أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

طريق غابة عين شقف بفاس: معاناة مستمرة وتجاهل طويل الأمد يهدد ثروة طبيعية وأمان سكان المنطقة

بقلم: الأستاذ محمد عيدني

أصوات من الرباط

تُعتبر الطريق المؤدية إلى غابة عين شقف منطقة حيوية في قلب فاس، فهي ليست فقط مسارًا يربط بين أحياء المدينة والفضاء الطبيعي الواعد، وإنما تمثل متنفسًا للأهالي وسكان المدينة، وتُعد من أولويات التنمية والبنية التحتية التي تتطلب اهتمامًا جادًا ومستدامًا. إلا أن الواقع يُخبر قصة أخرى، ملئ بالمارات، حيث يعاني السكان منذ أكثر من عشرة أعوام من الإهمال والتجاهل، في ظل وضعية كارثية تترجمها الحفر العميقة، وغياب الصيانة، وتردي مستوى السلامة والأمان للمسافرين والمشاة على حد سواء.

 واقع مرير منذ أكثر من عشر سنوات

رغم ما يُمكن أن يُعد من تضحيات وتعاميم رسمية، يبقى مصير طريق غابة عين شقف محاطًا بالغموض والإهمال. صور الحفر العميقة، والأتربة الموحلة، والأشجار المتساقطة، تغطي مسار الطريق، مما يعكس هشاشة البنية التحتية وعدم وجود خطة واضحة للصيانة والتجديد. ومما زاد الأمر سوءًا، أنها الطريق الرسمية الموصولة بالغابة، والتي تعتبر متنفسًا رئيسيًا لسكان فاس، إلا أن غياب جهود التطوير والصيانة يجعلها في مرمى المخاطر، خاصة أثناء الأمطار، التي تتحول فيه المنطقة إلى وحل ينذر بكوارث، ويهدد سلامة المستخدمين، ويعطّل مصالح المواطنين، ويهدد بيئة المنطقة الطبيعية.

الأسئلة التي تطرح نفسها: من المسؤول؟

في ظل هذا الوضع، يتساءل الكثير من السكان عن الجهات المسؤولة عن هذه الحالة المزرية، وعن مدى وجود محاسبة للأفراد والجماعات المتورطة في تسيير وتدبير البنية التحتية بهذه المنطقة. هل هو المجلس الجماعي؟ أم المديرية الجهوية للماء والتطهير والنقل، التي لم تتدخل بعد، رغم أن المنطقة تتطلب مشاريع تهيئة وإعادة تأهيل عاجلة؟

وفي هذا السياق، يظل السؤال الأبرز: أين هو دور الجهات المعنية في وضع خطة استراتيجية واضحة وملموسة لإعادة تهيئة الطريق، وتحقيق شروط السلامة والأمان للمواطنين والزوار، خاصة مع توفر الميزانية والتعليمات للقيام بذلك منذ سنوات عديدة؟ وهل هناك محاسبة فعلية على تراكم الإهمال، أم أن الأمر مرهون بانتظار زمن آخر ينهض فيه المسؤولون لأداء واجباتهم؟

الضغط البيئي والإجتماعي

لا يقتصر الأمر على المعاناة المرئية، بل يمتد ليشمل التأثيرات البيئية والاجتماعية، حيث أن غابة عين ضقف تعتبر موطنًا للثروات الطبيعية، والأشجار، والنباتات البرية، فهي متنفس طبيعي يروّح عن سكان المدينة، ويلعب دورًا هامًا في التوازن البيئي، إلا أن التخريب المستمر، جراء الإهمال وسوء التدبير، يُهدد استدامتها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تردي البنية التحتية يضر بالجانب الاقتصادي، ويعطّل حركة السياحة الداخلية، ويربك أنشطة السكان، الذين باتوا يخشون من المخاطر، ويقللون من استعمال الطريق، مما يؤثر على استمرارية النشاط الطبيعي في المنطقة.

الآمال والتطلعات

منذ سنوات، يرفع السكان أصواتهم، مطالبين بالتدخل السريع، وبتوفير موارد مالية لتجميل وتحسين الحالة. هناك حاجة ملحة لتدخل جهات المعنية، ووضع خطة طموحة ومتكاملة لإعادة تأهيل الطريق، وتوفير معايير السلامة، وتشييد منشآت خدمية، تحمي المنطقة وتحافظ على حق الأجيال القادمة في استغلال الثروات الطبيعية بشكل مسؤول ومستدام.

وفي الختام، فإن مسؤولية الحفاظ على غابة عين ضقف، وجعل الطريق المؤدية إليها منصة للاستثمار والتنمية، تظل من صلب المسؤوليات المشتركة بين الإدارات المعنية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني، لتحقيق تنمية محلية مستدامة تصون حق السكان والطبيعة على حد سواء.

إنها مأساة طويلة الأمد تتطلب الوقوف على حقيقتها، والتحرك السريع، فهل ستتحرك الجهات المختصة قبل أن يتحول هذا المعاناة إلى مأساة أكبر؟ المسؤولية مشتركة، والأمل في عمل جماعي جاد، يضع مصلحة المواطن والطبيعة نصب عينيه، من أجل غد أكثر إشراقًا لعين ضقف وفاس بشكل عام.

التعليقات مغلقة.