ والقيم الدينية السائدة، مستهجنة (احتفالات صاخبة، شرب الخمر، ألبسة خليعة، رقص إباحي)، لكن الجماعة المحلية تغضّ الطرف عن إتيان بمثل هذه الممارسات في هذه المناسبات.

ومن منظور وظيفي فإنّ مثل هذه الممارسات، تساعد على تحرير الأجساد من أعباء الضغوطات اليومية، وتقرّب الأفراد المفرّقين بفعل تذرّر القرابة وتأثير الحراك الجغرافي الحاصل، وتسمح للنفوس التي كلّت بأن تفرّغ مكبوتاتها عبر الاحتفال.

وهنا تتضح وظيفة الإشباع التي تحققها الممارسات الطقسية في حياة الجماعة المحلية، بحيث تستحيل احتفالاتها متنفّسا تعبّر من خلاله عن مكبوتاتها اللاشعورية، وتصبح الممارسات الرمزيّة مثل المسرّح الناجع الذي يعالج الاختناقات، مثَلُه في ذلك مثل مسرّح الغازات échappatoire الخانقة لمحرّك يعمل في غليان وحرارة.

يعمل أمازيغ المغرب على الحفاظ على التراث الثقافي الرمزي بشكل كبير، وهكذا لم تختفِ العديد من الظواهر والعادات القديمة، الضاربة في عمق الزمن، بل وفي ظل تطور مسار الانفراج الأمازيغي العربي، وخاصة مع دسترة اللغة الأمازيغية واعتبارها لغة رسمية إلى جانب العربية في المغرب، ورصيدا مشتركاً لكل المغاربة، عملت العديد من القبائل المغربية على إعادة إحياء طقوس وممارسات كانت قد اختفت بسبب انخراطها في الحياة الحديثة. فما هو الزواج الجماعي …

والزواج الجماعي ب”تازناخت القصبة” هو تراث قديم جدا، و تحتفل ساكنة تازناخت القصبة في كل سنة بموسم ءيسكار؛ وءيسكار جمع مفرد والجمع المؤنث، تيسكار، والمفرد المؤنث، نسكرت، وهي قطعة من النسيج وكما تطلق بالأمازيغية، تامناط، وءيسكار كذلك أتى من فعل ,سكر,بمعنى الرمي بالحجارة أو الحصى وهو ما نجده في هذا الموسم عندما تقوم الساكنة برجم الشيطان.

نعم كما قلت سابقا، هذا الموسم يشبه إلى حد ما موسم أهال، الذي نجده عند الطوارق الأمازيغ.

وأهال عندنا هو ليتيهال, والذي يعني العرس أو الزواج, ويقال عادة عندنا, ءيس تاهلت, أي هل تزوجت كما نجد هذا النوع من الزواج الجماعي بقلعة مكونة بورزازات, والذي يسمى بموسم الورود, ويطلق عندنا نحن بموسم ءيسكار.

وأثناء بحتي المتواضع استطعت أن أجمع حوالي 99 من أنواع ءيسكار بالجنوب الشرقي، لكن كل هذه الأنواع تختلف من منطقة إلى أخرى.

يبتدئ موسم ءيسكار كل سنة بعد مرور عيد الأضحى بعشرة أيام، ويفرض علينا العرف والمعتقد الشعبي بان لا نسافر خلال هذه المدة حتى يمر هذا الموسم، وحسب هذا المعتقد السائد فمن سافر فسوف تصيبه لعنة.

نعم في هذا اليوم بالذات تقوم إمرأة مسنة بجمع الدقيق والكورداسات، تيكتسين، في القرية وفي القرى المجاورة وتعجن عجينا غريبا، لبسيس، وتوزعه في مختلف عيون المياه وحسب المعتقد الشعبي دائما إذا أخطات هذه المرأة في التوزيع أو إن لم تفعل ذلك فإن كارثة ستصيب المنطقة بأكملها بل سوف تقوم الرياح بكثرة في هذا اليوم، وبعد ذلك تقوم جماعة من الشبان والشابات المقبلين على الزواج بموكب كبير وتدق الطبول وينشدون الأشعار الأمازيغية القديمة وهي أشعار غزلية بامتياز.

مثل

..ءيسكار ءيغ ران أموال
كليناس تاونزا

أو

ءيستيس ن سيدي موحمد
اتاشريفيني
ءيستيس ن سيدي نامير
اتالكرشيني
إلى غير ذلك
ذو بعد ذلك يقومون برجم الشيطان بقرية أيداود بتازناخت.

فالشيطان ما هو إلا ذلك الإنسان الغريب الذي يأتي الى القرية ويريد ضرب هذه العادات من الصميم أما الخلاص من هذا الشيطان فهو رجمه.

وعندما يعود هذا الموكب مباشرة يأتي كل واحد من شباب القرية ببغله أو فرسه ويتسابقون والذي يأتي في المقدمة فسوف يكون قائد القبيلة وفارسها.وعند العشاء تقوم الأسر في هذه القرية بمأدبة فاخرة بلحم عيد الأضحى المقدد في مثل هذه المناسبة.

وتقول الأسطورة القديمة أن سبب وجود هذا الحفل يعود إلى زعيم قديم في القرية، فبعدما رأى بأن القرية بها عوانس كثر فكر هذا الزعيم في حيلة فاستدعى أشهر شعراء القرية حيث أخذ الكل يمدح فتيات القرية، ولم يمر يوم على ذلك حتى تزوجت جميع شابات القرية.

وبصفة عامّة وتجاوزا للرؤية المخصوصة بوظيفة الطقس هنا أو هناك أو بكيفيات حضوره لدى هذه الفئة الاجتماعية أو تلك، فتمّة حقيقة يجب تأكيدها وهي أنّ الممارسة الطقوسية ليست ضربا من الترف الفكريّ الذي تؤديه فئات تعيش أوضاعا اجتماعيا مرتبكة أو مرضية، وهي أيضا ليست ممارسة فوضوية مفرغة من المعنى، إنما هي فعل جماعي يتوهّج بالمعنى بالنسبة لمن يراقبه، سوسيولوجيا كان أو إثنولوجيا.

كما تتضمّن هذه الممارسة بناء يتّسم بالتكامل يمكن ضبطه ومتابعة تواثر مقاطعه المنتظمة، بما يسمح من اكتشاف النظام داخل ما يبدو على أنه فوضى في الظاهر.

وعلى مستوى التحليل الوظيفي يمكن أن نتبيّن كيف تتخذ الأنشطة الطقوسية فعاليّة و نجاعة خاصّتين، وتملأ وظائف كامنة في حياة الجماعة المحلية، فتضمن لممارسيها نوعا من العلوّ والسموّ لا تستطيع رتابة الحياة اليومية في الحقيقة أن تمنحهم دوما إياه، كما تتيح لهم الدخول ولو مؤقّتا في حالات ذهنية سارّة.

وإذا ما أخذناه إلى جانب هذا بعين الاعتبار الوضع العام الذي يعرفه المجتمع التونسي بوصفه مجتمعا متحوّلا بسرعة – و الشبيه عموما بالمجتمعات المغاربية – حيث عرف هذا المجتمع، إضافة إلى الاستعمار، أشكالا من التحديث السريع والمرضيّ (على الأقل بعيد الاستقلال ومع بداية التجربة التنمويّة) وقد صاحبت ذلك حالات من التمزّق الوجداني وضياع الأبعاد والمعالم.

ندرك عندئذ دلالة إقبال الفئات الاجتماعية المختلفة وخصوصا تلك المهمومة بكينونتها ووجودها (أو تلك التي تعيش اجتثاتا عميقا بحسب تعبير “بيار بورديو، الذي يصف الوضع الاجتماعي في الجزائر خلال أزمة الخمسينات والستينات) الكثيف على هذه الممارسات وتشبثها بالتقاليد والعادات القديمة، وندرك علاقة ذلك بهمومها وشواغلها، كما نفهم معنى ما قاله “جون دوفينيو” في ختام مؤتمر تناول مسألة التحوّلات الاجتماعية: “…إنّه لا توجد مستقبلا إلا سوسيولوجيا للتحولات، أو سوسيولوجيا تحولات باتجاه معكوس.

– المراجع

الطوالبي، نورالدين: الدين والطقوس والتغيرات الاجتماعية. ترجمة وجيه البعيني. منشورات عويدات. بيروت-وباريس، ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر. 1988.

الطوالبي، نورالدين: في إشكالية المقدّس، أو تحوّلات التغيّر الاجتماعي السيكولوجيّة. ترجمة وجيه البعيني ط. 1 منشورات عويدات – بيروت باريس 1988.

الحيدري، إبراهيم: تراجيديا كربلاء، سوسيولوجيا الخطاب الشيعي. دار الساقي. بيروت لبنان. 1999.
المعجم الوسيط، ط 2، دار أمواج للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان- 1987.

Ansart, Pierre, Idéologie, conflits et pouvoir, Paris, PUF, 1977.
Bastide, Roger, Mémoire collective et sociologie du bricolage. Année sociologique, 21, 1970, Bourdieu, Pierre, Ce que parler veut dire. L’économie des échanges linguistiques. Ed Fayard 1997.
Bourdieu, Pierre, et Sayad, Abdelmalek, Le déracinement, La crise de l’agriculture traditionnelle en Algérie, Ed Minuit, 1964, 224 p.

Bromberger, Christian (et autres), Le match de Football. Ethnologie d’une passion partisane à Marseille, Naples et Turin, Paris, Ed Maison des sciences de l’homme, 1995.
Castoriadis, Cornelius, L’institution Imaginaire de la Société, Éditions du Seuil, collection « Esprit », 1975.

Douglas, Mary, De la souillure. Essai sur les notions de pollution et le tabou, Paris, Maspero, 1971.
Durand, Gilbert, l’imaginaire. Essai sur les sciences et la philosophie de l’image, Hatier, « Optiques philosophie », 1994.

Durand, Gilbert, Les structures anthropologiques de l’imaginaire, Ed Dunod, (1re éd, Paris, P.U.F, 1960, reed à Dunod 2006.

Durkheim, Emile, Le suicide, étude de sociologie, PUF, 1973.

Durkheim, Emile, De la division du travail social, Ed PUF, 9° ed, 1973.

Durkheim, Emile, les structures élémentaires de la vie religieuse Le système totémique en Australie, 1912, éd PUF « Quadrige », 1979.

Durkheim, Emile, Les formes élémentaires de la vie religieuse, le système totémique en Australie. Livre II Les croyances élémentaires, Paris, PUF., 5° ed, 1968.

Duvignaud, Jean, « Anomie et mutation », in Sociologie des mutations, Paris, Ed Anthropos, 1970.
Elias, Norbert, La dynamique de l’occident, Ed Calmann – Levy, 1975.

Eliade, Mircia, Histoire des croyances et des idées religieuses, tome 1 : de l’âge de la pierre aux mystères d’Eleusis. Ed Payot, collection Bibliothèque historique, 1989, 496p.
Fromm, Erik, Psychanalyse et religion, Paris, Epi, T, F, 1968.
Goffman, Erving, Les rites d’interaction, Paris, éd Minuit, « Le sens commun » 1998.
Goffman, Erving, La Mise en scène de la vie quotidienne, t. 1 La Présentation de soi, éd Minuit, coll. « Le sens Commun », 1973
Gennep, Arnold Van, les rites de passage, Paris, Emile Nourry, 1909.
Maffesoli, Michel, La conquête du présent. Pour une sociologie de la vie quotidienne, PUF, 1979.
Malinowski, Bronislaw, les argonautes du pacifique occidental, (1922). (Trad française, par Simone Devyver). Préface de Sir James Frazer. Col nrf, ed Gallimard, Paris, 1963, 606 pages.
Mauss, Marcel, « Essai sur le don », in Sociologie et Anthropologie, Paris, PUF, 1960.
Merton, Robert King, Eléments de méthode sociologique, Ed. Plon, 1965.

Niset, Jean et Rigaux, Nathalie, La sociologie d’Erving Goffman, éd. La Découverte, Paris, 2005.
Rivière, Claude, Socio-Anthropologie des religions, Paris, Armand Colin (coll. « Cursus », Série. Sociologie), 1997.
Segalen, Martine, Rite et Rituels contemporains, Paris, Ed. Nathan, 1998.
Toualbi, Nourddine, Changement Social et Pratiques familiales du sacré en Algérie, in ouvrage collectif : « L’avenir de la famille au Moyen Orient et en Afrique de Nord », Cahier du CERES, Série Psychologie N° 7, Tunis, 1990
Notes
1 Ansart, Pierre, Idéologie, conflits et pouvoir, Paris, PUF, 1977, p. 21.
2 M’hamed Sabour, La lutte pour le pouvoir et la respectabilité dans le champ universitaire arabe, in Revue international des sciences sociales, n°135, 1993 p.126.
3 Durkheim, Emile, De la division du travail social, éd P U F, 9° ed, 1973, p. 146.
4 سؤال جوهري تطرحه “مارتين سيقالان” في مؤلفها المهمّ حول الظاهرة الطقسية في المجتمعات المعاصرة. انظر في هذا المضمار أساسا:

Segalen, Martine, Rite et Rituels contemporains, Paris, Ed Nathan, 1998, Chap.1, p.24
5 بحكم أنّ الأفعال والأنشطة الطقوسية تقوم على ضرب من الإحالة الرمزية بين الشيء ومدلوله، وترتبط بتصورات تخرج عن إطار الضبط التجريبي فإنّ ذلك يستدعي إلى جانب التحليل الوضعي مقاربات تأويلية و فينومينولوجية أيضا.

6 للدقّة العلمية، إنّ فولتير هو من أسند لمالبرانش هذه المقولة المأثورة. أمّا مالبرانش فقد قال حرفيّا “الخيال هو مجنونة تنتج الجنون” أنظر أساسا:
Malebranche, Entretiens sur la métaphysique, Œuvres, t 2, p. 670

7 Fgt 44, éd Lafuma, Seuil, 1962, p. 42.

8 المعجم الوسيط، الجزء الأول، ط 2، دار أمواج، للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان 1987، باب “ط ق س” ص.561.

9 « Rite», mot dérive du Latin “Ritus”, 1486, in Larousse, Dictionnaire de la langue française, Ed 1988, p.1652.

10 Goffman, Erving, les rites d’interaction, (trad. de l’anglais par Alain Kihm,) Paris, Minuit, coll « le sens commun », 1974, 240 p.

11 Goffman, Erving, La Mise en scène de la vie quotidienne, t. 1, La Présentation de soi, éd Minuit, coll. « Le sens Commun », 1973.

12 مثل طقوس السلام : نزع الرجل للمظلة والانحناء إلى الأمام ، تقبيل يد المرأة ، تقبيل الأنف أو الجبهة، التماس بالكتفين وغير ذلك مثلا.

13 Eliade, M., Le mythe de l’éternel retour, Folio Essais, 2001.

14 أنظر بالخصوص مؤلف ميرسيا إلياد:

Eliade, Mircéa, Histoire des croyances et des idées religieuses, tome 1 : de l’âge de la pierre aux mystères d’Eleusis, Ed Payot, collection Bibliothèque historique, 1989, 496p

15 للإشارة إلى الزمان والمكان بوصفهما ظرفين متلازمين ومجتمعين في آن معا.

16 يجب أن نشير إلى أن الطقوس ليست فعالية دينية فقط ، إنّما دخلت الطقوس ميادين عدّة ، وضبط الباحثون في الموضوع ضروبا عديدة للطقس من ذلك الطقوس السياسية والطقوس الإعلامية والطقوس الرياضية وغيرها. انظر في هذا المجال مؤلّف “مارتين سيقالان”، وقد أحيل عليه سابقا:
Segalen, Martine, Rite et Rituels contemporains, op cit

17 Merton, Robert King, Eléments de méthode sociologique, Ed Plon, 1965, p. 167.

18 نميّز هنا بين مضمون “الوظيفة” كما أشرنا إليه أعلاه، و المضمون الذي تتخذه لفظة “الغايات” وما تشير إليه من حالات الوعي و القصدية لدى الفاعلين.

19 Durkheim, Emile, Les formes élémentaires de la vie religieuse. Le système totémique en Australie, 1912, éd P.U.F. « Quadrige », 1979, p. 50.
20 Ibid…p. 51.

21 المقصود بـ “الاركتيب” (archétypes) مجموع البنى الجماعية الأولية الماثلة في اللاشعور الجمعي العميق وتعبر عن نفسها من خلال الأساطير والطقوس و مختلف الأنشطة الدينية والفنية التي ينجزها الناس سواء في شكل جماعي أو فردي.

22 Fromm, Erik, Psychanalyse et religion, Epi, T, F., Paris, 1968, p.138.

23 Durand, Gilbert, Les structures anthropologiques de l’imaginaire, Paris, Dunod, (1re éd, Paris, P.U.F, 1960, Reed onze fois, la dernière était à Dunod 2006.

24 انظر كتابيه الأساسيين:

Les structures anthropologiques… op cit. et, L’Imagination symbolique, Ed P U F, 1964 rééd en 2003

25 حيث درس “موس” ظاهرة التبادل في المجتمعات البدائية بما هي ظاهرة اجتماعية كلية مبيّنا إلزاميتها ودورها في محافظة المجتمع على سلمه الجماعية والانسجام الداخلي. انظر مقالة “مارسال موس” و”مالنوفسكي” في مؤلفيهما:

Mauss, Marcel, Essai sur le don, in Sociologie et Anthropologie, Paris, P U F, 1960
Malinowski, Bronislaw, les argonautes du pacifique occidental, (1922). Trad française, par Simone Devyver. Préface de Sir James Frazer. Coll NRF, Paris, Ed Gallimard, 1963, 606 p

26 لا يتمّ التبادل بالضرورة بين شخصين أو طرفين فقط، إنّما يتمّ في شكل دائري فالآخذ لا يردّ لمن أخذ منه بل يأخذ من هذا ليعطي لذاك، والعملية متواصلة إلى حد الإشباع الكلي والمشاركة الجماعية، والمكسب في ظاهره مادي ، ولكنه رمزيّ لانّ الإعطاء هو تحدّ يستوجب من الأخذ قبولا وردّا بأكثر مما أخذ، وقد يصل هذا التبادل / التحدّي إلى حدّ الصراع بين “الأسياد’ وزعماء الجماعات وخاصّة في النظام التبادلي “الكولا”..

27 Ibid…p 154.

28 الطوالبي، نورالدين، الدين والطقوس والتغيرات. ترجمة وجيه البعيني. منشورات عويدات. بيروت- باريس، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1988.

29 المرجع نفسه، ص. 49.

30 المرجع نفسه، ص. 48. أنظر الهامش رقم 2.

31 لهذا السبب يتوجب فهم الممارسات الثقافية وتحليل دلالاتها ضمن نفس النسق الثقافي الذي تنتمي إليه وهو ما يساهم في تحقيق فهم أفضل لما يسمى اليوم بالحوار بين الثقافات (ويقال خطا “حوارا بين الحضارات”).

32 Durkheim, Emile, Les formes élémentaires de la vie religieuse. Le système totémique en Australie, (1912), éd P.U.F. « Quadrige », 1979, p.p. 370-371.

33 يقول الذين شاركوا في الانتفاضات الشعبية والذين شاركوا في الاعتصامات والمسيرات السلمية في ساحة “القصبة” في تونس أيام الثورة التونسية وفي “ميدان التحرير ” في مصر وساحة “التحرير” في اليمن… أنهم عاشوا لحظات من المجد لن ينسوها …

34 يقول دوركايم” في هذا الشأن: “إنّ للحفل حتى غير الديني تأثير كبير على الأفراد، فهو يجمعهم ويدخلهم في جو جماعي متكتّل، الأمر الذي يولّد حالة فوران هي ليست في غير قرابة مع الحالة الدينيّة”. انظر: الأشكال الأولية للحياة الدينية. مرجع سبق ذكره بالفرنسية. ص. 640 .

35 نوع من الموسيقى الأفرو-أمريكية الصاخبة المتميّزة بإيقاعات سريعة تجعل المنخرطين فيها يعيشون حالات من التخمّر الجماعي، بحيث يصل الراقصون جماعيا تحت تأثير إيقاع الموسيقى إلى حالة من الحمّى والاتقاد، وتنضح الأجساد عرقا. ويساهم هذا الجوّ الاحتفالي في تحقيق نوع من التنفيس الإيجابي: Transpiration positive.

36 Bromberger, Christian et autres ; Le match de Football. Ethnologie d’une passion partisane à Marseille, Naples et Turin, Paris, Ed Maison des sciences de l’homme, 1995.

37 Durkheim, Emile, Les formes élémentaires… op cit., p.389.

38 باحثة انجليزية في الأنتربولوجيا ، وسّعت البحوث التي أنجزها “مارسال موس” حول النجاعة الرمزية للطقوس. تهتمّ في دراساتها بمسألة التلوّث وقضايا الطهارة والممنوعات الغذائية لدى بعض الشعوب.

39 Douglas, Mary, De la souillure. Essai sur les notions de pollution et le tabou, Paris, Maspéro, 1971, p. 81.

40 Martine, Segalen, Rite et Rituels contemporains…op. cit, p.18.

41 لكل جماعة بشرية ذاكرتها وأحداثها المؤسسة التي تحييها أساطيرها وأعيادها الدينية، من ذلك مثلا حدث افتداء إسماعيل بالكبش، وحدث هجرة اليهود من مصر، وحدث صلب المسيح، وحدث هجرة الرسول محمد(ص) وحدث كربلاء وغير ذلك من الأحداث الرمزية المؤسّسة.

42 Durand, Gilbert, l’imaginaire. Essai sur les sciences et la philosophie de l’image, éd Hatier, « Optiques philosophie », 1994, p.17.

43 تندرج ضمنها أيضا ما يسمى بطقوس التعليم Rites d’initiation، وهي طقوس تعليمية يمارسها الكبار على الناشئين في المجتمعات الإفريقية والأسيوية. وتتصاحب غالبا بأنشطة تدريبية جسدية قاسية، يتعلّم الأطفال فيها أسرار مجتمع الكهول الذي سينتمون إليه.

44 Van Gennep, Arnold, Les rites de passage, Paris, Emile Nourry 1909.

45 يقوم طقس العبور على بنية ثلاثية:هي مقطع الفصلséparation – مقطع الهامش marge – ومقطع التجميع Agrégation

46 Bourdieu, Pierre, Ce que parler veut dire. L’économie des échanges linguistiques, éd Fayard, 1997, p.121.

47 كما هو الشأن بالنسبة إلى طقس التعميد (Baptême) في المسيحية حيث يدخل الطفل بواسطته حظيرة المسيحية.

48 نشير هنا إلى بعض الصلاحيات التي يتّخذها الذكور: السلطة الذكورية على الإناث، الشرف الرجولي، أولوية الذكور في عملية الذبح.

49 سماها “بيار بورديو” بقوس التكريس : rites de consécration ، أنظر أساسا
Bourdieu, Pierre, Ce que parler… op cit p, 121

50 Claude, Rivière, Socio-Anthropologie des religions, Paris, Armand Colin (coll. «Cursus», Série. Sociologie), 1997, p.23.

51 هو اليوم التالي لليلة الدخلة في الاحتفالات التونسية بالزواج، وفيه يتلقى العريسان تهاني تمام الزواج.

52 Bourdieu, Pierre, Ce que parler… op cit p, 122.

53 Castoriadis, Cornelius, L’institution Imaginaire de la Société, Éditions du Seuil, collection « Esprit », 1975.

54 يتحدّث نورالدين الطوالبي عن التفاخر الذي تتخذه بعض الفئات الاجتماعية المحظوظة من المجتمع الجزائري خلال ممارساتها الاحتفالية الطقوسية، وذلك إمّا لإشهار هوية ما أو إظهار التمسّك بالتقاليد في تنافس محموم مع الفئات الأخرى التي تتهمّها بالانبتات لمراكمة الرأسمال الرمزي. انظر أساسا:
Toualbi, Nourddine, « Changement Social et Pratiques familiales du sacré en Algérie », In collectif : «L’avenir de la famille au Moyen Orient et en Afrique de Nord », Cahier du CERES, Série Psychologie, N 7, Tunis.1990. p. 29

55 يرجع مفهوم “الترميم” الثقافي في الأصل إلى استعمال وظّفه كلود ليفي ستراوس في كتابه “التفكير الوحشي” (Pensée sauvage, ed Plon,1962) وقد استعاره منه”روجي باستيد” وطوّره ليشير به إلى وضع خاصّ تتعرّض فيه ذاكرة جماعية لمجموعة بشريّة ما إلى ما يسمّيه هو بــ”الثقوب”trous الثقافية وقد نتجت عن عمليات من التهجير القسري أو الاستعمار خضعت لها مجتمعات عديدة في إفريقيا وأسيا وأمريكا، الأمر الذي استدعى من تلك الجماعات أن تسدّ تلك الثغرات والنقائص بممارسات ثقافية تبتكرها لحماية نفسها. انظر أساسا:
Bastide, Roger, Mémoire collective et sociologie du bricolage, Année sociologique, 21, 1970, pp.65-108

56 أقد ألّف بورديو وعبد المالك السيّد كتابهما حول المجتمع الجزائري:”الاجتثاث” Le déracinement ليصوّرا به وضع هذا المجتمع في الخمسينات والستينات أي مع عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وقد أخضعته ظروف الاستعمار لتغيّرات عميقة ومسرعة ضيعت أبعاده وأفقدته توازنه. انظر بالأساس،
Bourdieu, Pierre, et Sayad, Abdelmalek, Le déracinement, La crise de l’agriculture traditionnelle en Algérie, ed Minuit, 1964, 224 p

57 Duvignaud, Jean, « Anomie et mutation », in Sociologie des mutations, Paris, Ed Anthropos, 1970, p.37.

58 Durand, Gilbert, Les structures anthropologiques de l’imaginaire, Ed. Bordas, 1969, p. 418.

59 Maffesoli, Michel, La conquête du présent. Pour une sociologie de la vie quotidienne, PUF, 1979, p. 98.

60 Durkheim, Emile, Le suicide, étude de sociologie, PUF, 1973, 354 pages.

61 Maffesoli, Michel, La conquête du présent…op cit, p. 98.

62 Maffesoli, Michel, La conquête du présent…op cit, p. 101.

63 Elias, Norbert, La dynamique de l’occident ; Ed Calmann- Levy, 1975, p.234.

64 Durand, Gilbert, Les structures anthropologiques… op cit (conclusion), p.494.

65 بجب أن نؤكّد قيمة العمل العلمي الذي أنجزه نور الدين طوالبي حول ظاهرة الطقوس في المجتمع الجزائري الحديث، والمهمّ في ذلك حسب اعتقادنا التقصّي النوعي في تحديد شواغل كل فئة اجتماعية بالنظر إلى وضعها وهمومها. أنظر أساسا المرجعين اللاحقين
– الطوالبي، نورالدين: الدين والطقوس والتغيرات الاجتماعية… مرجع ذكر سابقا.
– الطوالبي، نورالدين: في إشكالية المقدّس، أو تحوّلات التغيّر الاجتماعي السيكولوجيّة. ترجمة وجيه البعيني ط. 1 منشورات عويدات – بيروت باريس 1988.

66 نقصد المؤتمر السابع للجمعية العالمية لعلماء الاجتماع الفرانكفونيين في جامعة “نيوشاتيل”.

67 Duvignaud, Jean, Anomie et mutations, Paris, Ed Anthropos, 1970, p. 37.
Référence papier
منصف المحواشي, « الطقوس وجبروت الرموز: قراءة في الوظائف والدلالات ضمن مجتمع
متحوّل », Insaniyat / إنسانيات, 49 | 2010, 15–43.

Référence électronique

منصف المحواشي, « الطقوس وجبروت الرموز: قراءة في الوظائف والدلالات ضمن مجتمع
متحوّل », Insaniyat / إنسانيات [En ligne], 49 | 2010, mis en ligne le 06 août 2012, consulté le 03 août 2021. URL : http://journals.openedition.org/insaniyat/4331 ; DOI : https://doi.org/10.4000/insaniyat.4331
ملاحظة…كان هذا الطقس ..ءيسگار تحتفل به تازناخت القصبة ودوار ادرگ بنفس المنطقة قبل أن ينقرض.

التعليقات مغلقة.