نظمت وزارة العدل لقاءا تواصليا صبيحة هذا اليوم، الجمعة 2 يوليوز 2021 بالمركز الثقافي أحمد بوكماخ بمدينة طنجة، حول موضوع دور القانون رقم 12.18 في تعزيز المنظومة القانونية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على ضوء المعايير الدولية.
وحضر هدا اللقاء مجموعة من الشخصيات البارزة، في المجتمع المغربي والدولي، السيد وزير العدل، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والسيد رئيس النيابة العامة، والسيدة سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، والسيد رئيس وحدة معالجة المعلومات المالية، والسيد الممثل لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الوسط وشمال افريقيا، والسيد ممثل مجموعة ايغمونت، والسيد ممثل صندوق النقد الدولي.
افتتح هدا اللقاء بكلمة السيد وزير العدل محمد بنعبد القادر، بالترحيب بالحضور الموجودين وجاء فيها:
شرف واعتزاز كبيرأن افتتح معكم هدا اليوم اشغال اللقاء التواصلي الخاص ب دور القانون رقم 12.18 “الدي يأتي في إطار مبادرة تعميم القانون المذكور على المخاطبين بأحكامه، والتعريف بمستجداته وسبل تنزيله، وهو ما يظهر جليا من خلال البرنامج العلمي الذي حاولنا من خلاله ملامسة كافة المقتضيات الجديدة للقانون من وجهة نظر مختلفة للمتدخلين في المنظومة، وبهذه المناسبة أود أن أرحب بالحضور الكريم شاكرا لكم تلبية الدعوة، وكذا حسن التجاوب والتعاون الدائم، الذي ما فتئتم تعربون عنه في كل مناسبة بحس عال من المسؤولية والوطنية الصادقة، وخاصة شركائنا الدوليين المتميزين في شخص السيدة سفيرة الاتحاد الأوربي ومجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط ومجموعة إيغمونت، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، وكذا ممثلي المؤسسات والهيئات الوطنية والحكومية والقضائية والأمنية والمالية.
وتعد جريمة غسل الأموال من الأشكال الجديدة للجريمة المنظمة الوطنية وغير الوطنية التي تصاعدت وثيرتها في السنوات الأخيرة بشكل ملفت للانتباه، مستغلة بذلك التطورات المتلاحقة في وسائل النقل والاتصال وعولمة الاقتصاد، وتحرير وتدويل الأسواق وتخفيف الرقابة على الحدود وإنشاء مناطق مالية حرة، والنمو الكبير للأنشطة التجارية والمالية والتدفق الدولي الضخم للسلع والخدمات بين الدول، والتي ترتكبها جماعات إجرامية متخصصة، كما قد تتم هذه الجريمة في العديد من الدول، لذلك أضحى غسل الأموال ظاهرة إجرامية تزعج مختلف دول العالم ،لقدرة محترفيها على التسلل إلى الهياكل الاقتصادية وزعزعة الأسواق، والاستخدام الإجرامي للنظم البنكية والمالية ومحاولة التأثير على أجهزة العدالة الجنائية والنظم السياسية والمرافق الإدارية.
وكما هو معلوم فإن السياسة الجنائية تتسم بالحركية والتطور كغيرها من السياسات العمومية للدولة، ونظرا لحجم هذه الظاهرة ودرجة توسعها وانتشارها على المستوى الوطني والدولي فإننا جند أنفسنا جميعا ملزمين بوضع تشريع وطني نموذجي يستجيب للمعايير الدولية والممارسات الجيدة )التجريم والعقاب-تقوية قواعد البحث والتحقيق –غسل العائدات – الضحايا – تعزيز آليات التعاون الدولي والأمني والقضائي…(، وقد خضعـت المنظومة الوطنيـة في هذا الإطار مجموعة من التقييمات تعكس حجم هذه الظاهرة ومدى قدرة الأدوات القانونية والمؤسساتية للتصدي لجريمة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب ففي سـنة 2007 خضعت لأول عمليـة للتقييم المتبادل من طرف مجموعة العمـل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيـا )قبل صدور القانون 05/43 وقبل إحداث وحدة معاجلة المعلومات المالية(، وقد أجـري هـذا التقييـم في إطـار الجولة الأولى لتقييـم منظومـات الـدول أعضـاء المجموعة على أسـاس منهجيـة مجموعة العمـل المالي لسـنة 2004 ،واقتصر على الالتزام الفني )مدى امتثال النصوص القانونية والتنظيمية للتوصيات 49 ل GAFI ولم يمتد إلى تقييم الفعالية)
لقد أصدر المشرع المغربي أول قانون خاص بمكافحة غسل الأموال سنة 2007 بمقتضى القانون رقم 05.43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال والذي جاء متوافقا نوعا ما مع الاتفاقيات الدولية. لكنه كان محط ملاحظات مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عند تقييم المملكة، حيث خضع مجموعة من التعديلات سنة 2011 و2013 و2015 بهدف الملاءمة مع توصيات مجموعة العمل، المالي ومعاجلة بعض أوجه القصور التي كانت لا تزال تتخلل المنظومة. حيث اقتصر تعديل 2011 على توسيع قائمة الجرائم الأصلية لغسل الأموال المدرجة ضمن المادة 2-574 من مجموعة القانون الجنائي لتشمل جل الجرائم الواردة في اتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة (فيينا وباليرمو) وكذا قائمة الأشخاص الخاضعين. كما عمل على إعادة صياغة المادتين 2-574 و4-218 من مجموعة القانون الجنائي والمتضمنة لتعريف جريمتي غسل الأموال تمويل الإرهاب، بغرض إضافة عنصر العلم والنية الاجرامية أما تعديل 2013 فقد هم ملاءمة تعريف تمويل الإرهاب مع متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لقمع تمويل الإرهاب لسنة 1999. وأيضا توحيد تعريف مصطلح» الممتلكات «، الوارد في كل من مجموعة القانون الجنائي والقانون رقم 05-43 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، لما له من أهمية عملية تتجلى عند تطبيق مساطر الحجز والتجميد والمصادرة. والتعديل الأخير كان سنة 2015 حيث اقتصر على توسيع مفهوم الجريمة الإرهابية لتتميم أحكام الفصل 1.218 تفعيلا لقرار مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة رقم 2178، المؤرخ في 24 شتنبر 2014.
ويأتي القانون رقم 18.12 في إطار تقوية المنظومة القانونية الوطنية للتصدي لهذا النوع من الجرائم الخطيرة، ووفاء بالتزامات المغرب الدولية في هذا الشأن من جهة، والرفع من درجات التزام المملكة بتوصيات مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وملاءمة المنظومة الوطنية مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا من جهة ثانية. وقد اتسم هذا القانون بتعديلات مهمة مقارنة بالمراجعات التشريعية السابقة، من حيث حجم وأهمية التعديلات التي جاء بها على المستويين الزجري والوقائي.
خالصا في نهاية كلمته بتوجيه الشكر لكافة الحضور، وعلى المجهودات المبذولة في مواكبة الورش الإصلاحي الكبير لمنظومة العدالة ببلاد، وفي تطويرها ودعمها لكسب العديد من التحديات والرهانات في مناسبات متعددة،
وفي تطويرها ودعمها لكسب العديد من التحديات والرهانات في مناسبات متعددة، لا شك أن هذه التعبئة والمواكبة ستكون حاضرة بمناسبة العمل بهذا القانون الهام الذي سيسهم لا حمالة في تعزيز وتقوية منظومة التصدي جرميتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
التعليقات مغلقة.