إلى أين يتجه العالم أمام هوس المصالح والحروب؟

هل العالم مقبل على حرب نووية مذمرة؟ المطلوب جبهة أممية مناهضة للحرب وللتفقير وزراعة الفتن لبيع السلاح وتحقيق مصالح الكارتيلات

 

أصوات: محمد حميمداني                         

الحروب ليس لها إلا معنى واحدا وهو أن وقودها هم الأبرياء ممن لم يساهموا في إشعالها، قتلا أو ذمارا أو جوعا، منطق المصالح هو الهاجس الأسمى، والحديث عن القيم المثلى، أو محور الشر والخير، حسب الهلوسة الأمريكية، غلاف لتبرير الاتجار بالسلاح وبالقتل.

يقف الرئيس الأمريكي، “جو بايدن” في مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، ليقول مفتخرا إن أكثر من 50 دولة قدمت الدبابات وذخائر المدفعية والصواريخ ومليارات الدولارات لدعم أوكرانيا. 

فخر قاتل للمستقبل وللحياة وتصدير لأزمات أمريكا للعالم لتواجه أزماتها الاقتصادية الداخلية وانهيار قوتها الاقتصادية، والوسيلة الذمار وليس شيئا سوى الذمار لاستعادة القوة كما حصل خلال عام 1929.

جحافل تجمع، وأموال تتدفق لتمويل الذمار، وليس لبناء قيم المحبة والسلام العالمي المقتول رأسماليا وأمميا، وتصدير للأزمات حفاظا على المصالح، وتجييش دولي لاستفزاز روسيا، وحرب عالمية ثالثة تطرق الأبواب وهاته المرة ستكون أكثر كارثية، فالنووي في الانتظار وكل أسلحة الذمار الكوني.

إن ما يقع مقدمة لهذا الجنون الأمريكي الغربي، كما حصل خلال الحرب العالمية الأولى حيث تم تجييش 70 دولة لزرع الذمار والخراب والقتل،،وفي الحرب العالمية الثانية 60 دولة.

وفي غزو العراق أيضا تم تجييش 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، وشاركت 20 دولة في غزو ليبيا بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا، وساهم في تدمير سوريا أجانب من 80 دولة.

جنون تصدير الحرب أصبح هاجسا أمريكيا غربيا، الجامع فيها أنها تخاض على أراض ليس أوروبية ولا أمريكية لها ارتباط بتلك الدول المجيشة.

في علم الاقتصاد كثر الحديث عن دول المحور ودول المحيط، ورغبة دول المحور في ربط العالم في مسلسل التخلف والفقر والتبعية، التي لا يكون مدخلها سوى المزيد من خلق التوثرات، وإشعال فتيل الحروب من أجل مصالحها وسيادتها واستغلالها لخيرات الشعوب، والبوابة لتحقيق كل ذلك زرع الفتن وإشعال الحروب والتخويف من الإرهاب التي خلقته تلك الدول، والحديث عن القيم المغيبة في علاقات تلك الدول الداخلية والخارجية.   

فلا غرابة إذن أن تكون أراضي وشعوب أراضي العالم القديم (آسيا وأوروبا وأفريقيا) هي مركز تلك الحروب، وأن يصدر لها السلاح والأزمات والفتن من أجل تحقيق هيمنتها على حساب شوعب تلك الدول التي تبقى وقود تلك الحروب.

الواقع الآني أخطر، فالحرب القادمة لن تكون كسابقاتها بل حربا نووية مذمرة، فعندما ضربت الولايات المتحدة اليابان بقنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي، قنبلتين فقط أحدثتا الكارثة، فما بالنا بصواريخ مهيأة للإقلاع من أجل القتل والذمار.

الواقع الأساسي الذي يجب أن تعيه الشعوب أن تلك الحروب رأسمالية بالدرجة الأولى وهدفها فرض شروط الرأسمالية ومصالحها على الأمم والشعوب، ولو كان ذلك على حساب الشعوب وزراعة القتل والذمار. 

إن عالم اليوم يعيش جنونا قاتلا للحياة، وعلى الشعوب الوعي بذلك والدفاع عن الحياة وغرس قيم المحبة المقتولة نتيجة جشع الكارتيلات والمصالح الاقتصادية الكبرى، وضرب كل شكل من أشكال التفكير في التحرر الاقتصادي والسياسي، وتحقيق الرفاه المجتمعي للدول الفقيرة.

إن الحديث عن الدفاع عن الحرية والديمقراطية ومحاربة الإرهاب كلها شعارات اختلقت أمريكيا من أجل ترويض العالم.

 

والمعضلة الكبرى أن الولايات المتحدة متهمة من وسائل إعلامها، وباعتراف مسؤوليها أمام لجانها البرلمانية، أنها تساعد التنظيمات الإرهابية من القاعدة إلى (كتائب آزوف) في أوكرانيا إلخ….

في تقرير أصدرته “مجموعة الأزمات الدولية” بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2022، تحت عنوان “توقفوا عن خوض الحروب العمياء”، نقل التقرير أنه ومنذ إعلان “الحرب على الإرهاب” عام 2011 حدث خلل دستوري داخل الولايات المتحدة، إذ تراجع دور السلطة التشريعية المنوط بها دستورياً إعلان حالة الحرب، وتزايد دور السلطة التنفيذية الذي كان دوراً محصوراً في السابق في حالات الدفاع عن النفس.

وأضاف كان الرؤساء الأميركيون قد تجاوزوا النص الدستوري في حروب كوريا وفيتنام وكمبوديا، لكن الكونغرس عاد لوضع المزيد من القيود من خلال “قانون سلطات الحرب 1973” الذي يجبر الرئيس الأميركي على إيقاف العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأميركية من دون إعلان حالة الحرب خلال 60 يوماً من إطلاقها.

تجاوز الرؤساء الأميركيين للدستور قابله صمت داخل مجلس النواب أو الشيوخ الأميركي عن هذا الخرق الدستوري لسبب بسيط وهو أن الخسائر البشرية الأميركية محدودة جداً، وأن هذه الحروب تنعكس إيجاباً على الاقتصاد الأميركي، وخصوصاً كارتيلات الطاقة وبيع الأسلحة، على عكس حرب فيتنام، مثلاً، التي كانت الخسائر البشرية الأميركية فيها كبيرة والفوائد الاقتصادية محدودة.

التجارب أتبثت أن الرأسمالية لا تمتلك وسيلة لفرض مصالحها على العالم إلا بالحرب واستعمال القوة، وأن مصالح الرأسمالية واحدة بغض النظر عن اسم الدولة أو موقعها الجغرافي أو الصورة التي تحاول تصديرها إلى العالم.

المطلوب في الوقت الراهن جبهة مقاومة عالمية رافضة للحروب مكافحة من أجل تحقيق التحرر الوطني ومقاومة إمبراطورية الشر الرأسماليةالتي تزرع الفتن وتغدي النزاعات وتشعل فتيل الحروب دفاعا عن مصالح الكارتيلات ليس إلا.

التعليقات مغلقة.