ملخص سنة 2023، عنوانه العريض الارتباك الحكومي في تدبير مجموعة من الملفات الحيوية، إذ تكررت الإخفاقات في التعامل مع قضايا إجتماعية وإقتصادية، تمس بشكل مُباشر الوضع المعيشي للكثير من المغاربة. فشل حكومة أخنوش في الوفاء بالتزاماتها وفي تدبير أزمة الغلاء، حيث تدهورت القدرة الشرائية للمواطنين، وتفاقم الاحتقان الاجتماعي بعدة قطاعات، وارتفعت نسب البطالة.
ملف التعليم.. تعميق الأزمة
رغم تعهدات الحكومة بتحسين المنظومة التربوية بالمغرب، إلا أن الواقع يُظهر فشلاً في تحقيق هذه الغاية خلال سنة 2023. في محاولة يائسة للتغطية على فشلها الذريع في تدبير الأزمة غير المسبوقة للشغيلة التعليمية، وبعد أن وجدت الحكومة نفسها مضطرة، بعد تردد طويل وسوء تقدير وتدخل متأخر، وتحت ضغط وزخم الاحتجاجات المتتالية لرجال ونساء التعليم من خارج النقابات التي تتفاوص معها الحكومة، إلى إعلان “تجميد” النظام الأساسي، وتوقيع اتفاق جديد مع بعض النقابات يوم 10 دجنبر 2023، وأمام بروز الأصوات الرافضة لهذا الاتفاق، وعجز الحكومة عن التسويق والإقناع به، ومساهمتها في فقدان الثقة في النقابات وإفراغ الساحة من الوسطاء التقليديين،
الحكومة فشلت في تدبير ملف اجتماعي مهم، وقطاع أساسي، يستهدف أزيد من 7 ملايين طفل مغربي في المستويات الثلاثة. ولحدود اليوم ما زالت الاحتجاجات قائمة رغم كل العروض التي تقدمها الحكومة، ومازال أطفال المغاربة خارج الأقسام الدراسية.
الاقتصاد.. ارتفاع نسب البطالة!
أظهرت بيانات رسمية اليوم الجمعة أن معدل البطالة في المغرب ارتفع في الربع الثالث إلى 13.5% مقابل 11.4% خلال الفترة نفسها من عام 2022.
وقالت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب إن الاقتصاد المحلي فقد 297 ألف فرصة عمل ما بين الربع الثالث 2022 والربع ذاته من السنة الحالية.
وبحسب البيانات ذاتها، عرفت المدن فقدان 29 ألف فرصة عمل مقابل 269 ألفا للقرى، في ظل أسوأ موجة جفاف يشهدها المغرب منذ عقود.
وبلغ عدد العاطلين عن العمل بالمغرب مليونًا و625 ألف شخص خلال الربع الثالث من العام الحالي.
وقالت المندوبية إن معدل البطالة بقي مرتفعا بين:
- الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، مسجلا 38.2%.
- النساء بنسبة 19.8%.
- الحاصلين على شهادة 19.8%.
وتباطأ نمو الاقتصاد المغربي في الربع الثاني من العام الجاري إلى 2.3%، مقارنة بنمو بلغ 3.5% في الربع الأول من هذا العام.
وعُزي هذا التباطؤ إلى عوامل من بينها:
- ضعف نمو القطاع الزراعي المتضرر من الجفاف.
- انخفاض نشاط القطاع الصناعي.
- تراجع استهلاك الأسر.
وكان بنك المغرب (البنك المركزي) خفض في سبتمبر/أيلول الماضي توقعاته للنمو في 2023 إلى نحو 2.5%، مشيرا إلى أن هذه التوقعات لم تضع في الاعتبار تأثير الزلزال الذي ضرب جبال الأطلس.
وأضاف البنك أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سيتحسن إلى 3.2% العام المقبل، دون الأخذ في الاعتبار تأثير الزلزال، الذي أودى بحياة نحو 3 آلاف شخص في أقاليم متعددة في وسط جنوبي المغرب.
من جهته توقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع معدل البطالة بالمغرب من 11.8% في العام 2022 إلى 12% العام الحالي، قبل أن يتراجع إلى11.7% السنة المقبلة.
الحكومة وعدت بتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمغاربة، وخلق فرص الشغل، ولكن سنة 2023 كشف عكس ذلك، إذ شهدت معدلات البطالة ارتفاعاً مستمراً، وتدهوراً في الوضعية المعيشة.
أرقام المندوبية السامية للتخطيط، تكشف أن سنة 2023، عرفت ارتفاعاً في عدد العاطلين بـ248 ألف شخص، وبذلك تنتقل نسبة البطالة من 11,4 في المائة سنة 2022 إلى 13,5 في المائة خلال سنة 2023.
ولتوفير فرص الشغل، دعا جدري، إلى دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغير جدا، من خلال المواكبة والمساعدة على التمويل وولوج السوق، من أجل المساهمة في تحقيق نسب نمو محترمة، وكافية لخلق الثروة”.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
الحكومة ترفع شعارات الدولة الاجتماعية، ولكنها في المقابل فشلت في ضمان العيش الكريم للطبقات ذات الدخل المحدود والفقيرة، إذ أن المغرب شهد ارتفاعا صاروخياً في أثمنة كل المواد الغذائية، وفي مقدمتها “الخضر الذي أصبحت تنهك جيوب المغاربة”.
وتظهر تداعيات فشل الحكومة في تدبير هذه الملفات الحيوية على الحياة اليومية للمواطنين، ويثير تساؤلات حول قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية. الوضع الاجتماعي، يتطلب تقييماً شاملاً وخططاً فعّالة لتجاوز الأزمات وتحقيق تقدم حقيقي (بعيدا عن الشعارات)، في مختلف المجالات.
تحديات 2024.. ماذا ينتظر الحكومة؟
يطرح الدخول السياسي الجديد، مجموعة من التحديات على الحكومة، خاصة بعدما فشل عزيز أخنوش، منذ حصوله على كرسي الرئاسة، في إنهاء عدد من الملفات الشائكة على رأسها حماية القدرة الشرائية للمغاربة التي تدهورت جراء أزمة الغلاء.
واعتبر عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن السياسي، أن الدخول البرلماني الجديد يأتي مرفقا بالعديد من الأولويات، بينها تنزيل الإصلاحات والأوراش الاقتصادية والاجتماعية الجديدة، مع ضرورة الوفاء بوعدها من خلال بدء صرف منح التعويضات الاجتماعية للفئات الهشة.
ومن المرتقب أن تقوم الحكومة الحالية، خلال الدخول السياسي المقبل، في الاشتغال على تجاوز الأزمات التي شهدتها المملكة هذه السنة والمتمثلة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والجفاف، بالإضافة إلى مواصلة الالتزام بالاتفاقيات المندرجة في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027.
كما ستسعى الحكومة الحالية، خلال الدخول المقبل، على ضمان التوازن التام بين المردودية والموارد، وربط المسؤولية بالمحاسبة، مع تسريع إطلاق المشاريع الكبرى التي ستضر بالنفع على المملكة، بالإضافة إلى إنهاء جل الاشكاليات التي ستعيق تنزيل ورش الحماية الاجتماعية.
ومن بين أبرز التحديات التي تأمل الحكومة في تحقيق النجاح من خلالها، صرف التعويضات الاجتماعية لفائدة الأسر المستهدفة، الأمر الذي سيساهم في تحسين الوضع المعيشي لملايين المواطنين، وكذا خلق توازن بين العالم القروي والحضري، مع فك العزلة عن البوادي، من خلال توفير الماء والكهرباء وخلق استثمارات ستقلص البطالة.
التعليقات مغلقة.