في الخامس عشر من سبتمبر 2024، شهدت الحدود البرية في جيب سبتة المحتلة شمال المغرب مشهداً مثيراً: حشود كبيرة من المواطنين المغاربة والأفارقة، بالإضافة إلى مهاجرين من الجزائر وسوريا والسودان، حاولوا اقتحام سياج الأسلاك الشائكة.
هذه الحادثة تعكس مرة أخرى أزمة سياسية تتفجر في المنطقة، حيث يسعى الكثير من المهاجرين إلى تحسين أوضاعهم المعيشية، رغم المخاطر العديدة واللايقين في رحلاتهم نحو أوروبا.
تواصل صورة أوروبا الوردية تصويرها في خيال هؤلاء الشباب، الذين يرون فيها رمزاً للتقدم والفرص. وعلى مدار كل صيف، يتجمع المئات منهم على طول الساحل الشمالي، يحدوهم الأمل في عبور سبتة السليبة إلى حياة أفضل.
يسعون إلى وظائف مستقرة وأجور محترمة، لكنهم يغفلون أن الواقع على الجانب الآخر من الحدود قد يكون أكثر تعقيدًا وصعوبة مما يتصورونه.
تعتبر سبتة ومليلية، المستعمرتين الإسبانيتين، نقطة جذب للشباب العاطل عن العمل، الذين تزايدت أعدادهم بسبب ارتفاع نسبة البطالة في المغرب.
ومع ذلك، فإن القدوم إلى أوروبا ليس سهلاً كما يبدو، وغالبًا ما تتحول الأحلام إلى كوابيس.
يفتقر العديد من هؤلاء المهاجرين إلى المؤهلات المهنية اللازمة، مما يجعلهم عرضة للاستغلال ويجبرهم على البحث عن أساليب بقاء بديلة، كالزواج من أوروبيات من أجل الحصول على وثائق الإقامة، رغم أن هذه الخطوة تأتي مع تعقيدات قانونية وأخلاقية.
تكشف الأرقام أن الوضع في أوروبا، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي بدأت في 2008، ليس كما يجري تصويره.
تعاني بعض الأسواق من معدلات بطالة مرتفعة، مما يجعل المهاجرين يتورطون أحيانًا في وظائف منخفضة الأجر ويعجزون عن الهروب من دوامة الفقر. البعض منهم، في السنين الأخيرة، يفضلون العودة إلى المغرب بعد خيبة أمل كبيرة.
ومع قلة فرص العمل والأنظمة القانونية، تجد العديد من هذه الفئات نفسها منخرطة في أنشطة غير قانونية، مثل الاتجار بالمخدرات أو السرقة، مما يعود عليهم بعواقب وخيمة.
وللنساء، الوضع أتعس حيث يجبرن على العمل في شبكات الدعارة.
يعيش الجميع تحت وطأة بيروقراطية صارمة، مما يؤدي إلى حياة غير مستقرة ومخيمات مزدحمة.
تبدو آفاق الهجرة الآن أكثر قتامة مما كانت عليه، ولابد من إعادة التفكير في طرق الهجرة.
لم تعد أوروبا تمنح الضمانات التي كانت تُقدَّم في الماضي. يتعين على الشباب المغاربة البحث عن سبل جديدة لتعزيز فرصهم في الوطن، بدلاً من الاعتماد على الهجرة.
فالمغرب لديه القدرة على توفير فرص ريادة الأعمال في مجالات متعددة مثل السياحة والزراعة والتكنولوجيا.
من فوائد جهود التنمية الذاتية تكثيف التحولات المحلية، والتي تتطلب دعمًا من الحكومة المغربية وتنظيمات دولية لتوفير الموارد والتدريب.
بدلاً من السير في دروب الهجرة غير المتوقعة، يمكن للشباب خلق مستقبلهم بأنفسهم، والمساهمة في مستقبل وطنهم.
التعليقات مغلقة.