أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

هل أبطلت صواريخ “حماس” مفعول “القبة الحديدية” ؟

محمد حميمداني 

يبدو أنّ معادلة الصراع العربي – الصهيوني ، و متغيرات السياسة العامة التي تمر منها منطقة الشرق الأوسط قد فرضت معادلات جديدة قلبت موازين القوى لصالح محور المقاومة ضد محور الكيان الصهيوني الإمبريالي و زمر المطبعين و المهللين و أبواق هذا المحور ، فصواريخ المقاومة شكلت صدمة للكيان الغاصب و فاجأت محلليه و المؤسسة العسكرية و استخبارات الكيان الغاصب التي كانت تغط في نوم عميق ، سواء من جهة نوعية الصواريخ و كثافتها و مداها و قوتها التدميرية الكبيرة ، المعركة قلبت الطاولة على المؤسسة العسكرية التي يفترض فيها أن تعيد كل حساباتها السابقة التي بنتها ، لأنه إن كان هذا هو حالها أمام المقاومة الفلسطينية ، فكيف سيكون حالها أمام “حزب الله” و “إيران” في أية حرب مستقبلية ، خاصة و أن مفخرة صناعتها الحربية أصبحت “خوردة” في سوق السلاح ، و هو ما أبانته الوقائع الميدانية . 

“يوناه جيريمي بوب” تساءل في صحيفة “جيروزاليم بوست” ، “هل وجدت حماس وسيلتها الخاصة لتقويض القبة الحديدية؟”  حيث كتب ، لطالما أسقطت منظومة “القبة الحديدية” بين 85 إلى 90% من الصواريخ التي أطلقتها “حماس” خلال الجولات السابقة ، مضيفا أنها مثّلت دفاعا محكما تقريبا في السابق بسبب وابل صغير واحد من الصواريخ . 

هذا في السابق ، لكن الوضع الآن تغير فصليات الصواريخ تخرج بكثافة لا توصف ، و هو الأمر الذي جعل “القبة الحديدية” خارج الخدمة و عاجزة عن التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية التي تضرب في كل اتجاه ، ربما لم يكن الأمر مفاجأ نظريا على اعتبار أن أجهزة الاستخبارات الصهيونية كانت قد حذرت سابقا من قصف “حزب الله” لدويلة الكيان بأكثر من ألف صاروخ يوميا ، قادرة على خرق هاته “القبة” ، فإن كان هذا هو الكيان الآن ، فماذا سيكون أمام حزب يمتلك أكثر من 150 ألف صاروخ من بينها المئات من الصواريخ المتطورة و الموجهة .  

خلال حرب سنة 2014 أطلقت المقاومة حوالي 4000 صاروخ ، أي بمعدل 50 صاروخا يوما ، أما الآن فمعدل الإطلاق يتراوح ما بين 100 إلى  200 صاروخ خلال دقائق فقط ، خرقت “القبة” و وصلت إلى أهدافها بما فيها “تل أبيب” ، وضع شكل صدمة للمؤسسة العسكرية ، و خلق رعبا داخل كافة المؤسسات و الشارع  من جهة قدرة الحركة على إطلاق هذا الحجم الكبير من الصواريخ و في وقت قياسي و متزامن . 

فما أرهب المؤسسة العسكرية و خلط أوراقها هو قدرة المقاومة على خرق المنظومة الدفاعية بمائة صاروخ خلال دقائق و لمرتين يوميا ، ليطرح السؤال الاستراتيجي و الذي طرحه الكاتب “ما هو حجم الضرر الذي يمكن لحزب الله و إيران إحداثه مع الصواريخ الأطول و الأكبر و الأدق التي يملكانها؟”

في نطاق تقييمها لهذا النشوز الذي أصاب عمل “قبة” مطبل و مهلل بقوتها و فعاليتها ، أشارت مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية إلى إنه لا يوجد نظام دفاع صاروخي تقليدي مهما كان متقدما يتمتع بحصانة كاملة ضد الهجمات الصاروخية المكثفة ، موضحة أن “القبة” هي عبارة عن شبكة اعتراضية تستخدم تكنولوجيا تحليل بيانات رادارات متطورة لرصد و تعقب و تدمير الصواريخ ، و الذي وصف بأنه أحد أكثر أنظمة الاعتراض فاعلية في العالم ، في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية ، و على الرغم من تبجح المؤسسة العسكرية الصهيونية بفعاليتها إلا أن البيانات والسوابق تشير إلى أن “القبة الحديدية” أقل فاعلية بشكل ملحوظ أمام ضربات توجه إلى أهداف قصيرة المدى و هو ما اعتمدته حركة المقاومة باستمرار من خلال إطلاق الصواريخ في مسارات منخفضة بهدف الحصول على فرص أفضل لاختراق شبكة الدفاع الصاروخي هاته .

و للإشارة فإن كل بطارية نموذجية في منظومة هاته القبة تضم 3 إلى 4 قاذفات ، تحمل كل منها 20 صاروخا اعتراضيا من طراز “تامير” ، و قد حددتها مجلة ” ناشونال إنترست” فيما لا يقل عن 10 ، مضيفة أن إطلاق المقاومة لكمية كافية من الصواريخ على موقع محدد خلال فترة زمنية قصيرة ، من الممكن جدا أن يمكن من اختراق شبكة “القبة الحديدية” . 

الوقائع على الأرض تثبت بما لا يدع مجالا للشك فشل منظومة “القبة الحديدية” في اعتراض صواريخ المقاومة الفلسطينية ، و مشاهد هروب المستوطنين من المظاهرة التي كانت تستهدف اقتحام المسجد الأقصى ، بسبب الصواريخ التي أطلقت من غزة ، إضافة إلى إخلاء مبنى الكنيست الصهيوني لنفس السبب ، يعكس صورة هذا الفشل ، و هو ما سيضر ليس بهيبة هاته المنظومة ، بل و بسمعة هذا السلاح في سوق المنتجات العسكرية الدولية ، خاصة و أن تلك الصواريخ دكت مراكز حيوية في “تل أبيب” و غلاف غزة و المطارات و حقول الغاز … ، و لعل إعلان الكيان الصهيوني عن تعليق الرحلات الجوية و إيقاف ضخ الغاز إلا دليل ساطع على فشل بركة تلك “القبة” ، خاصة و أن تلك الصواريخ قطعت مسافة 70 كلم لتدك “تل أبيب” و 77 كلم لتدك “رعنان” ، دون أن يتم رصدها و تدميرها و هو ما شكل سقوطا لتلك المنظومة و القبة ، الأمر الذي فرض على كيان الاحتلال توسيع حالة الطوارئ إلى مدى 80 كلم بعد أن كانت في السابق لا تتعدى 40 كلم . 

وسائل إعلام صهيونية و في تقرير كاريكاتوري قالت إن منظومة “القبة الحديدية”، فشلت في اعتراض صواريخ تم إطلاقها من قطاع غزة بسبب “خلل فني” ، دون أن توضح نوعية هذا الخلل .

و للإشارة فإن هذا الفشل ينضاف إلى فشل نفس المنظومة في اعتراض صاروخين قادمين من سوريا سقطا بالقرب من المفاعل النووي “ديمونة”، لم تجد المؤسسة العسكرية من تبرير لذلك الخرق سوى ما أوردته القناة العبرية الـثانية عشر ، و التي قالت بأنه تبين من نتائج التحقيق الأولية التي أجراها الجيش الصهيوني ، أن منظومة الدفاع الجوي لم تتوفر لديها المضادات اللازمة لإسقاط هذا النوع من الصواريخ ، فاضطرت إلى استخدام مضادات أخرى غير ملائمة لهذا النوع من الصواريخ السورية ، و هو ما طرح العديد من الأسئلة حول جدوى و فعالية تلك المنظومة و التي عراها بشكل سافر الاعتداء الصهيوني الأخير على غزة .

التعليقات مغلقة.