يشهد المغرب في السنوات الأخيرة جهودا متواصلة لتطوير وتعزيز صورة المؤسسة الأمنية، التي تعتبر من الركائز الأساسية لحماية المواطنين واستقرار المجتمع. وفي هذا الإطار، يلعب الزي الرسمي دورا رئيسيا في إبراز صورة الأمن الوطني ومصداقيته، وهو ما يتطلب أن يكون ممثلا لقيم الاحترافية والنزاهة.
لكن، على الرغم من المجهودات الكبيرة التي يبذلها رجال الأمن في الميدان، تظل القضية المتعلقة بالزي الرسمي من النقاط التي تحتاج إلى إعادة تقييم. إذ بات من الواضح أن البدلات التي يرتديها رجال الأمن، خاصة في الظروف المناخية المتقلبة، أضحت غير ملائمة، وتقليدية بشكل قد يؤثر على صورتهم ومهنيتهم أمام المواطن. فحُلتهم المعروفة، خاصة تلك التي تعرضت للتنظيف المتكرر، أصبحت تظهر عليها علامات الاهتراء، وتشقق الأقمشة، مما ينتقص من مكانة المؤسسة ويعطي انطباعًا غير لائق: أن جهاز الأمن لا يهتم بنفسه أو بمظهر من يقف في خدمة المجتمع.
لا يختلف اثنان على أن رجال الشرطة، وخاصة من يتواجدون في الشوارع والأماكن العامة، هم العين الساهرة على أمن الوطن والمواطنين. منهم فرق السير والجولات، وفرقة الدراجيين، الذين لا يتأخرون أبدًا عن أداء مهامهم، ويقفون كخط الدفاع الأول عندما تستدعي الحاجة. هؤلاء الرجال يبذلون جهودا جبارة، ويمضون ساعات طويلة في مواجهة الشمس، ودرجات الحرارة المرتفعة، وهو ما يفاقم من معاناة الزي، حيث تتعرض أقمشتهم للتلف بسرعة.
وفي نفس السياق، يحق للمواطن أن يرغب في أن يلبس عناصر أمنه لباسا يتماشى مع سمعة البلد وتطوره، ويعكس صورة أكثر احترافية وجاذبة. فإظهار ذلك يعزز ثقة المواطنين في أجهزتهم الأمنية، ويعطي انطباعًا بأن الدولة لا تدخر جهدًا في تطوير أدائها وتراثها.
كما أن تطوير الزي الرسمي يتطلب دراسة جدية لمواد مقاومة للعوامل الجوية، وتصاميم عصرية تليق بمكانة الأمن الوطني، وتترك انطباعا إيجابيا يستمر لفترة أطول، مع ضرورة توفير أدوات وأقمشة ذات جودة عالية تستحمل ظروف العمل المختلفة.
وفي الختام، فإن إعادة النظر في الزي الرسمي لرجال الأمن هو خطوة مهمة لتعزيز صورة المؤسسة، وتقديم خدمة أرقى للمواطن، ورفع مستوى الاحترافية، مع إيلاء اهتمام أكبر لمظهر العنصر البشري الذي هو أساس عمل أي جهاز أمني محترف. فالأمان ليس فقط في الحماية، بل أيضًا في الصورة التي نرغب أن نراها من يمثلوننا في الميدان.
التعليقات مغلقة.