المهرجانات والفعاليات تحت الرعاية السامية: أين الدعم الحقيقي للصحافة والإعلام
جريدة أصوات
أصوات من الرباط
تغير مفهوم الصحافة بسرعة، وتزايدت التحديات أمام العاملين في ميدان الإعلام يوماً بعد آخر، مما يبرز الحاجة الماسة للوقوف على واقع هذه المهنة النبيلة التي تعتبر بحق مرآة المجتمع وضميره الحي. مع ذلك، تظهر الوقائع أن العديد من الشركات المنظمة للفعاليات، مثل المهرجانات والندوات والمعارض والمؤتمرات، تتعامل مع الصحفيين والإعلاميين بشكل غير عادل، وأحياناً بشكل ظالم، من خلال تقديم خدمات غير كافية، بل وتجاهل كامل لحقوق هؤلاء المهنيين الذين يضحّون من أجل نقل الحدث وتعريف المجتمع بتفاصيله، دون مقابل يُشجع على الاستمرارية أو يعترف بجهودهم.
واقع مرير: العمل بلا أجر والنضال بدون دعم
تتم غالبية التغطيات الصحفية على هذه الأحداث مجاناً، حيث يتحمل الصحفي عناء التنقل، الحضور، الكتابة أو التصوير، من دون أن يتلقى تعويضاً أو حتى مخصصات بسيطة لتغطية مصاريفه. بعض المؤسسات تستغل حاجة المراسلين والصحفيين وتُفسح المجال للعمل المجاني، في وقت من المفترض أن تكون مهنة الصحافة أكثر نبلاً وقيمة. تبرز ملاحظات المتابعين أن العديد من المواقع الإلكترونية، وحتى القنوات الرسمية، لا تتلقى دعماً يُمكنها من الاستمرار، مع أن حقوقها المالية غير مكتملة. مع ذلك، يواصل الصحفيون عملهم بشكل ثابت ودؤوب، مدفوعين بحب المهنة والشعور بالواجب.
في بعض الحالات، تصل الأمور إلى حد استغلال الصحفيين من قبل أشخاص أو مؤسسات، الذين يطلبون منهم مبالغ مالية غير مقبولة لإعادتهم إلى مدنهم بعد تغطية حدث خارج مكان إقامتهم، وهو ما يوضح عمق الأزمة والتحديات التي يواجهها العاملون في المجال الإعلامي.
الصحافة مهنة نبيلة، وليست مجال استرزاق
تُعد الصحافة من أسمى المهن التي تتطلب جهداً وعملاً متواصلاً، وهي الوسيلة الأكثر فعالية في إبراز الهموم الاجتماعية، وكشف الفساد، وتعرية الممارسات غير القانونية. مع ذلك، تُنظر أحياناً إليها على أنها “مهنة للاسترزاق” أو للعمل من أجل الحصول على المال، وهو ما يُسيء إلى سمعتها ويشوه صورتها النبيلة.
لا ينبغي أن تُعتبر الصحافة وسيلة لتحقيق الربح السريع أو مهنة سهلة يمارسها الباحثون عن الشهرة أو المال، فهي مهنة تستوجب التضحية، والجهد، والصبر، والمسؤولية. تراجع الدعم المادي ينذر بإضعاف المهنة، وتدهور جودة المحتوى، وتقويض الديمقراطية في المجتمع.
مراجعة السياسات والتوجهات ضرورة ملحة
على المؤسسات الإعلامية وأصحاب الفعاليات أن يدركوا أن العمل الصحفي يشكل الركيزة الأساسية لأي حدث مهم، ويقوِّم جودة نقل الصورة وتوثيق الوقائع. لذلك، من الضروري مراجعة السياسات الداخلية لضمان تطبيق الأطر القانونية والأخلاقية بشكل صارم، ومنح العاملين حقوقهم المالية والمعنوية المستحقة.
على المؤسسات الإعلامية أن تتعاون مع الصحافة، وتوفر للصحفيين رؤية واضحة لحقوقهم، وتحرص على دفع الأجور المستحقة بدلاً من استمرار العمل التطوعي أو الاستغلال المادي غير العادل. الساحة الإعلامية تحتاج إلى بيئة تدعم العمل المهني، وترفع من قيمة الصحافة النبيلة، وتحمي العاملين من الاستغلال والانتهاكات.
ختام: دعوة للوعي والمسؤولية
دفاعنا عن الصحافة هو دفاع عن المجتمع وحقوقه، وعن الحقيقة والعدالة. لا يمكن بناء إعلام قوي وفاعل دون دعم ومساندة حقيقية، ولا يصح أن تُعامل مهنة الصحافة على أنها مجرد وسيلة للاسترزاق، فهي أسمى وأرفع من ذلك بكثير.
في ظل التحديات الراهنة، يبقى الوعي بأهمية هذه المهنة واحترام حقوق الصحفيين المادية والمعنوية هو الطريق لبناء إعلام نزيه وقوي.
التعليقات مغلقة.