عبد السلام انويكًة
عندما نتأمل في موقع تازة وطبيعة مناخها ومواردها وفي دينامية ممرمدينة استراتيجي بين شرق البلاد بغربها كذا في أهمية جالية مقيمة بالخارج عن المنطقة، يتبين ماهناك من مؤهلات رافعة من شأنها جعلتازة بوضع نموذجي،يهم جوانب هامة من ثراءٍ وثروةٍ تخص أساساً ما هو سياحي وفلاحي ومعدني. بهذا الاشارات وغيرها منذ نصف قرن من الزمناستهل الراحل الملك الحسن الثانيخطاباً بمناسبة زيارة رسمية له للمدينة، قبل أن يضيف رحمه الله “إنني أعرف تازة لقد زرتها وأنا صغير جداً وتجولت بها ووجدت فيها مناظر واطلعت على أودية تحت الأرض، وعلى حسب العلم.. هناك أنهاراً وأنهاراً تنصب فيما لا أدري لكن تمر وجوباً في عمالتكم، فالمسألة مسألة تنقيب والتنقيب لا يعطي نتائجه في المرة الأولى ولا في المرة الثانية، لكن التنقيب مثل العلم إذا اعطيته كلك أعطاك بعضاً وإذا اعطيته بعضك لن يعطيك شيئاً.”
وفي علاقة بما تتوفر عليه تازة وجوارها من موارد سياحية ثقافية وطبيعية،أشار جلالته رحمه الله الى أنما يدعو للأسف كون المدينة لا تتوفر على ما هو داعم لمجال حيوي من بنية اقامة.مضيفاً أن عدداً من المستثمرين من أهل البلدة في المجال الفلاحي لم يكونوا بدور هام لفائدة تنمية هذا الرهان، وحتى الدولة نفسها لم تخصص له ما ينبغي من العناية.
وعليه ووعيا منه بكل هذا وذاك من الرهان ومن أجل أسس وبلورة ورش سياحي محلي، أشار جلالته في لقاءه بساكنة المدينة عبرممثليها بهذه المناسبة قبل نصف قرن، الى قرار بناء نزل بمائتي سرير”فندقفريواطو”(نزل السلام)كطاقة ايوائيةرافعة ومنشأة داعمة،باعتبارها لبنة عمومية ومنطقاً لمنشآت أخرى لفاعلين آخرين، تفاعلاً مع ما تتوفر عليه المنطقة من موارد محفزة في هذا المجال. ودعماً منه رحمه الله لتنمية المنطقةوتجاوز واقعها بتركيزه على نقاط قوتها ومكامن مؤهلاتها، ووعياً بما للمركزية من أثر في تعطيل المشاريع والمبادرات،أعطى أمره لتوفير جميع مصالح عمالة الاقليمالخاصة، فضلاً عن توجيهاته لاستثمار ما هومتوفر من أملاك حبسيةواسعةبالمدينة من أجل ورش البناء والتعمير خدمة لحاجيات الساكنة.
وكان الدكتور أحمد العراقي الوزير الأول آنذاك قد ترأس بمقر بلدية تازةمساء يوم هذه الزيارة الملكية،جلسة عمل حضرها وزراء مرافقون لجلالة الملك فضلاً عن عامل الاقليم وباشا المدينة ورئيس المجلس الاقليمي ورئيس المجلس البلدي والمنتخبون.جلسة كانت قد خصصت لتدارس قضايا تنمية مقترحة من المنتخبين من جهة، وتقديم بيانات من قِبل هؤلاء الوزراء حول سير تنفيذ المخطط الخماسي بإقليم تازة.
وبعد خطاب ملكي تاريخي بمقر عمالة تازة حول سبل تنمية المنطقة من خلال خريطة طريق بجملة مشاريع، وبهذه المناسبة وشح جلالته عدداً من المسؤولين بأوسمة رضا من الدرجة الممتازة، منهم السيد محمد بهطاط رئيس المجلس البلدي آنذاك اضافة لآخرين تم توشيحهم بأوسمة رضا من الدرجة الثانية عن مجالس قروية محلية. وكان جلالته قد حل بتازة قادما من فاس في ربيع سنة ألف وتسعمائة وسبعين، لتجديد اتصالهبالساكنة والاطلاع عن قرب على أحوال المنطقة والاستماع لحاجياتهافي التنمية واتخاذ ما هو مناسب من قرارات وتدابير في هذا الشأن.
وكان قد تقدم للسلام على جلالته بعد نزول موكبه بساحة محمد الخامس بتازة السفلى،على ايقاعأشكال تعبير شعبي فرحاًبمقدمهوبعد تسليم مفتاح المدينة له، كل من عامل الاقليم آنذاك “صالح زمراكً” ثم عبد المجيد بن الماحي وزير الصحة العمومية ومحمد البرنوسي مدير الخزينة العامة ورئيس المجلس الاقليمي وهما تازيان ثم محمد بهطاط رئيس المجلس البلدي للمدينة، هذا قبل اطلاق المدافع لواحد وعشرين طلقة ترحيباً لمقدم جلالته.
يذكر أن زيارة الراحل الحسن الثاني لتازة جاءت في اطار رحلة ملكية تاريخية الى الجزائر، بعد ما حصل من فترة انفتاح ورؤية تعاون ثنائي بين قيادتين وشعبين شقيقين وبلدين جارين. فترة طبعتها علاقات ود وأخوة تَمَّ فيها تجاوز ما كان يعيق عمل تعاونهما، في سعي عميق لتنسيق وتوحيد مواقفهما اقليميا ودوليا كذا تعاونهما اقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً وثقافياً. ناهيك عن النظر في تسوية ملفات كانت تشغل بال الجانبين، خاصة قضية الحدود والاقاليم الصحراوية المغربية التي كانت خاضعة للاحتلال الاسباني آنذاك.
مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث
التعليقات مغلقة.