أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ضرورة فرض الضرائب على مداخيل الإيجار في المغرب “واجب وطني لخدمة التنمية”

بدر شاشا

في المغرب، كما في جميع دول العالم، تعتبر الضرائب أحد المصادر الأساسية لتمويل ميزانيات الدولة، إذ تُستخدم هذه المداخيل لدعم القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، البنية التحتية، والبرامج الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين.
ومع ذلك، يواجه الاقتصاد المغربي تحديا كبيرا بسبب التهرب الضريبي في قطاع الإيجارات، حيث يمتلك عدد كبير من المواطنين عقارات متعددة يقومون بتأجيرها بمبالغ مهمة دون التصريح بمداخيلهم للدولة.
من طنجة إلى الكويرة، سواء في الأحياء الشعبية أو الأحياء الراقية التي تعج بالفيلات والإقامات الفاخرة، توجد شبكة واسعة من الملاك الذين يكتسبون مداخيل كبيرة من الإيجارات دون أداء الضرائب الواجبة عليها. هذا التهرب يضيع على ميزانية الدولة مداخيل طائلة كان من الممكن استثمارها في برامج تنموية واجتماعية تعود بالنفع على الجميع.
 

حجم المشكلة وأبعادها 

لنتخيل حجم هذه المشكلة: هناك العديد من المواطنين الذين يمتلكون عقارات متعددة، قد تكون منازل للإيجار، محلات تجارية، أو شقق مفروشة، ويتم تأجيرها بمبالغ شهرية قد تصل إلى مليون سنتيم أو أكثر. في بعض الحالات، يمتلك الأشخاص منزلين أو أكثر في مناطق مختلفة، ومع ذلك لا يتم التصريح بمداخيلهم الشهرية. هذا الوضع لا يقتصر فقط على المناطق الحضرية الكبرى مثل الدار البيضاء، الرباط، ومراكش، بل يمتد إلى المدن الصغيرة وحتى المناطق الريفية.
لو قمنا بحساب بسيط، فإن شخصا يكتري عقارا بمليون سنتيم شهريا على مدى عام كامل يحقق مداخيل تصل إلى 12 مليون سنتيم. إذا افترضنا أن هناك الآلاف، بل وربما عشرات الآلاف، ممن يحققون مثل هذه المداخيل دون أداء أي ضرائب، فإن الدولة تخسر مليارات السنتيمات سنويًا. هذا الرقم يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تمويل المشاريع الوطنية الكبرى وتحقيق العدالة الاجتماعية.

الأثر السلبي على التنمية 

يؤدي هذا التهرب الضريبي إلى تفاقم عدة مشاكل اقتصادية واجتماعية، منها:
تقليص مداخيل الدولة: يؤدي عدم التصريح بمداخيل الإيجارات إلى تقليص المداخيل الضريبية، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الدولة على تمويل المشاريع التنموية والبرامج الاجتماعية.
زيادة الفوارق الاجتماعية: عندما يتهرب البعض من دفع الضرائب، يتحمل المواطنون الآخرون العبء الأكبر من خلال زيادة الضرائب المفروضة عليهم. هذا الوضع يعمّق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية ويزيد من الإحساس بعدم المساواة.
إضعاف الاقتصاد المحلي: الأموال التي تُهرب من النظام الضريبي تبقى غالبًا خارج الدورة الاقتصادية الرسمية، مما يضعف الاستثمارات العامة ويحد من تحسين الخدمات الأساسية.
المقترح: نظام ضرائبي عادل للإيجارات من عندي لوطني.
لتعويض هذه الخسائر وتحقيق العدالة الضريبية، يجب على الدولة المغربية اتخاذ إجراءات صارمة لتنظيم هذا القطاع.

ومن بين الحلول التي يمكن تبنيها:

فرض ضريبة سنوية على مداخيل الإيجار: يمكن للدولة فرض ضريبة تُحتسب على أساس 11 شهرًا لصاحب العقار، بينما يتم تخصيص دخل شهر واحد من الإيجار لصالح الدولة. هذا الإجراء سيكون عادلاً لأنه يضمن لصاحب العقار مداخيل محترمة، وفي الوقت نفسه يُساهم في دعم خزينة الدولة.
تعزيز الرقابة: يجب على الدولة أن تُعزز الرقابة على قطاع الإيجارات من خلال إنشاء قاعدة بيانات وطنية تُسجل فيها جميع العقود الإيجارية، سواء كانت رسمية أو غير رسمية، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين.
تبسيط إجراءات التصريح: يجب أن تُبسط الدولة الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتصريح الضريبي لتشجيع المواطنين على الامتثال. على سبيل المثال، يمكن توفير منصات رقمية سهلة الاستخدام تُسهل عملية التصريح والدفع.
التوعية المجتمعية: يحتاج المجتمع إلى حملات توعوية تُبرز أهمية الضرائب ودورها في تمويل الخدمات العامة. يجب أن يُفهم الجميع أن أداء الضرائب ليس عبئًا، بل واجب وطني يُساهم في بناء مستقبل أفضل.

الضرائب مسؤولية مشتركة

 في نهاية المطاف، تبقى الضرائب مسؤولية مشتركة يجب أن يتحملها الجميع لتحقيق تنمية شاملة وعادلة. عندما يمتنع البعض عن أداء واجبهم الضريبي، فإنهم لا يضرون فقط الدولة، بل يضرون أيضًا أنفسهم ومجتمعهم. الأموال التي تُجمع من الضرائب تُستخدم لبناء مدارس، مستشفيات، طرق، ولتمويل برامج اجتماعية تهدف إلى تحسين حياة الجميع.
إن التهرب الضريبي في قطاع الإيجارات في المغرب يعتبر تحديا كبيرا يتطلب جهودا مشتركة من الحكومة والمجتمع. يجب أن نعمل جميعًا على تعزيز ثقافة الامتثال الضريبي كواجب وطني، لضمان أن تستخدم مداخيل الإيجارات في تحقيق التنمية المستدامة التي يستحقها كل مواطن مغربي. نعم للمساهمة في الاقتصاد الوطني وخلق دينامية قوية ،الوطن هو الأم ويجب عليك أن تعطي لأمك حقها. 

التعليقات مغلقة.