يعد قطاع كراء المنازل والعقارات في المغرب من القطاعات الحيوية التي تشهد نشاطاً متزايداً، سواءً في المدن الكبرى أو في المناطق السياحية. وعلى الرغم من أهمية هذا القطاع في توفير السكن وتلبية احتياجات العديد من المواطنين، إلا أن هناك تحديات ملحوظة تتعلق بعدم استخلاص الضرائب من أصحاب العقارات المؤجرة، مما يؤثر سلباً على مداخيل الدولة ويفتح الباب أمام التهرب الضريبي.
في ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الماسة إلى وضع قوانين جديدة تضمن تنظيم وتتبع عمليات كراء المنازل والعقارات، وتفرض على أصحاب العقارات الالتزام بدفع الضرائب المستحقة. إن هذا الأمر لا يخدم فقط خزينة الدولة، بل يساعد أيضاً في تحقيق العدالة المالية وضمان مساهمة الجميع في دعم الاقتصاد الوطني.
الكثير من أصحاب العقارات في المغرب يزاولون نشاط الكراء دون أن يصرحوا بدخلهم الضريبي الناتج عن هذه العمليات، سواء كان ذلك للبيوت أو الشقق أو حتى الفيلات، وهو ما يحرم الدولة من عائدات ضريبية مهمة. هذا التهرب يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني ويخلق تفاوتاً بين الذين يلتزمون بدفع الضرائب وبين من يتحايلون للتهرب منها.
تتطلب هذه الوضعية تفعيل قوانين صارمة تُلزم أصحاب العقارات بالإفصاح عن مداخيل الكراء بشكل دوري، وإدخال نظام رقابي يضمن تتبع هذه العمليات بكل شفافية. كما ينبغي أن يتم تبسيط إجراءات التصريح الضريبي لأصحاب العقارات، وتقديم حوافز تشجيعية للراغبين في الامتثال للقوانين، مع فرض عقوبات مشددة على المخالفين.
إن فرض ضرائب على عمليات الكراء يساعد في تحقيق العديد من الأهداف، منها تحسين مداخيل الدولة التي يمكن استثمارها في تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات العامة. كما أن النظام الضريبي المنصف يساهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً، حيث يكون لكل فرد أو جهة دورها في المساهمة في التنمية.
لتحقيق هذه الأهداف، يتوجب على الحكومة إحداث منصة إلكترونية تتيح لأصحاب العقارات تسجيل عقود الكراء والإفصاح عن مداخيلهم بسهولة، وتسهيل عملية دفع الضرائب إلكترونياً. كما ينبغي إتاحة أدوات رقابية تكشف عن أي محاولات للتهرب الضريبي عبر تتبع الإعلانات العقارية ومراقبة عقود الكراء بشكل دوري.
إن وضع قوانين صارمة لتنظيم قطاع كراء المنازل وجعله خاضعاً للضريبة يعتبر خطوة ضرورية لتعزيز الشفافية المالية وتحقيق التوازن الاقتصادي، وضمان أن يسهم الجميع في دعم المصلحة العامة وتطوير البلاد بشكل عادل ومستدام.
التعليقات مغلقة.