محدودية جدوى “الجمارك التجارية” تكشف هشاشة المسعى الاقتصادي في سبتة المحتلة
جريدة اصوات
محدودية جدوى “الجمارك التجارية” تكشف هشاشة المسعى الاقتصادي في سبتة المحتلة
بعد أشهر من انطلاق آلية الجمارك التجارية بين مدينة سبتة المحتلة وباقي التراب المغربي، تتوضح يوما بعد يوم محدودية المنافع الاقتصادية التي يمكن أن تحققها المبادرة، فيما تظل مدريد تتعول عليها أكثر مما يمكن أن يتحمله الواقع، في حين يظل الموقف المغربي ثابتًا، يضع السيادة والاعتبارات الوطنية فوق كل الاعتبارات الأخرى.
منذ 11 فبراير الماضي، لم تتجاوز حصيلة عمليات العبور الإجمالية 42 عملية، منها 41 عملية استيراد من سبتة، غالبها يتعلق بشحنات مواد البناء من الرمل والحصى، بينما اقتصر التصدير على عملية واحدة مرتبطة بقطاع السيارات، بعد فشل محاولتين سابقتين لتصدير مواد النظافة، نتيجة القيود المغربية.
ويُظهر الواقع الميداني، وفقًا لما أورده الإعلام الإسباني، أن ما تروّجه السلطات الإسبانية من إنجازات دبلوماسية لم يفلح بعد في تحويل المبادرة إلى عملية تجارية ذات جدوى واقعية، حيث لم تشمل عمليات المبادلة أي منتجات فلاحية أو ذات قيمة مضافة، لا سيما أن تجار السمك والخضر في سبتة لا يزالون يعتمدون على الواردات من الجنوب الإسباني بدل استكشاف بدائل عبر الجمارك مع المغرب.
وتراهن مدريد على هذا المسار كجزء من استراتيجية “إعادة بناء العلاقة مع المغرب”، إلا أن الرباط، على الرغم من التزامها بتنفيذ خارطة الطريق الثنائية، تصرّ على أن المبادرة هي إجراءات ظرفية لا تعكس موقفاً سيادياً، إذ تعتبر أن الحدود البرية غير موجودة، وأن ما يُسمى بـ”الجمارك بين بلدين”، هو إصدار قانوني مؤقت لا يمس الموقف الثابت للمغرب من المدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية.
وفي المقابل، يركز المغرب على بناء بنيته التحتية في المنطقة الشمالية، بتعزيز مشاريع التنمية، ودعم المناطق المجاورة لسبتة ومليلية، بهدف فك العزلة، وخلق فرص عمل، وتقوية الاقتصاد الوطني، بعيدًا عن أي اعتماد على المعابر المحتلة كآليات أساسية للتبادل الاقتصادي.
ويؤكد المراقبون أن النهج المغربي يطابق استراتيجية طويلة المدى تضع تنمية الأقاليم الشمالية في مقدمة الأولويات، وتُظهر أن أي علاقات اقتصادية مع الاحتلالين غير ذات جدوى إلا في إطار قوانين وقيم السيادة الوطنية، وأنه لا يمكن الاعتماد على مبادرات مرحلية لطمأنة الرأي العام أو لتحقيق مكاسب استراتيجية.
وبانتظار حل سياسي شامل يقرّ بمغربية المدينتين، يظل المغرب يتعامل مع آلية الجمارك التجارية باعتبارها أداة ثانوية، تؤدي الحد الأدنى من الالتزامات، دون أن تتجاوز مستوى الإجراءات التقنية المؤقتة، أو أن تتغير ملامح الموقف الذي يعتبر المدينتين جزءًا لا يتجزأ من السيادة المغربية، ولا يقبل التفاوض أو التسوية الجزئية
التعليقات مغلقة.