قبضة العشائر تضعف سيادة القانون في العراق
جريدة أصوات
في السنوات الأخيرة، برزت العشائر كقوة مؤثرة في مجريات الأحداث في العراق، حيث أصبحت قادرة على فرض إرادتها في العديد من القضايا الاجتماعية والأمنية. يرى المراقب السياسي مضر الحسن، في تصريح لموقع “الحرة”، أن الإرادة السياسية في العراق تعتبر شكلية في معظم الأحيان، مما يؤدي إلى تفاقم هذه الظاهرة وغياب جهود حقيقية للتقليص من نفوذ العشائر ومواجهة ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة.
الواقع السياسي في العراق
العراق، الذي شهد العديد من التغيرات السياسية منذ سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، لا يزال يعاني من انتكاسات في مجالات الحكم واستعادة السيطرة الأمنية. تتزايد التحديات التي تواجه الحكومة، حيث تُعتبر العشائر قوة موازية لها، وبدلاً من أن تكون الدولة القوية هي المسؤولة عن الأمن والنظام، يتم اعتماد العرف القبلي في العديد من المواقف.
يشير الحسن إلى أن المجتمع العراقي يميل إلى الالتزام بالعُرف العشائري أكثر من الالتزام بالقانون، ولا سيما في القضايا ذات الحساسية العالية كالأمن والجرائم. هذا العرف يستند إلى تاريخ طويل من قوة العشائر ونفوذها، والذي غالبًا ما يتجاوز قرارات الحكومة ومؤسساتها. كما أن هناك مؤسسات حكومية تدعم هذا النظام من خلال احتكار الوظائف والمنافع لصالح أبناء العشائر، مما يساهم في تعزيز سلطتها ووجودها.
تأثير العشائر على القرارات الحكومية
تدخل العشائر في شؤون الحكومة بطرق متعددة، منها الضغط على السلطات لإصدار قرارات تتناسب مع مصالحها. من المثير للقلق أن الدولة، بدل أن تتخذ إجراءات صارمة ضد هذه التدخلات، تميل أحيانًا إلى الانصياع لطلبات العشائر لضمان الاستقرار أو تجنب النزاعات. هذه الديناميكية تعكس حالة من الضعف في الدولة العراقية، حيث يبدو أن العشائر تملك سطوة أكبر على الأرض من الأجهزة الأمنية الرسمية.
السلاح والسلطة
السلاح هو أحد العناصر الأساسية التي تعزز من هيمنة العشائر. في العديد من المناطق، تنتشر المجموعات المسلحة التي تدعي الولاء للعشائر، وتجعل من الصعب على القوات الأمنية تنفيذ مهامها بفعالية. هذا الوضع أدى إلى تفشي ظواهر مثل الفوضى والجرائم، حيث يجد المواطنون أنفسهم في بيئة غير آمنة ولا يخضعون للقانون.
الحاجة إلى استراتيجية قوية
من أجل استعادة سيادة القانون، يحتاج العراق إلى استراتيجية متكاملة تحدد كيفية التعامل مع نفوذ العشائر، وترسم الشكل المستقبلي للعلاقة بين الدولة والمجتمع القبلي. ينبغي أن تتضمن هذه الاستراتيجية تعزيز المؤسسات الأمنية وتأكيد سلطتها على الأرض، وإطلاق حوار شامل مع قادة العشائر لتحديد مستقبل تلك العلاقات.
إضافة إلى ذلك، يتطلب الأمر إرادة سياسية حقيقية تخرج من إطار الشكليات، يمكنها فرض سيادة القانون وضمان حقوق جميع المواطنين على حد سواء. سيكون من الضروري أيضًا تعزيز الولاء للوطن على حساب الولاء القبلي، وتعزيز القيم الديمقراطية في المجتمع.
خاتمة
في ظل التحديات التي تواجه العراق، يبقى تعزيز سيادة القانون وضمان حقوق المواطنين من أهم الأولويات. يتطلب الأمر تغييرات جذرية في كيفية إدارة العلاقة بين الدولة والعشائر، لتصل البلاد إلى بر الأمان. ومع التحركات الصحيحة، يمكن للعراق أن يخطو خطوة نحو الاستقرار وتحقيق العدالة للجميع.
التعليقات مغلقة.