العلاقات المغربية الفرنسية بين لغة المصالح ولغة دعم السيادة المغربية

مصير العلاقات المغربية الفرنسية في ظل تذبذب مواقف باريس اتجاه الصحراء المغربية

الإعلامي المتخصص "م - ع"

تعيش العلاقات المغربي الفرنسية أسوأ حالاتها على الرغم من الجهود الرسمية لتجاوز هاته القطيعة الناتجة عن ضبابية موقف باريس اتجاه مجموعة من القضايا، وأهمها قضية الصحراء المغربية.

الأجواء بين البلدين تكدرت منذ شهور على خلفية مجموعة من الملفات، أهمها ملف الصحراء المغربية.

الموقف عبرت عنه الرباط بوضوح بعد أن قالت بأنها غير راضية على الموقف الرمادي الفرنسي، وخاصة من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الذي ربط مصير علاقات الرباط بباقي الدول بمواقفها من هذا الملف الوطني الشعبي.

رسالة اعتبرها المتتبعون موجهة لفرنسا تحديدا، وتجلت بشكل واضح عبر تصريح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بحر هذا الأسبوع، الذي دعا فرنسا إلى “الخروج من المنطقة الرمادية”.

 

الأخبار التالية حملت بوادر توثر وأصيبت هاته العلاقات بنزلة برد، وطالها الجمود لأسباب متعددة، لكن أهم القضايا الخلافية هو الموقف الفرنسي من الصحراء المغربية، بناء على ربط الموقف الرسمي المغربي اتجاه الحلفاء والأصدقاء بالوضوح السياسي اتجاه هاته القضية الوطنية الأولى.

 

وكان جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، قد قال في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب “أوجه رسالة واضحة للجميع، إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

الأكيد أن هذا الملف هو الجوهري فيما وصلت إليه العلاقات، ولو أن باريس ربطت هذا التصدع بملفات أخرى ضمنها ملف “بيغاسوس” واتهام باريس الرباط بالتجسس على الرئيس “ماكرون” وسياسيين وصحافيين، وأيضا بملف الهجرة، وتقليص باريس للتأشيرات الممنوحة للمغاربيين جميعا، بمبرر “عدم التعاون” في هذا الملف.

 

بروز أجواء تحسن في ظل الضبابية

لاحت، في كانون الأول/ديسمبر، في أفق العلاقات بين فرنسا والمغرب مؤشرات تحول إيجابي ارتباطا بزيارة وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، للرباط، والتي أعلنت خلالها انتهاء “أزمة التأشيرات”.

وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وعلى الرغم من عدم تعليقه على التصريح لأنه يدخل ضمن سيادة باريس، إلا أنه اعتبره موقفا “يسير في الاتجاه الصحيح”.

 

“كولونا” ترغب في أن تكون علاقات البلدين قائمة على “شراكة مثالية، استثنائية، أخوية وعصرية”، إلا أن الرباط بقيت منزعجة من المواقف الفرنسية الأخرى.

الرباط ترى أن هاته “الشراكة المثالية” بوابتها ملف الصحراء، إسوة بالموقف الأمريكي والألماني والإسباني.

“كولونا”وفي محاولة للتقرب من الرباط ذكرت بموقف باريس، حيث قالت “بخصوص مخطط الحكم الذاتي، فإن موقفنا يدعم المغرب. وقد أظهرنا ذلك في الأمم المتحدة حتى في الوقت الذي كنا فيه الوحيدين الذين لديهم الإرادة لتطوير بعض الأفكار”.

الرباط وكما جاء على لسان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يطالب باريس بموقف واضح والخروج من الموقف الرمادي المنتهج، وأن تتجاوز دور “الملاحظ” الذي تتقوقع فيه.

مواقف ستؤسس لا محالة لمستقبل العلاقات المغربية الفرنسية، في ظل تباين المواقف وعدم إرسال باريس أية إشارات تذيب الجليد الذي يعتري هاته العلاقات.

أفق علاقات المغرب وفرنسا بين الغموض والوضوع فإلى أي اتجاه سيسير؟

متتبعون يعتبرون أن هذا الأفق منفتح على تحسن العلاقات بين البلدين فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، منبن على قاعدة “التوازن” القائم على المصالح المشتركة، ودليلهم في ذلك ابتعاد الرباط عن سياسة التشنج في علاقاتها الدولية.

 

الأكيد أن فرنسا توجد محصورة بين حليفين متعاديان، ولو أنها تميل لإرضاء الجزائر حفاظا على امتيازاتها وسيلان الغاز نحو باريس وأوروبا، لكنها لا تحاول التفريط في شريك قوي على الضفة الأخرى من المتوسط، أي الرباط.

الموقف الفرنسي في العمق مؤيد للطرح المغربي، لكن باريس لا يمكن أن تتجاوز هذا المنحى حفاظا على علاقتها ومصالحها في الجزائر.

والمغرب حاول من خلال باريس توجيه رسائل لكافة الدول بأن تستحضر الموقف من الصحراء المغربية في رسم علاقات متميزة وشراكة فعلية.

موقف نجحت الرباط في إيصاله في تحول جذري في السياسة الخارجية المغربية، على الرغم من إقرار جل المتتبعين أن الموقف المغربي من باريس سيبقى قائما على الشراكة على الرغم من تباث هذا الموقف الفرنسي فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، حفاظا على مصالحها الاقتصادية بالدرجة الأولى مع عدو المغرب، الجزائر.

التعليقات مغلقة.