الجزائر تستدعي سفيرها في باريس وسط أزمة تهدد مستقبل علاقات باريس والجزائر

أصوات: القسم السياسي

استدعى الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، اليوم الأربعاء، سفير بلاده بباريس “للتشاور” تزامنا مع ما وصفه بـ”عملية الإجلاء السرية” للناشطة والصحافية “أميرة بوراوي” من تونس إلى فرنسا، مساء الإثنين، حسب ما أوردته الرئاسة الجزائرية في بيان صادر عنها.

وقال بيان الرآسة الجزائرية “أمر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، باستدعاء سفير الجزائر بفرنسا، السيد سعيد موسي، فورا للتشاور”، مضيفا أن الجزائر أعربت في “مذكرة رسمية” وجهتها إلى باريس عن “ احتجاجها بشدة على عملية الإجلاء التي وصفتها ب “السرية وغير القانونية” للناشطة والصحافية “أميرة بوراوي” “المطلوبة للقضاء الجزائري”.

وفي السياق ذاته، قالت “بوراوي” إن رحيلها إلى فرنسا عبر تونس ليس هروبا إلى “المنفى” وأنها “ستعود قريبا”.

وقالت الصحافية التي كانت ممنوعة من مغادرة الجزائر وتم إيقافها في تونس قبل إطلاق سراحها بأمر من المحكمة وتوجهها بعد ذلك إلى فرنسا، الإثنين، “لم أذهب إلى المنفى، فأنا في بلدي هنا مثلما كنت في الجزائر”، مضيفة عبر صفحتها على فيسبوك “سأعود قريبا جدا” إلى الجزائر.

ووصلت الناشطة الجزائرية إلى تونس، الجمعة، حيث تم إيقافها حين محاولتها التوجه إلى فرنسا عبر الطائرة بجواز سفرها الفرنسي، ليقرر القضاء التونسي إطلاق سراحها لاحقا وتأجيل قضيتها إلى 23 شباط/فبراير، حسب ما أورده محاميها، لكن شرطة الحدود أوقفتها وتعرضت لخطر الترحيل إلى الجزائر قبل أن تتمكن في الأخير من مغادرة تونس.

وقد وصفت “بوراوي” ما وقع لها مع شرطة الحدود التونسية ب “الاختطاف”، وقدمت في منشور صادر عنها “أشكر كل الذين أكدوا أنني لن أجد نفسي خلف القضبان مرة أخرى”، في إشارة إلى “منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، والصحافيين، والموظفين القنصليين في سفارة فرنسا في تونس”.

وللإشارة فقد سبق للناشطة والصحافية “بوراوي” أن سُجنت عام 2020 بتهم عديدة، ليطلق سراحها في 2 تموز/يوليو 2020. وهي تواجه حكما بالسجن لمدة عامين بتهمة “الإساءة” للإسلام بسبب تعليقات أدلت بها على صفحتها بفيسبوك.

وارتباطا بنفس الحدث قال موقع إذاعة “راديو إم” الجزائرية حيث كانت تقدم “بوراوي” برنامجا سياسيا منذ أيلول/سبتمبر، إن هاته الأخيرة “معروفة منذ مشاركتها في حركة “بركات” عام 2014، التي قادت حملة ضد الولاية الرابعة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة وحاولت عدة مرات مغادرة البلاد في الأشهر الأخيرة لزيارة ابنها المستقر في فرنسا، لكن بدون جدوى”.

في الجانب المقابل كتبت يومية “المجاهد” الحكومية الرسمية، اليوم الأربعاء، في افتتاحيتها أن “فرنسا التي تواجه الكثير من الغضب في إفريقيا بسبب غطرستها الاستعمارية الجديدة لن تتغير أبدا”، واصفة موقفها الأخير  ب “غير الودي للغاية” اتجاه الجزائر وتونس.

وشنت الصحيفة الرسمية هجوما على باريس حيث قالت إن الجزائريين “سئموا من هذه التصرفات غير الودية من قبل فرنسا”، واصفة السياسة الفرنسية بالتي “تتقدم خطوة وتتراجع عشر خطوات” مضيفة “إنها تضفي برودة على العلاقات الثنائية، وذلك قبل أسابيع من زيارة الدولة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى فرنسا؟”.

واعتبرت الصحيفة أن باريس، بهذا التصرف، تضر بالعلاقات بين البلدين في الوقت الذي بدأت تشهد تحسنا، عقب الزيارة التي أجراها الرئيس الفرنسي إلى الجزائر في أغسطس الأخير وما أسفر عنها من نتائج، معتبرة أن ما حصل قد يؤدي “إلى تأزم الوضع وتعكير الجو الهادئ الذي كان يميز العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة”.

وربط مهتمون بين الحدث وقرار الرآسة التونسية إقالة وزير خارجية تونس، حيث لم تستطع الخارجية التونسية مواجهة الضغط الفرنسي الذي مورس عليها، خاصة وأن القنصلية الفرنسية خرجت للعلن لتقول إن الناشطة الفرنكو جزائرية، هي تحت الحماية الفرنسية.

وكانت “بوراوي” قد وجهت عبر حسابها على فيسبوك، سيلا من الانتقادات للسلطات الجزائرية والتي بررت بها مغادرتها الجزائر، والمتمثلة في عدم تحملها هذا القدر من الظلم، معددة أنواع هذا الظلم من منع المواطن من السفر كاعتداء على أبسط حقوقه، ومنعه من العمل، ومقاضاته حتى بسبب النكات على “فيسبوك” وهو ما يشعره بأنه غير مرغوب فيه، مشيرة إلى أنها تحس بالأمان حيث هي الآن، ولم تعد تخشى الاعتقال لمجرد بضع كلمات وحفنة من الأفكار على فيسبوك.

التعليقات مغلقة.