محمد حميمداني
في محاولة لتحريك الجامد و المتوتر في العلاقات الفرنسية – الجزائرية، خرج “ماكرون” ليكسر جليد الصمت و يخفف من وطأة حدة الصراع ، متحدثا بلغة دبلوماسية عما أسماه علاقات “ودية حقا” تربطه بنظيره الجزائري “عبد المجيد تبون” ، في الوقت الذي تمر فيه علاقات البلدين بأسوأ مراحلها ، و التي وصلت حد استدعاء الجزائر لسفيرها ، كل هذا في ظل جائحة داخلية تنذر بأوخم النتائج مع تحول نظام “العسكر” إلى حلقة أساسية في دعم حالة عدم الاستقرار و خدمة المصالح الفرنسية في مالي .
و هكذا فقد قال “ماكرون” في مقابلة مع إحدى القنوات الفرنسية “أتمنى أن يكون هناك تهدئة لأنني أعتقد أنه من الأفضل التحدث مع بعضنا البعض” .
و في محاولة لتوجيه رسالة تضع مسافة ما بين القرار السياسي و القرار الشعبي ، قال ماكرون “إنني أكن احتراما كبيرا للشعب الجزائري ، ولدي علاقات ودية حقا مع الرئيس تبون” .
مواقف “ماكرون” الأخيرة أثارت غضبا داخليا ، و هو ما عكسته وسائل الإعلام الجزائرية ، التي تحدثت عن كون “ماكرون” ، “لا يفوت أية فرصة لإذلال الجزائر و احتقارها إلا أن الجنرالات يقدمون له فروض الولاء و الطاعة” ، الشيء الذي يعري واقعة العلاقة الرسمية القائمة بين فرنسا و الجزائر الرسمية و التي يحاول جاهدة جنرالات الجزائر إخفاء حقيقتها من خلال بيانات و مواقف متناقضة سرعان ما تعريها و تكشفها تصريحات الأطراف ذات الصلة بهاته المواقف ، كما هو حال التدخل الجزائري لخدمة أجندة “ماكرون” في “مالي” ، حماية لمصالح فرنسا في هذا البلد الإفريقي ومساعدة لفرنسا على التصدي للمنافسة الصينية و الروسية و المغربية … في إفريقيا .
و هو نفس المنحى الذي ذهبت إليه وسائل إعلام أخرى و التي عنونت مداخلتها بالقول بأن هناك مقولة مشهورة في العالم وهي أن كل دول العالم تملك جيوشا إلا في الجزائر فالجيش هو الذي يملك دولة ، فهو المسؤول عن إدارة الملفات و الصراعات السياسية ، و هو ما حاول “ماكرون” إبرازه من خلال الإشارة للعلاقات “الطيبة” التي تربط فرنسا بالشعب الجزائري و الرئيس “تبون” ، فيما استثنى الجيش الذي يعتبر الذراع القوية المتحكمة في دواليب السلطة و تصدير الموت خدمة للمصالح الضيقة ، و التاريخ في هذا الباب طويل من الإطاحة ، صيف سنة 1962 ، بالحكومة المؤقتة المستمدة للشرعية و الفاقدة للقوة ، إلى انقلاب وزير الدفاع حينها “العقيد هواري بومدين” على رئيسه “أحمد بن بلة” ، و إيقاف الجيش للمسار الديمقراطي سنة 1992 ، إلى اغتيال “بوضياف” ف “القايد صالح” .
كما أن الواقع المعاش في بلد البترول و الغاز يعكس حقيقة السياسات المنتهجة و المتقاطعة على خطين ، الأول المتمثل في إغناء “الكابرانات” و من يدور في فلكهم ، و الثاني جحافل جيش الفقراء الذين أصبحت الجزائر تفرزهم مع الارتفاع الصاروخي لتكلفة العيش ، و حالة “طوابير الفقراء” الممتدة على طول الجزائر لشراء العدس أو الحليب أو الماء أو قنينة غاز …
التقارير الدولية تتحدث عن وضع اقتصادي هش و وجود احتقان اجتماعي و أنه مرشح للانفجار في أية لحظة ، مشيرة إلى أن البلاد تسير نحو المجهول و أن العاصفة قد تتفجر في أية لحظة .
التعليقات مغلقة.