بعد أن أزم البلاد والعباد “بنكيران” يعود لشطحاته الإيمانية لضغضغة عواطف المريدين وبسطاء القوم

محمد حميمداني

نبه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام ل”حزب العدالة والتنمية”، أعضاء حزبه إلى ضرورة الوعي ب”ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم، تجاه دينهم ووطنهم وملكهم”، قائلا: “مسؤوليتكم اليوم مسؤولية كبيرة”.

جاء هذا التنبيه عبر كلمة ألقاها “بن كيران” خلال “الملتقى الجهوي للهيئات المجالية بجهة الدار البيضاء سطات”، المنظم يوم 28 ماي 2023 بالدار البيضاء، حيث قال إن “كلام ربنا يفيد أنه علينا تحمل المسؤولية إلى أن نلقاه”.

الأكيد أن هاته الكلمات التي حاول “بن بنكيران” اللعب على الأوثار الإيمانية المتضمنة داخلها والموجهة لمناصري حزبه ومريديه، ومن خلالهم لعموم الناس، لا تقدم أي تقييم للوضع القائم وأي تفكيك للشأن العام، وأيضا، وهو المأمول والمنتظر، مسؤولياته الشخصية، ومسؤوليات حزبه عن مجموعة من الكوارث التي رسختها تجربة 10 سنوات من التدبير، بما حملته من مآس وكوارث على كافة الأصعدة، والتي لن تفيد هاته النصائح الإيمانية في إرجاع الوضع إلى سابق عهده، أي قبيل تولي “بن كيران” أول تجربة حكومية ذات توجه إسلامي، ولن تشفع له اعتبارا لمسؤوليته المباشرة مع أخيه في الزعامة “سعد الدين العثماني” ومشايخ وزارتيهما، عن تمرير أخطر القرارات التي استهدفت الشعب المغربي في قوته، واستقراره الاجتماعي، وأيضا مسؤولية حزبه عن نكوص واقع الحقوق والحريات في المغرب.

استمرارا لهاته النفحات الإيمانية المقدمة للنصح قال “بن كيران”: “لا تتركوا هذه الشعلة التي اشتعلت في المغرب كله”، مضيفا: “أنتم جئتم لأمور كبيرة، وهذا يعني الاستعداد لأداء الثمن”.

ولا ندري في الحقيقة عن أي شعلة يتحدث “بن كيران”؟ ودون أن ندخل في التفاصيل التي أعطى الشعب المغربي فيها رأيه خلال الاستحقاقات النيابية الأخيرة والتي هوت بحزبه إلى منحذر خطير، وكان من الأجدى وفق القواعد الديمقراطية أن يتنحى نهائيا عن ممارسة السياسة تبعا للمذلة التي حملتها، وأن يعتذر للشعب المغربي عما أفسده في سوق المجتمع بدل الحديث عن شعل لا يراها المواطن، لأن كل ما عايشه هو الكوارث والأزمات والفقر وإغراق البلاد في الديون ورهنها للمؤسسات المالية العالمية.

ونصح “بنكيران” أعضاء حزبه ومريديه بأن يرجعوا للناس ويقولوا لهم الحقيقة، ويشرحوا لهم ما يقع، وأن يدعوهم للنهوض قبل فوات الأوان.

جميل جدا أن نجد هذا النمط من السلوك السياسي يتم التفكير فيه كأسلوب للتدبير العام، لكن ما المانع من أن يقول “بن كيران” الحقيقة للمواطنين؟، وأن يصرح في جرأة ونقد ذاتي بمسؤوليته مع حزبه في ضرب كل مقومات استقرار الشعب المغربي، وفئاته الهشة التي زاد تدبيره من هشاشتها، وأن يقول للناس ماذا فعل في محاربة الريع والفساد؟ وهل الريع هو القوت اليومي للمواطنين وتحرير الاسعار وجعل المواطن عرضة لواقع أليم هو المسؤول عنه في المقام الأول؟، ما تفعله الحكومة اليوم هو استثمار لما مرر من قرارات خطيرة على عهد حكومة “العدالة والتنمية” الأولى والثانية.

وفي هذا السياق نوجه سؤالا إلى “عبد الإله بن كيران” ألم تتعبوا من العويل وإلصاق الأزمات التي أنتم مسؤولون عنها على الآخرين؟، الأكيد أنهم يتحملون هم أيضا المسؤولية، لكن يجب أن يعترف حزب “المصباح” وزعيمه أن أخطر القرارات التي استهدفت الشعب المغربي كان هو وحزبه من ورائها، والابتعاد عن تغطية “الشمس بالغربال”، لأن الشعب المغربي لم يعد خروفا لا يستوعب الوضع، ولم يعد “يبعبع” كما يعتقد “بن كيران” وحزبه، وأن كلام “التماسيح والعفاريت” التي ألصف بها أزمته انتهى، لأن الواقع فضحه، وللعدالة والتنمية العبرة في رديفتها العدالة والتنمية في تركيا التي فازت في الانتخابات لأنها قدمت برامج لصالح الشعب، والشعب حينما يعطيها الثقة فهو يدافع عن مصالحه أولا وقبل كل شيء وعن حقه في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى النفسي، وما صرفه “بن كيران” عكس خواء الوعاء، وعمى الرؤية، وعقم المحتوى.

      

واعترافا بأزمته مع حزبه، حاول “بن كيران” التنفيس عن كرب مريديه بقوله “ليس لنا إلا الله في السماء، ومواطنينا في الأرض”، داعيا إلى التمسك بالمبادئ والقيم وخاتما قوله وكأنه بصدد الإعداد لفتح “عمورية” وأما “النصر فمن عند الله”.
 

وكفي تعليقا لأن الحمولة فارغة والموضوع بلا معنى على حد قول المناطقة، والشعب المغربي المؤمن والمسلم يعرف طريق المساجد وطريق الله، ولا يحتاج ل”صكوك” تشهد على إيمانه، وما ينتظره هو لقمة عيش أقبرت بفعل سياسات حزب “بن كيران”، وتعليما لأبنائه، وتطبيبا لأهله ….، وهلم جرا مما أقبره “بن كيران” وحزبه، والذي تسير على هديه الحكومة القائمة، ليأتي اليوم لابسا جلباب الواعظ الفقيه المبجل، وعلى حد قول المثل العربي “اللي تسنينا براكتو وجدناه في الجامع ببلغتو”. 

التعليقات مغلقة.