بقلم د. مبارك أجروض
يعتبر العلاج بالأكسجين عالي الضغط Oxygénothérapie hyperbare من بين عدد من الطرق العلاجية غير التقليدية التي أثبتت فاعليتها في حالات وأمراض معينة بدرجات متفاوتة، وتعتمد هذه التقنية على تعريض المريض لاستنشاق الأكسجين النقي بنسبة 100%، بالتزامن مع وضعه تحت ضغط جوي يعادل ثلاثة أضعاف الضغط الجوي الطبيعي، مما يساعد في علاج عدد من الأمراض وتحسين الحالة العلاجية لأمراض أخرى
ولقد تم استخدام هذا النوع من العلاج بشكل رئيس للأمراض المرتبطة بالغوص. حيث قام طبيب في عام 1662 ببناء أول غرفة للضغط العالي محكمة الغلق بها عدد من البالونات والصمامات. وكان الاعتقاد السائد هو أن الضغط يمكن أن يساعد في علاج بعض أمراض الجهاز التنفسي.
حتى الأربعينيات من القرن الماضي، عندما أصبح العلاج بالأكسجين عالي الضغط هو العلاج القياسي للغواصين العسكريين في الولايات المتحدة. لكن، في حين أن هناك حوالي 1200 مركز للعلاج بالأوكسجين عالي الضغط في البلاد، هناك مركزان فقط مخصصان بشكل أساسي لعلاج إصابات الغوص.
وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على العلاج بالأوكسجين عالي الضغط لـ 13 حالة مرضية، وهناك عدد من الحالات الطبية في انتظار دراسة فائدة علاجها.
* متى يوصى بالعلاج بالأوكسجين عالي الضغط ؟
في غرفة المعالجة بالأكسجين عالي الضغط، يزداد ضغط الهواء ثلاثة أضعاف ضغط الهواء العادي. وفي ظل هذه الظروف، يمكن للرئتين جمع المزيد من الأكسجين النقي أكثر من الأكسجين المحتمل الحصول عليه من التنفس في ضغط الهواء العادي. وبالتالي يحمل الدم هذا الأكسجين خلال الجسم. وهذا الأمر يفيد في مكافحة البكتيريا ويحفز إفراز المواد التي يُطلق عليها عوامل النمو والخلايا الجذعية التي تساعد على الشفاء، ويمكن أن يقترح الطبيب المعالجة بالأكسجين عالي الضغط في حالة الإصابة بإحدى حالات فقر الدم الحاد، خراج الدماغ، فقاعات الهواء في الأوعية الدموية (Embolie gazeuse artérielle)، الحروق، الإصابة بانعدام الضغط، التي تحدث عندما يتسبب تخفيف الضغط المفاجئ في تكوين فقاعات نيتروجين في أنسجة الجسم. وتحدث خاصة لدى الغواصين، ويمكن أن تسبب ألمًا في العضلات والمفاصل وتشنجات وتنميلًا وغثيانًا وشللًا، التسمم بأول أكسيد الكربون، الصمم المفاجئ، الغرغرينا، عدوى الجلد أو العظام التي تؤدي إلى موت الأنسجة، الجروح التي لا تندمل، مثل قرحات القدم بسبب داء السكري، الإصابة بسبب التعرض للإشعاع، ترقيع الجلد أو السديلة الجلدية المعرضة لخطر موت الأنسجة وفقد البصر المفاجئ والمؤلم.
وليست هناك أدلة قوية تدعم معرفة ما إذا كان بإمكان المعالجة بالأكسجين عالي الضغط علاج وبفاعلية أم لا حالات السيدا، الحساسية، مرض الزهايمر، التهاب المفاصل، الربو، التوحد، شلل العصب السابع، إصابة الدماغ، مرض السرطان، شلل الدماغ، متلازمة التعب المزمن، تليف الكبد، الاكتئاب، الالتهاب العضلي الليفي، القرحات المعدية المعوية، أمراض القلب، ضربة الشمس، التهاب الكبد، الصداع النصفي، تصلب الأنسجة المتعدد، مرض باركنسون، إصابة الحبل الشوكي، الإصابات الرياضية والسكتة الدماغية.
* مخاطر العلاج بالأوكسجين عالي الضغط
نادرا ما يتضمن العلاج بعض المضاعفات والتي قد تشمل:
ـ قصر النظر المؤقت الناتج عن تغيرات مؤقتة في عدسة العين.
ـ إصابات الأذن الوسطى، بما في ذلك تسريب السوائل وتمزق طبلة الأذن نتيجة ازدياد ضغط الهواء.
ـ تدهور الرئة نتيجة تغيرات ضغط الهواء.
ـ حدوث نوبات نتيجة كثرة الأكسجين (Toxicité de l’oxygène) في الجهاز العصبي المركزي.
ـ الحريق الناتج عن البيئة الغنية بالأكسجين في غرفة العلاج.
* هل توجد توصيات معينة قبل إجراء العلاج بالأوكسجين عالي الضغط ؟
ـ يمكن أن يؤدي الأكسجين النقي إلى حريق إذا أشعلت شرارة أو لهب مصدر الوقود. وبسبب ذلك، يُحظر اصطحاب الولاعات أو الأجهزة التي تعمل بالبطارية في غرفة المعالجة بالأكسجين عالي الضغط.
ـ قد تحتاج إلى إزالة منتجات العناية بالشعر والبشرة المصنعة من المواد البترولية والتي يُحتمل خطورة اشتعالها، وذلك للحد من مصادر الكميات الزائدة من الوقود.
* كيفية إجراء العلاج بالأوكسجين عالي الضغط
يتم تقديم المعالجة بالأكسجين عالي الضغط في واحد من المكانين التاليين:
ـ وحدة مخصصة لفرد واحد، سوف يضطجع الفرد على منضدة في الوحدة الفردية (مكان فردي) ثم ينزلق داخل أنبوب بلاستيكي شفاف.
ـ غرفة مخصصة لاحتواء عدة أفراد، في غرفة المعالجة بالأكسجين عالي الضغط المخصصة لعدة أفراد، والتي تشبه غرفة المستشفى الكبيرة، يمكن للفرد الجلوس أو الاضطجاع. ويمكن تلقي الأكسجين من خلال قناع يوضع على الوجه أو من خلال قلنسوة شفافة خفيفة الوزن توضع على الرأس.
وفي العلاج بالأكسجين عالي الضغط، يتضاعف ضغط الهواء في الغرفة مرتين أو ثلاثاً أكثر من ضغط الهواء العادي. وسيحدث ضغط الهواء الزائد إحساسًا مؤقتًا بالامتلاء في الأذنين، وهو إحساس يشبه الإحساس عندما تكون في الطائرة أو في أماكن شاهقة الارتفاع. يمكنك الحد من هذا الإحساس عن طريق التثاؤب أو البلع. وفي معظم الحالات، يستمر العلاج لمدة ساعتين تقريبًا.
وللاستفادة من العلاج بالأوكسجين عالي الضغط، فقد يحتاج الفرد إلى أكثر من جلسة. ويعتمد عدد الجلسات على الحالة الطبية. فبعض الحالات مثل التسمم بأول أكسيد الكربون يمكن علاجها في ثلاث زيارات. أما الحالات الأخرى مثل الجروح التي لا تندمل، فقد تحتاج إلى 20 إلى 40 زيارة، ولعلاج الحالات الأخرى بفاعلية، يستخدم العلاج بالأوكسجين عالي الضغط باعتباره جزءً من خطة علاجية شاملة ويُعطى مع العلاجات والعقاقير الأخرى التي تناسب الاحتياجات الفردية.
التعليقات مغلقة.