القنيطرة / عزيز منوشي
تطل قصبة المهدية على مصب نهر سبو، الذي ينبع من جبال الريف والأطلس المتوسط، ويمر عبر سهل الغرب ليصب في المحيط الأطلسي، على طول 458 كلم، وترتفع قصبة المهدية عن سطح الحر بحوالي 70 متر، وتبعد عن مدينة القنيطرة بحوالي 8 كلم، كما تعتبر القصبة من أهم المأثر في الجهة الغربية، نظرا لتاريخها العريق.
تشير الوثائق الى أن قصبة المهدية عرفت تسميات عديدة خصوصا في عهد الفينيقيين، إبان رحلة حانون الشهيرة الى ساحل افريقيا الغربي، حيث أطلق عليها اسم “تيماتريون timateryion “، شأنها في ذلك شأن نهر سبو الذي عرف بعد الاحتلال الروماني باسم “سبور subur “، وورد فيما بعد عند العلامة الجغرافي الكبير “الشريف الادريسي “بعد الفتح الاسلامي باسم المعمورة في إشارة منه الى المنطقة العامرة على ضفاف نهر سبو، غير أنه وفي عهد الدولة المرابطية ستحظى القصبة المهدية بأهمية بالغة لكونها شكلت مرسى للسفن القادمة من الأندلس، واعتبرت كذلك قاعدة عسكرية وورشا لبناء السفن، ونقطة انطلاق الحملات العسكرية في اتجاه الاندلس خلال فترة حكم الموحدين، وفي الفترة الحديثة سقطت القصبة المهدية في قبضة الاحتلال الغاشم لما لها من أهمية جيواستراتيجية استهدفت من خلالها البرتغال سنة 1515م استغلال ثروات المنطقة على الرغم من المقاومة الباسلة للمقاومين الاشاوس الذين عملوا على تحريرها والدفاع عن ثغرها.
مع سنة 1614م عادت جارتها إسبانيا لتحتل المهدية بعد أن كانت ملجأ للقراصنة الأوروبيين، ورغم محاولات الزعيم “سيدي محمد العياشي” وكذلك بعض زعماء الزاوية “الدلائية” تحرير ثغر المهدية إلا انهم فشلوا نظرا للتعزيزات العسكرية الاسبانية الكبيرة، لتظل القصبة المهدية في يد الاسبان حتى عهد السلطان “المولى إسماعيل” الذي استعاد المنطقة بعد حصار دام بضعة أشهر، وبعد أن حرر المنطقة حولها من قلعة الى قصبة عززها بأسوار وبنى فيها مسجدا ودارا للمخزن وحماما وعددا من المساكن والمخازن، ولعل ما يدل على أهمية حصن القصبة مهدية في هذه الفترة عدد العساكر الذين كانوا فيها.

التعليقات مغلقة.