ألو المسؤول: الحضور والغياب في ثقافة المسؤولية لمسؤولي المجلس الإقليمي بتاونات

من خطاب جلالة الملك في الذكرى 18 لعيد العرش: “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا"

أصوات مكتب الرباط: القسم السياسي 

اختار المغرب مند الاستقلال العمل باللامركزية كأساس للتدبير، وكنظام لتوزيع الاختصاصات والموارد بين الدولة والجماعات الترابية، وهو الحضور الذي تعزز بصدور ظهير 2011، الذي كرس الجهوية المتقدمة في فصله الأول كمبدأ للعمل، مؤكدا أن” التنظيم الترابي للمملكة تنظيم لامركزي يقوم على الجهوية المتقدمة”، حيث أعطى لرؤساء المجالس الإقليمية إمكانات واسعة للتدبير المجالي ووسع من آليات تدخلها خدمة للتنمية وللساكنة الإقليمية، في إطار من التنسيق ودعم عمل الجماعات الترابية، لكن التصور القانوني والدستوري شيء والممارس على صعيد إدارة المجلس الإقليمي لتاونات شيء آخر.

الأكيد أن إقليم تاونات يزخر بمؤهلات طبيعية ومعالم سياحية هامة يتعين العمل على تثمينها وادماجها في مدار خلق الثروة وانعاش حركية التنمية السوسيو اقتصادية بالإقليم.

ثروة مجالية متنوعة، تتوزع بين غطاء غابوي هام من الممكن لو أحسن التدبير والتصرف في أن يساهم في خلق سياحة أيكولوجية، وسدود كبيرة وثلية هامة ضمنها سد “الوحدة”، ثاني أكبر سد في إفريقيا، وشبكة متنوعة من الأنهار والأودية من بيتها “ورغة” “سبو”، “إيناون” وواد اللبن، وبحيرات ثلية وعيون،ومعالم تاريخية هامة تحتاج للإرادة الوطنية والتثمين ضمنها “قلعة أمركو” بجماعة “مولاي بوشتى”، ومنتجع “بوعادل” السياحي الهام، بتراب جماعة “بوعادل”، ذا صبيب 160 لترا في الثانية خلال فصل الصيف، والذي يعرف زيارة حوالي 2000 زائر في اليوم خلال الأوقات العادية و 3000 زائر خلال عطلة نهاية الأسبوع…

ثروة لو أحسن استغلالها وتوفرت الإرادة الوطنية والتنموية وتم اعتماد هذا الهاجس كمنطق للفعل التنموي الجاد والمسؤول، لحققت التنمية والرفاه المجتمعي في منطقة تعيش الفقر في كل شيء، وما يغدي الأزمة هو غياب إرادة فعلية لتحقيق الإقلاع والبناء وامتصاص البطالة المخيفة أرقامها بالإقليم، وحالة العزلة التي تعيشها الدواوير التابعة للإقليم، والتي تكتوي بنارها الساكنة خاصة خلال المواسم المطيرة.

 

مجال واسع للتنمية يواجه بفقر تنموي في ظل إدارة مجلس إقليمي وجماعات ترابية لا تلامس واقع حال المنطقة وتحصره في المهرجانات والحفلات المبذرة للمال العام بدون أفق واستراتيجة تربط الفعل الثقافي والفني بتحقيق التنمية المجالية والرفاه الاجتماعي وفك العزلة الطرقية المتلاشية التي رصدناها خلال رحلة لنا للإقليم، ومسالك تكرس الفقر والضياع المجتمعي وبعد المجلس الإقليمي عن الإجابة عن هموم المواطنين.

الأكيد أن ما يتم تكريسه في واقع الحال التدبيري هو سياسة الغياب وانتظار الانتخابات المقبلة للركوب على نفس المشاكل التي كرستها السياسة التدبيرية القائمة والمكرسة من قبل الجماعات الترابية، وخاصة المجلس الإقليمي، في ظل ضبابية الأفق، وغياب قاعدة تشاركية فعلية منطلقة من الهم المحلي والإقليمي، بما يتجاوز البكاء على الأطلال واستجداء الأصوات عبر المنابر الخطابية وترديد الشعارات، معتقدين أن المواطن بليد في ظل وضع هم من غرسه بالغياب التام ونفروا المواطنين من السياسة كما السياسيين.

غياب المجلس الإقليمي ورآسة هذا المجلس كانت محطة نقد كبيرة توصلت بها جريدة “أصوات” من مواطنين مطالبة بنقل صوت من لا منبر له، ودق طبول الحقيقة المرة لكن القائمة والتي يشكل المجلس الإقليمي إحدى أعمدة تعطيل كل طموح تنموي في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية للبناء، والاكتفاء بالاختفاء وراء غياب الأرقام المالية التي توزع على فعل البهرجة الذي لا يخلق إلا الضياع.

الديمقراطية كما خطها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لا تنحصر في الصناديق وإدارة الانتخابات بشكل أو بآخر بل في تغيير العقليات، حيث قال جلالته في خطاب العرش بمناسبة الذكرى 18 لاعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين “إلا أن المشكل يكمن في العقليات التي لم تتغير، وفي القدرة على التنفيذ والإبداع”، مضيفا جلالته أن “التطور السياسي والتنموي، الذي يعرفه المغرب، لم ينعكس بالإيجاب، على تعامل الأحزاب والمسؤولين السياسيين والإداريين مع التطلعات والانشغالات الحقيقية للمغاربة”.

وأضاف جلالته في نفس الخطاب أنه “عندما تكون النتائج إيجابية، تتسابق الأحزاب والطبقة السياسية والمسؤولون إلى الواجهة، للاستفادة سياسيا وإعلاميا من المكاسب المحققة، أما عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، يتم الاختباء وراء القصر الملكي، وإرجاع كل الأمور إليه؛ وهو ما يجعل المواطنين يشتكون لملك البلاد، من الإدارات والمسؤولين الذين يتماطلون في الرد على مطالبهم، ومعالجة ملفاتهم، ويلتمسون منه التدخل لقضاء أغراضهم”

وبطبيعة الحال وبعين المسؤول الأول عن شعبه الوفي قدم جلالته توصيفا للحالة القائمة حيث قال جلالته إنه “من حق المواطن أن يتساءل: ما الجدوى من وجود المؤسسات، وإجراء الانتخابات، وتعيين الحكومة والوزراء، والولاة والعمال، والسفراء والقناصلة، إذا كانوا هم في واد والشعب وهمومه في واد آخر؟”.

 

بل وصل بجلالته الأمر إلى تقديم محاسبة عليا لأداء هاته المؤسسات المهترئة حيث قال جلالته إنه “إذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”، موجها خطابه إلى المسؤولين المغاربة بالقول: “كفى، واتقوا الله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا. فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون”.

وأضاف جلالته: “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، لأن الأمر يتعلق بمصالح الوطن والمواطنين. وأنا أزن كلامي، وأعرف ما أقول… لأنه نابع من تفكير عميق”.

ولنا تغطية شاملة لكل بؤر المآسي التي يعيش تحت وطأتها إقليم تاونات في ظل الفراغ التدبيري للمجلس الإقليمي والمجالس الترابية… 

التعليقات مغلقة.