أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أصوات: الاعتداء على الصحفي ياسين فرجي محاولة لتكميم الأفواه والكشف عن الفساد

بمكتب الرباط

أصوات من الرباط

في ظل ما تشهده الساحة الإعلامية من محاولات لتقييد الحريات الصحفية والاعتداء على رجال الإعلام، تتعرض جريدة “أصوات” للمرة الثانية لاعتداء سافر يستهدف أحد مراسليها الشجعان، الزميل ياسين فرجي، وذلك يوم الجمعة 6 يونيو 2025. لم يكن هذا الاعتداء مجرد حادث عابر، بل هو حلقة في سلسلة طويلة من المضايقات والتهديدات التي تطاله وعائلته، على خلفية جهوده المتواصلة لكشف الفساد المستشري في ملف البناء العشوائي بحي الديزة بمرتيل، وطمر وادي الدرع الميت.
تعرض الزميل ياسين فرجي للاعتداء الأخير على يد جارته وابنتها في حي الديزة بمرتيل، بعيداً عن كاميرات المراقبة الخاصة بمنزله التي وثقت سابقاً تهديدات متكررة من نفس السيدة. بدأت الحادثة بنعت الزميل فرجي بـ”المثلي” أمام الملأ، مما اضطره لتوثيق هذا التشهير اللفظي عبر هاتفه. تأتي هذه الخطوة مدفوعة بالتجربة المريرة السابقة، حيث سبق لوالدة الزميل أن تقدمت بشكوى ضد نفس السيدة وزوجها لدى شرطة مرتيل، لكن الشكوى حُفظت بحجة عدم وجود دليل مصور يثبت اعتداءاتهم المتكررة.
هذا ليس الاعتداء الأول الذي يتعرض له الزميل ياسين فرجي. ففي واقعة سابقة، تعرض لمحاولة قتل، سجلتها المحكمة كـ”تبادل ضرب وجرح”، وحُكم عليه غيابياً بشهرين حبساً موقوف التنفيذ وغرامة قدرها 1000 درهم، مع تحميله الصائر. كانت منفذة الاعتداء الأول أيضاً سيدة رفقة بناتها وعدد من أصحابها، الذين جعلهم الضابط المكلف بالتحقيق شهوداً، قبل أن يُفصل هذا الضابط لاحقاً من عمله ويزج به في السجن بسبب قضايا فساد ورشوة. يعتقد الزميل فرجي أن حكم المحكمة الأول وحفظ شكوى والدته قد زادا من حماس هذه السيدة وزوجها للتمادي في اعتداءاتهم.
فخلال توثيق الاعتداء الأخير، وعندما طلب الزميل فرجي منها التوجه إلى مركز الشرطة، ردت المعتدية حرفياً: “آشمن بوليس واشمن ريه؟” وهمت بالتقاط الحجارة لرميه بها، وهو ما حدث بالفعل. انقضت هي وابنتها عليه وحاصرتاه لضربه بالحجارة. تمكن الزميل من تفادي معظم الضربات، حيث أخطأت بعضها هدفها وأصابت ابنة المعتدية و العكس، فيما تضررت يده اليسرى التي استخدمها كدرع لحماية رأسه.
إن السبب المحتمل وراء هذه الاعتداءات المتكررة هو التحريض من قبل أعوان السلطة. فقد جرت العادة أن تكون ردة فعلهم انتقامية على أي تدوينة أو مقال ينشره الزميل حول ملف البناء العشوائي في حي الديزة، وعلى وادي الدرع الميت بعد طمره، وعن تماطل السلطات المختصة في المراقبة والتبليغ عن عدد من الخروقات. كان آخر هذه المقالات مقال نُشر على “ماب ميديا” بعنوان “البناء العشوائي يتفشى في حي الديزة بمرتيل وسط تراجع الرقابة” بتاريخ 18 أكتوبر 2024. بعده مباشرة، بدأت مضايقات عائلة الزميل ياسين فرجي، كاتب المقال، على والدته وأخته بصفة خاصة. ورغم أن هاتين الأخيرتين تتفاديان الرد والاحتكاك مع المعتدين بسبب سكنهم المتجاور، إلا أن الزميل نفسه كان يعود إلى مقر عمله بالإدارة المركزية لمجموعة أمل الصحفية وسكنه بالرباط بعد كل زيارة لعائلته، وبعد اضطراره لحضور جلسات محاكمته في الاعتداء الأول التي لا تزال تؤجل دون الاستماع إليه أبداً. هذه المرة، طالت زيارته لأهله بعد أن قررت المؤسسة منحه عطلة طويلة نسبياً لإنهاء جلسات محاكمته والتوصل إلى اتفاق صلح مع المعتدية الأولى، بناءً على طلب محاميها في الجلسة الأخيرة.
يبدو أن طول إقامته بمنزل أهله قد اعتبره البلطجية “إقالته عن العمل ونهاية مساره المهني”، وهي “لحظة ضعف” بدت لهم مناسبة للهجوم عليه بعيداً عن أعين الكاميرات، في محاولة لإسكاته نهائيا وإغلاق ملف الدرع الميت بمرتيل في الإعلام نهائياً. ولا يُعد الزميل فرجي الوحيد الذي يتعرض لمضايقات بسبب هذا الملف، فقد بلغنا أن أحد أعضاء مجلس جماعة مرتيل من المعارضة يتعرض في هذه الفترة لتهديدات ومضايقات بسبب انتقاده طمر وادي الدرع الميت بمدينة مرتيل ومرافعته حول الموضوع في المؤسسات الرسمية المختصة. هذا الأمر يحدث لأي فاعل سياسي أو جمعوي أو حتى صحفي بمدينة مرتيل يجرؤ ويدافع عن وادي الدرع الميت ورفض طمره، لما لذلك من آثار سلبية على البيئة، ولأن تقليص جنابات الوادي يجعل أقل التساقطات تسبب فيضانات بالمدينة، كون مياه الأمطار ومد البحر، طمر مكان تصرفهما. وبالطبع لما في ذلك من أثر سلبي على المصالح المالية لأعوان السلطة، خصوصاً بجهة الدرع الميت. فقد تروج أخبار في الحي أن العلب الإسمنتية التي تبنى فوق الأجزاء المطمورة من الوادي هي في الأصل استثمار لأعوان السلطة بتمويل البناء كلياً، وأن سكان تلك المساكن المماثلة لمسكن السيدة التي اعتدت على مراسلنا اليوم هم “بلطجية” يتم استقطابهم من البوادي وإسكانهم في تلك الغرف لبيعها بأثمان خيالية بحجة أن المنزل في مدينة سياحية وأن تهيئة الحي قريبة والعقار في ارتفاع.

إن جريدة “أصوات” إذ تدين بأشد العبارات هذا الاعتداء السافر على الزميل ياسين فرجي، فإنها تؤكد على تضامنها المطلق معه ومع عائلته، وتدعو السلطات القضائية والأمنية إلى فتح تحقيق شفاف وعادل في هذه الوقائع، ووضع حد لهذا المسلسل من المضايقات والتهديدات. لن نسمح بترهيب صحافيينا أو إسكات صوت الحقيقة، وسنظل ملتزمين بواجبنا في كشف الفساد والدفاع عن المصلحة العامة.

التعليقات مغلقة.