هزائم فرنسا في إفريقيا ومسلسل الانتقامات من المغرب ونجومه “حكيمي ولمجرد”

محمد عيدني

هل أصبحنا نشهد قصة شد الحبل، وقصة القط والفأر، في علاقة السلطات الفرنسية مع النجوم المغاربة، حيث أصبحت التهم موجودة ومهيأة للانتقام من مغربية أبطال ونجوم، الجامع بين الاستهدافين “الاغتصاب”، والاتهام المهيأ لتلفيقه في مسعى تذميري لا يستمد مشروعيته إلا من طبخ مهيأ مع سبق الإصرار والترصد، وهو ما يدفعنا للجزم بأن فرنسا أصبحت تعيش تحت وطأة اغتصاب الاتهام، عبر التسريع في مساطر الانتقام والدوس على كافة الحقوق المرتبطة بالعدالة التي علقت فوق “برج إيفل” معلنة اندحار كل القيم التي رسخها “مونتسكيو” وآخرون مع فلسفة الحرية والأنوار، ليعم عاصمة الأنوار ظلام الاعتداء على الحقوق ومصادرتها في توحد هوية الاستهداف للمغرب ولنجومه ورياضييه.

هذا التوحد في الهجوم يعكس تورط القضاء الفرنسي في حملة ممنهجة لتشويه سمعة المغرب ورجالاته، وهو ما يبرز بما لا يدع مجالا للشك عودة الدولة العميقة للتحكم في القرارات السياسية وحتى القضائية في فرنسا.

لقد أصبح القضاء الفرنسي بهذا الاستهداف جزءا من مسرحية المؤامرة التي كانت بوابتها البرلمان الأوروبي واستهداف المغرب ومؤسساته، لتتدحرج تلك المؤامرة أمام قوة الرد المغربي إلى استهداف كافة القيم الوطنية ورجالات الوطن ممن يرفعون راية المغرب في كافة المحافل الفنية العالمية، والرياضية الكونية.

ليس من باب المصادفة أن نجد هذا التلاقي وإن اختلفت الأماكن والشخوص من الاستوديوهات الفنية إلى الملاعب الرياضية إلى قبة البرلمان الأوروبي؛ الحملة واحدة، والاستهداف واحد، والمستهدف واحد، والمؤامرة لا تتوقف ولن تتوقف عند هذا الحد بل إنها سلسلة متحركة تستهدف المغرب ومؤسساته ورجالاته.

فليس من باب المصادفة أن تمثل إلى الأذهان ردة فعل “أشرف حكيمي” على المؤامرة التحكيمية التي طالت المغرب والمنتخب المغربي خلال مونديال قطر 2022، والتي عبر عنها “حكيمي” بتلك الصورة العفوية التي تحاكم الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” ورئيس الفيفا، وبطبيعة الحال لن ينسى “ماكرون الأمر، ولا بد من الانتقام من لاعب المنتخب المغربي وباريس سان جيرمان، عبر بوابة خلق ملف عدائي جديد يرصع سلسلة العداوات والحقد التي رصعت تاريخ فرنسا، وهو ما وعته الشعوب الإفريقية التي سارعت إلى إجلاء قوات باريس من كل من “مالي” و”بوركينافاصو” كتعبير عن الرفض لهاته السياسة الرعناء التي تديرها فرنسا بأوسخ الأساليب، ليس ضد “أشرف حكيمي”، الذي تم اختياره كأحسن لاعب عربي خلال عام 2022، حسب تصنيف ال “فيفا”، من خلال اتهامه رسميا بالاغتصاب، بل ضد المغرب والمغاربة.

وليس مصادفة أن يتزامن هذا الاتهام مع إصدار حكم ضد الفنان المغربي “سعد لمجرد” بعد أقل من أسبوع، والقضاء الفرنسي لم يهنأ له بال في واقع المحاكمة وما شابها من خروقات عبر عنها دفاع “لمجرد”، فيقرر من جديد متابعة نجم مغربي آخر، وربما اللائحة لن تتوقف، بل لعلنا سنكون أمام فصول انتقامية جديدة ضد أسماء جديدة، وبطبيعة الحال تنتسب للمغرب.

فرنسا المهزومة إفريقيا حتى أمام قوة الحضور المغربي، والمطرودة من إفريقيا بقوة وعي شعوبها، أمام حضور صيني وروسي وتركي ومغربي، لن تنسى تلك الهزائم السياسية والاقتصادية، لن تنسى مقاطعة شركاتها، لن تنسى الإقلاع التنموي الذي يشهده المغرب، وضمنه الرياضي لتقرر الانتقام من كل شيء اسمه المغرب، أو مالي، أو بوريكينافاصو، في وعي مرضي تشكل في باريس، كشر عن أنياب الانتقام من كل القيم، ووظف لتمرير هاته الأماني العدوانية القضاء الذي كان في وقت من الأوقات مفخرة العالم الحر.

على الدولة المغربية بكافة مؤسساتها وعي الدرس الفرنسي والتصدي له بالقوة التي عبر عنها البرلمان المغربي، والدولة المغربية من خلال إبقاء بعثتها الدبلوماسية بدون رأس، لكن هاته الخطوات تبقى ضيقة أمام قوة وقباحة الاستهداف الذي طال أبناء هذا الشعب الأبي الذي مرغ الفرنسيين في معركة التحرير.

أن يحاكم نجم “البوب” العربي، وبعده نجم كرة القدم المغربية بنفس صك الاتهام، معناه أن الاستهداف عميق وليس عرضيا، وهو ما عبرت عنه محامية اللاعب المغربي “اشرف حكيمي”.

إن ما نراه اليوم هو حملة مسعورة ضد المغرب، لتجرئه على منافسة فرنسا في إفريقيا، وربطه علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” وتقوية علاقاته مع إسبانيا نحو شراكة استراتيجية جعلت فرنسا تتهاوى في سلم المبادلات التجارية لصالح إسبانيا التي أصبحت تحتل المرتبة الأولى التي كانت تحتلها فرنسا، وباريس أرسلت عدة رسائل عدائية بدءا من تصريحات “ماكرون” ضد الوحدة الترابية وصولا إلى الحصول على تأشيرة “شنغن”، وقائمة الاستهدافات طويلة.

حينما وجه مكتب المدعي العام الفرنسي في “نانتير” بالضاحية الغربية للعاصمة الفرنسية، تهمة الاغتصاب إلى “أشرف حكيمي”، عبر بلاغ رسمي، وفقا لما ادعاه من شكاية تقدمت بها شابة، إلى السلطات الفرنسية، فهو يعكس حقيقة اغتصاب الاتهام وبأوسخ الصور ، فيما نفس القضاء يركن شكايات الدولة المغربية ضد بعض وسائل الإعلام الفرنسية في سلة مهملات بقصر العدل، بقرار رسمي سياسي أعلى، من خلال اتهام المغرب في قضايا تجسس “بيغاسوس” بدون تقديم أي دليل يثبت الادعاء، وهو نفس الموقف الذي قوبل به اتهام الصحافيين، “إيريك لوران” و”كاثرين غراسيي”، اللذين ابتزا مؤسسات المغرب وثبت ذلك في حقهما بالحجة والدليل، لكن القضاء الفرنسي الموجه من قبل الدولة العميقة بلع فاه ولم يعر كل هاته الشكايات أية قيمة، لأن الفلسفة التوجيهية التي يتبناها بأمر من دوائر القرار السياسية هو تشويه سمعة المغرب والمغاربة والتصدي لآلية التمرد التي أعلن عنها ضد الحضور الفرنسي في المغرب وفي القارة السمراء.

ليس غريبا أن يخرج رأس الدولة الفرنسية، إيمانويل ماكرون، خلال ندوة صحافية عقدها في قصر الـ”إيلزي”، يوم الاثنين الماضي، حيث قال بأنه براء من الحملات الهوجاء التي يشنها الإعلام والقضاء الفرنسي ضد المغرب، مدعيا أن العلاقات بين البلدين ودية وجيدة، وهو ما نفاه مصدر آخر جملة وتفصيلا في حديث مع مجلة “Jeune Afrique” الفرنسية.

المؤامرة واسعة والاستهداف ممنهج وهو ما عبر عنه جان مارك فيديدا، محامي الفنان المغربي، سعد لمجرد، الذي قال في حديث أدلى به لقناة “العربية”، إن الحكم الذي أصدرته جنايات “باريس” في حق موكله مثير للدهشة ولا يتوافق مع طبيعة القضية، مضيفا أن الحكم الصادر لم يبن على أدلة مادية تتبث الادعاء، مبرزا أن “الحكم الصادر أمر صادم وغير عادل إلى حد كبير؛ لأن الفحوصات أظهرت عدم وجود أي أثر للحمض النووي في الأعضاء التناسلية للورا بريول، وهذا ما يدل على عدم وجود أي فعل اغتصاب من طرف لمجرد”.

نفس المنحى ذهبت إليه محامية الدولي المغربي، ونجم فريق باريس سان جيرمان، أشرف حكيمي، الفرنسية فاني كولين، واصفة المحاكمة بمحاولة “ابتزاز” يتعرض لها النجم المغربي، مضيفة أن المبلغة عن الاغتصاب رفضت تقديم شكاية في موضوع الاغتصاب، أو إجراء الفحوصات الطبية والنفسية، ومواجهة حكيمي في الموضوع، مفيدة أن النيابة العامة لا يمكنها أن تعتمد فقط على أقوال طرف واحد، مضيفة أن موكلها يتعرض لمحاولة “ابتزاز”.

هكذا تتوضح خيوط اللعبة القذرة التي تنهجها باريس اتجاه المغرب ومؤسساته ورجالاته وأبطاله، كفكر انتقامي يستعمل القضاء مطية لتصفية حسابات سياسية واقتصادية على حساب العدالة، في مشهد ساقط يعكس سقوط كل القيم التي بنيت عليها الثورة الفرنسية، ويعري ما تبقى من ورقة التوت التي تغطي عورة القضاء الفرنسي الخادم للدولة العميقة، البعيد كل البعد عن العدالة بمفهومها الأسمى.

وعلى الدولة المغربية التصدي للمؤات بقوة، لأن الأمر يعتبر اعتداء على المغرب دولة ومؤسسات ومواطنين، في تعبير مرضي عن فشل فرنسا في إفريقيا وهو ما يتطلب التعامل معه بالصرامة والقوة التي يحبها الجانب الفرنسي، وقطع كافة أشكال العلاقات مع هاته الدولة التي اعتدت على كافة حقوق المغرب وعبرت عن دعمها لكل ما يعادي مصالح المغرب، وانتقلت الآن لاغتصاب المغاربة من بوابة القضاء التابع للدولة العميقة الفرنسية.

يتبع

التعليقات مغلقة.