دورة جديدة من الملتقى الوطني بسطات تبرز أهمية الذاكرة والمجال في قبيلة بني مسكين
جريدة أصوات
أصوات من الرباط
في لحظة علمية وثقافية متميزة، احتضنت جماعة أولاد فارس الحلة، التابعة لإقليم سطات، فعاليات الدورة الحادية والعشرين للملتقى الوطني للذاكرة والتراث الثقافي، والتي عُقدت اليوم السبت 17 ماي 2025، وتخصصت هذه السنة للحديث عن قبيلة بني مسكين في الشاوية العليا، تحت شعار:
“قبيلة بني مسكين: الذاكرة، والتاريخ، والمجال”.
جاء هذا الحدث العلمي في إطار شراكة بين مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والجماعة الترابية لأولاد فارس الحلة، وبالتعاون مع كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية – جامعة الحسن الأول بسطات، بالإضافة إلى مختبر المجال والتاريخ والإنسانيات الرقمية، ونادي القلم المغربي.
ويركز الملتقى على إحياء الذاكرة الجماعية للبادية المغربية، واستجلاء مكونات الهوية المحلية من خلال مقاربات متعددة التخصصات تجمع بين الأنثروبولوجيا والتاريخ والجغرافيا والسرد الثقافي. ويهدف إلى فتح آفاق جديدة في البحث العلمي الميداني، خاصة في المجال القروي، لتعزيز فهم أعمق لتراث المنطقة.
توزعت أشغال الدورة على محورين رئيسيين؛
الأول، علاقة المجال الجغرافي بموارده الطبيعية وتحدياته البيئية، خاصة في ظل التغيرات المناخية وتأثر الفلاحة بالجفاف، بينما تركز المحور الثاني على العلاقة بين الذاكرة والتاريخ المحليين، باعتبارهما رافدين أساسيين في تشكيل الهوية الثقافية عبر استعراض الشهادات الشعبية والروايات الشفوية.
وشهد اللقاء مشاركة باحثين من مختلف الجامعات المغربية، ناقشوا قضايا التحول المجالي، والانتماء، والهوية، والتنمية القروية، إضافة إلى مواضيع أخرى تتعلق بالصوفية والمقاومة والاقتصاد المحلي، مع السعي لخلق برنامج بحثي دائم حول تراث قبائل الشاوية.
وفي كلمة افتتاحية، عبّر ذ. العربي الشريعي، رئيس جماعة أولاد فارس الحلة، عن فخره باستضافة هذا الحدث رغم محدودية الإمكانيات، مؤكدًا أن الملتقى يهدف إلى إبراز الهوية التاريخية لبني مسكين وتراث المنطقة اللامادي، وداعيًا إلى دعم المبادرات الثقافية في المناطق الريفية رغم التحديات المالية.
من جانبها، أوضحت الأستاذة رابحة صالح من كلية الآداب بنمسيك أن هذا الملتقى يُعد تجسيدًا لاستمرارية دينامية مختبر السرديات، الذي عمل سابقًا على قبائل أخرى، ضمن مسعى لإعادة ربط الجامعة بالمحيط السوسيو-ثقافي، وتوسيع الدراسات لتشمل المجالات المنسية.
وأوضحت أن عملية إعادة كتابة التاريخ المحلي برؤية نقدية معاصرة، تهدف إلى تجاوز السرديات الرسمية والانفتاح على المخيال الشعبي والذاكرة الجماعية، من أجل تحويل المجال القروي إلى مصدر غني للمعرفة والتنمية، وليس مجرد موضوع دراسات من بعيد.
ويُعتبر هذا الملتقى مناسبة علمية مهمة، تُعيد النظر إلى القبائل المغربية كحقول اجتماعية ومعرفة، تساهم في صياغة سياسات ثقافية وتنموية تراعي الخصوصيات والذاكرة المحلية، وتخدم مستقبل التنمية المستدامة بالمناطق القروية المغربية.
التعليقات مغلقة.