ويشهد على ذلك تجاوز رواج الموانئ حاجز الـ200 مليون طن لأول مرة، منتقلا من 195 مليون طن في سنة 2022 إلى 209.4 مليون طن في سنة 2023، أي بزيادة بنسبة 7.4 في المائة.
هذه الزيادة الكبيرة مدفوعة بعوامل متعددة، لاسيما ارتفاع حجم الحاويات العابرة بمقدار 96.7 مليون طن (زائد 14 في المائة) والرواج المحلي بمقدار 112.7 مليون طن (زائد 2.3 في المائة).
الأولوية للبنية التحتية المينائية
إدراكا منه لأهمية النقل البحري في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، جعل المغرب من تحسين البنية التحتية المينائية واللوجستيكية أولوية استراتيجية خلال العقدين الماضيين، وذلك بهدف إنشاء مراكز مينائية كبيرة، مثل طنجة المتوسط الذي يعد أكبر محطة في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
وإذ تتوفر المنظومة المينائية حاليا على 43 ميناء، بما فيها 14 ميناء مفتوحا في وجه التجارة الدولية، تضمن أكثر من 96 في المائة من التجارة الخارجية للبلاد، فينتظر تعزيزها بفضل الموانئ التجارية المستقبلية “الناظور غرب المتوسط” و”الداخلة الأطلسي”.
الوكالة الوطنية للموانئ، فاعل رئيسي
وتعتزم الوكالة الوطنية للموانئ، والتي تعد فاعلا أساسيا في هذه الدينامية، إنجاز برنامج استثماري يتجاوز 2.6 مليار درهم خلال الفترة من 2024 إلى 2026، من بينها أكثر من 1.3 مليار درهم خلال سنة 2024.
وسيخصص هذا الغلاف المالي لإنجاز ثلاثة مشاريع على مستوى مدن العيون وأكادير والدار البيضاء.
وبحسب نادية العراقي، المديرة العامة للوكالة الوطنية للموانئ، فإن هذه المشاريع تندرج في إطار الأولويات الاستراتيجية للوكالة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، والمتمثلة في ترسيخ ممارسات الحكامة الجيدة، وتعزيز الأداء التشغيلي للموانئ، وتسريع وتيرة الانتقال على المستويات البيئية والطاقية والرقمية، فضلا عن توحيد وتقارب مجتمع الموانئ.
طنجة المتوسط يتزعم البحر الأبيض المتوسط
وفي قلب هذا التطور، اضطلع مركب ميناء طنجة المتوسط بدور أساسي، حيث عزز مكانته بقوة كمركز لوجستيكي رائد في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وبفضل الزيادة الملحوظة في حجم الحاويات العابرة والهيدروكاربورات، ساهم ميناء طنجة المتوسط بشكل كبير في النمو الديناميكي لهذا النشاط الحيوي، مما يوضح تأثيره الكبير في المشهد المينائي المغربي الذي يتطور باستمرار.
وأكد الخبير الاقتصادي والمختص في السياسات العمومية، عبد الغني يومني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن طنجة المتوسط يحتل حاليا مكانة رائدة بين مختلف الموانئ المتوسطية والإفريقية.
وأبرز أنه “منذ أزمة كوفيد-19، واصل هذا الميناء توسيع الفجوة مع منافسيه من خلال تحطيم الرقم القياسي البالغ 8.6 مليون حاوية”.
ومن هذا المنطلق، سلط الخبير الضوء على الدور الأساسي لطنجة المتوسط في استراتيجية التصنيع الجهوية للمغرب، وكذا في تكامل سلاسل القيمة العالمية والمبادرات الدولية لإزالة الكربون.
وأضاف السيد يومني أن “تعزيز القدرة التنافسية لصناعة التجميع المغربية يوفر فرصا عديدة لصناعة السيارات، حيث بلغت حركة العبور 578 ألف و446 وحدة، مقابل 349 ألف وحدة فقط في سنة 2019”.
وبفضل هذه المؤشرات الإيجابية، يبرز تطور نشاط الموانئ ودورها الأساسي في تسهيل التجارة الدولية والربط الإقليمي، فضلا عن مساهمتها في النمو الاقتصادي الوطني.
التعليقات مغلقة.