أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أحلام السياحة في الحسيمة دائرة من الوعود الكبرى وخيبة الأمل المستمرة

جريدة أصوات

تجد الحسيمة، المدينة التي حباها الله بمناظر خلابة على البحر الأبيض المتوسط، نفسها حبيسة حلقة مفرغة: الإعلان الحماسي عن مشاريع سياحية طموحة، يليه اختفاؤها الهادئ في عالم الوعود غير المحققة. فبالرغم من التصريحات الكبرى والخطط المفصلة، يبدو أن القطاع السياحي في المدينة عالق دائمًا في وضع الانتظار، مع فشل التنمية الجوهرية في التحقق بشكل مستمر.

لسنوات، كانت الحسيمة لوحة للمبادرات الطموحة، التي غالبًا ما تُعلن تحت عناوين مثيرة للإعجاب مثل “مشروع مهيكل”، و”برنامج متكامل”، و”رؤية استراتيجية”. هذه الإعلانات، التي غالبًا ما تكون مصحوبة بفرص تصوير احتفالية وتغطية إعلامية واسعة، ترسم صورة لوجهة سياحية نابضة بالحياة ومزدهرة. ومع ذلك، ومع تغير الفصول، تميل هذه المخططات المعقدة إلى التلاشي، مخلفة وراءها صمتًا عميقًا وشعورًا بخيبة الأمل بين السكان. لقد اعتادت المدينة على هذا النمط، حيث يبدو أن التغيير الأكثر أهمية في كل موسم سياحي لا يتعدى طبقة جديدة من الطلاء على الأرصفة.

تؤكد العديد من الأمثلة هذا الاتجاه المحبط. كان هناك الاقتراح المثير للاهتمام بإنشاء فندق تحت الماء قبالة شاطئ إيسلي، وجسر معلق مستقبلي، ومنطقة سياحية جديدة تمامًا متصورة في كالا إيريس. كما أن الخطط الاستراتيجية المختلفة، بما في ذلك “مخطط تنمية السياحة بالحسيمة”، و”برنامج مناطق الاستقبال السياحي”، و”اتفاقية تنمية السياحة القروية”، و”المخطط الأزرق”، و”مخطط بلادي”، كلها وعدت بنمو تحولي.

تُعدّ حالة مشروع “كالا إيريس” مثالًا صارخًا بشكل خاص، فقد كشف عنه وزير السياحة آنذاك عادل الدويري بشغف. كان الهدف من هذا المخطط الارتقاء بالحسيمة إلى مصاف “أكادير المتوسط”، مع طموحات بإنشاء منتجعات خمس نجوم، وميناء ترفيهي حديث، ومراكز صحية متطورة، ومرافق غوص واسعة النطاق. وقد كان من المتصور أن يمتد المشروع على مساحة 340 هكتارًا، ويضم أكثر من 11 ألف سرير، مع إمكانية خلق 3 آلاف وظيفة مباشرة، مدعومًا بميزانية كبيرة بلغت 6 مليارات درهم، مخصصة لسبعة فنادق فاخرة، والعديد من المطاعم، ومركز غوص متخصص، ومستشفى، ومراكز تجارية مترامية الأطراف، وحتى مدرسة فندقية. وعلى الرغم من هذه الرؤية الشاملة، تم إلغاء مشروع “كالا إيريس” بشكل مفاجئ، دون أي تفسير رسمي، ليظل مجرد “إعلان نية”.

وبالمثل، سعى “مخطط بلادي”، الذي أُطلق عام 2007، إلى تنشيط السياحة الداخلية، واعدًا بشبكة من الفنادق والمخيمات ومرافق الإقامة المشابهة لتلك الموجودة في المراكز الحضرية الكبرى. وفي عام 2008، سُرّب مشروع “المركز السياحي الجهوي”، على الرغم من عدم الإعلان عنه رسميًا، والذي حدد هدفًا فلكيًا حقًا: زيادة الإقامات الليلية 50 ضعفًا، وارتفاع في عدد السياح الوافدين 13 ضعفًا، وتوسع في القدرة الاستيعابية للإقامة 20 ضعفًا، كل ذلك مدعومًا بميزانية قدرها 8.3 مليار درهم. ومع ذلك، ظلت هذه الأرقام، للأسف، فلكية وغير محققة.

وفي الآونة الأخيرة، وعد “برنامج مناطق الاستقبال السياحي” (PAT)، الذي أُعلن عنه في عام 2012، بثلاثة مسارات سياحية مميزة، وثمانية ملاجئ للزوار، ومركز معلومات بحرية. وكانت النتيجة الملموسة الوحيدة لهذا البرنامج مبنى في حي كالابونيتا ظل مغلقًا لسنوات قبل تحويله لاحقًا إلى مركز للشرطة. كما أن “عقد البرنامج الجهوي للسياحة”، الذي وقعه وزير السياحة لحسن حداد في عام 2013، حدد 37 مشروعًا، بما في ذلك مبادرات مهيكلة ومكملة مثل الأنشطة الثقافية ومخيم لأكثر من 400 شخص ضمن “مخطط بلادي”. ومع ذلك، ظلت هذه المشاريع أيضًا، للأسف، “مقتصرة على التصريحات”.

في جوهر الأمر، أصبحت الحسيمة شاهدًا على المقولة بأن الأفعال أبلغ من الأقوال. ففي حين أن إمكانات المدينة السياحية لا يمكن إنكارها، وقد تكون النوايا وراء هذه المشاريع الكبرى صادقة، إلا أن فشلها المستمر في تجاوز مرحلة التخطيط قد زرع شعورًا واسع النطاق بخيبة الأمل والأحلام غير المحققة بين سكانها. تستمر المدينة في الانتظار، على أمل أن تتحول الوعود يومًا ما إلى واقع ملموس.

التعليقات مغلقة.