أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

الأعراس المغربية بين الأصالة والمبالغة: فرحة شعبية أم عبء اجتماعي؟

من قلب الارث الثقافي المغربي، تظل الأعراس واحدة من أهم المناسبات الاجتماعية التي تجسد روح الجماعة، وتكرّس التقاليد الأصيلة التي توارثها الأجيال. يتنوع شكل العرس المغربي من منطقة لأخرى، لكنه يحتفظ دائماً بطابعه الفولكلوري المميز ، وبغناه بالرموز الدينية والثقافية والاجتماعية.

يبدأ العرس المغربي غالباً بطقوس “الحناء” التي تُقام ليلة أو ليلتين قبل الزفاف، وتُخصص للعروس وأحيانا أخرى لهما معا وتُرافقها الزغاريد، والرقصات التقليدية، والأهازيج الشعبية. أما في يوم الزفاف، فتلبس العروس “التكشيطة” أو “القفطان” المغربي، وتُحمل على “العمارية”، فيما يُقام حفل كبير يحضره الأهل والجيران والأصدقاء، وتُقدّم فيه أطباق مغربية شهيرة مثل “المشوي”، و”البسطيلة”.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت الأعراس المغربية تطوراً كبيراً من حيث التنظيم، حيث أصبحت شركات متخصصة تتكلف بكل التفاصيل من الديكور و الهي إلى التصوير، مما أعطى للحفلات بعداً أكثر حداثة وأناقة.

تكمن أبرز إيجابيات الأعراس المغربية في كونها وسيلة فعالة للحفاظ على التراث الثقافي المغربي، إذ تُمثل فرصة لعرض الأزياء التقليدية، والموسيقى التراثية، والأكلات الشعبية. كما تُعزز هذه المناسبة الروابط الأسرية والاجتماعية، حيث يلتقي أفراد العائلة الموسعة ويتشاركون الفرح، في مشهد يجمع بين الحميمية والاحتفاء الجماعي.

وبعيدا عن الجانب الاحتفالي البهيج، فإن الأعراس المغربية أصبحت في بعض الأحيان عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسر، بسبب ما تتطلبه من مصاريف باهظة، قد تتجاوز إمكانيات العروسين وأسرهم. يتنافس البعض في إقامة أعراس فاخرة، ليس بدافع الفرح فقط، بل بدافع المجاراة أو الظهور الاجتماعي، ما يُفضي إلى ضغوط نفسية ومادية، وأحياناً إلى الاستدانة. كما قد تتحول الأعراس إلى استعراض استهلاكي فارغ من المعنى الروحي الذي يفترض أن يميّز الزواج.

فبين من يرى في الأعراس المغربية تجلياً جميلاً لهوية البلد، ومن يعتبرها مناسبة مكلفة وغير عملية، يبقى التحدي في إيجاد توازن بين المحافظة على الطابع التقليدي للعرس وبين الابتعاد عن المبالغة والتكلف. فالفرح الحقيقي لا يُقاس بالبذخ، بل بما يحمله من محبة وتضامن وبساطة و تطلع الى مستقبل أفضل و ذرية صالحة.

التعليقات مغلقة.