تعطل التنمية ومصالح المواطنين في وكالة “CIH” بشارع 2 مارس قرب مسجد السنة بالدار البيضاء، فمن يوقف مهازل تعطيل المؤسسات والبناء الاقتصادي ومصالح الناس
المبدأ الذي استقر عليه الفقه والقضاء والمشرع هو إقرار مسؤولية المؤسسات عن أعمالها الضارة، انطلاقا من قاعدتي الخطأ، والمسؤولية عن هذا الخطأ، ضمن هاته القاعدة يمكن أن نتعاطى مع مسؤولية إحدى المؤسسات البنكية في المغرب، التي تحمل اسم “C I H”، التي تعتبر مهزلة بكل المقاييس وإضرارا بمصالح الزبناء يجب أن تتحمل مسؤوليته الكاملة تلك المؤسسة وتجبر بالتالي على التعويض عن الضرر الناجم عن هذا السلوك اللامسؤول والذي يحدث في ظل عالم متحرك في جميع الأبواب، من تكنولوجيات متطورة ومتسارعة، وفي مجالات التدبير الإداري والإنساني.
في هذا السياق استحضرتني واقعة حدثت في اليابان حينما تأخر القطار عن الوصول إلى المحطة دقيقة واحدة عن موعده فاقتضى الأمر تدخل إدارة السكك الحديدية لتخرج ببيان رسمي تعتذر للركاب عن هذا الخطأ، وتتحمل مسؤوليته واعدة إياهم بأن لا يتكرر مستقبلا.
كم سيلزمنا من الاعتذارات في مغربنا من مؤسساتنا التي أصبح التأخر ملازما لها، بل أصبح قاعدة، والسرعة والجودة في قضاء أغراض المرتفقين استثناء، فمن يتحمل مسؤولية هذا الاستهتار وتضييع حقوق الناس والعباد.
أن تلج مؤسسة بنكية لإيداع مبالغ مالية لارتباطك بعقد مهني، وأن تكون النتيجة الخواء في القيام بالعملية، ويتعرض بالتالي وقتك ومصالحك للضياع، فتلك ليست الحكاية بل المأساة، فأن تقوم بإنجاز عملية ويتم إجراء العملية من شقك، أي إيداع مبلغ الدفع، أي يتم سحب ما لديك لقضاء هاته المهمة، ولكن في المقابل لا تنجز العملية، وتدخل في متاهات الأعصاب والانتظار وغياب المسؤولين، وتكون المحصلة ضياع التزاماتك ومصالحك، فتلك هي العفونة والمأساة الكبرى التي تعطل التنمية، فلا تنمية بدون تنمية الإنسان وتربيته على أن المواطنة التزامات يجب أن يراعيها الأفراد والمؤسسات على حد سواء، وأن يتحمل المخالفون كل العواقب القانونية والأخلاقية حفاظا على مصالح الأفراد والمجتمع.
العذر أقبح من الزلة، ولدى مؤسسة “C I H، الجواب جاهز والعذر آلي “عطب تقني”، وما أكثر الأعطاب المعيقة للتنمية والتطور، لأن المؤسسة تكمم الأحداث المفترض أن تتعامل معها من موقع إيجاد الحل لا توصيف الوضع، ولا أن تبحث عن الحلول في السماء، والمرتفق لا علاقة له بتبريرات المؤسسة لأنها لا تعنيه لا من قريب ولا من بعيد، وما يعنيه وحيد وأوحد وهو أن تنجز مهامه بالجودة المطلوبة، وحتى وإن حصل ما تدعيه المؤسسة، عبر فرعها المتواجد قرب شارع 2 مارس، وبالضبط قرب مسجد “السنة” بالدار البيضاء، والذي هو قمة المهازل المسجلة، مهزلة بكل المقاييس التي تقتضي المساءلة والمتابعة، فالأمر يقتضي الحل ولا شيء سواه.
جميل أن يستقبلك شخص من المؤسسة ويوجهك نحو الآلة وأنت الذي كنت متوجها للشباك لإيداع مبلغ مالي هام، نظير التزامات تنتظرك، فتقول جميل جدا، الإدارة في تحسن وستكون هاته الوسيلة هي الأسرع لإيداع المبلغ، ربحا للوقت، وخدمة للغايات التي ولجت من أجلها المؤسسة، لكن المفاجأة تكون أقوى بعد ذلك، لتجد نفسك معلقا بين أداء الخدمة أو استرجاع المبلغ، بين المطرقة والسندان المفروضين قسرا، وتواجه بالأجوبة “البايخة” على حد تعبير إخواننا المصريين، العفو “عطب تقني” و” “سنعيد لكم أموالكم حالما يتم إصلاح العطب”، سبحان الله، هكذا تجرد من كل القيم النبيلة المفترض توفرها في المؤسسات ليقدم لك عبق عطر من الجمل الإنشائية في عالم العمل والحركة والخدمة الجيدة المتسلسلة بالابتسامة والخدمة الجيدة، لكن مؤسسة “C I H” لم تجد ما تقدمه سوى الجمل الإنشائية النثنة، وأنت تصبح محاصرا بين مرض مؤسساتي والتزامات تنتظرك يجب تسديدها.
فمن يتحمل مسؤولية هذا الاستهتار بالحقوق قبل الواجبات؟ ومن يعوض عن الخسائر الناجمة عن هذا التعطيل للمصالح؟ وأين دور السلطات الرقابية في مختلف درجاته عن معايير الرقابة الممارسة تحقيقا للإقلاع الاقتصادي، خاصة وأن الأمر يتعلق بمؤسسة مالية هامة في البلاد؟ ومن يعوض عن الوقت الثمين الذي أهذر من الساعة الثانية عشر وإلى غاية المساء، في وكالة لا يوجد بها الا البواب، وأفراد الحراسة، ويحدثونك عن غياب المديرة المسؤولة؟ لتأتي وتواجهك بترهات لامعقولة عن عدم مسؤوليتها عن الشباك، وتبقى المأساة مستمرة ومستقبل الوطن معلق أمام مثل هاته السخافات التي تدير دواليب هياكل اقتصادية وإدارية متهالك ومتسخة وبعيدة كل البعد عن المستقبل.
التعليقات مغلقة.