أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أسباب العقم عند الرجال

بقلم د. مبارك أجروض

يعرف الأطباء العقمI nfertilité لدى الرجال والنساء على أنّه عدم القدرة على الحمل بعد سنة واحدة من محاولة الحمل لدى الزوجين دون استخدام وسائل منع الحمل خلال تلك السنة، ويمكن القول إنّ فرصة الحمل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لدى الأزواج الأصحاء، الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، تتراوح بين 20-37%، كما يمكن القول أنّ ثلث حالات العقم تحدث بسبب مشاكل لدى المرأة، والثلث الثاني يحدث بسبب مشاكل لدى الرجل، في حين أنّ الثلث الأخير يحدث بسبب مشاكل مشتركة لدى الزوجين أو قد يكون نتيجة لأسباب غير معروفة، وفي الحقيقة تشير الدراسات أنّ نسبة الأزواج الذين لا يستطيعون الإنجاب بعد سنة واحدة من الزواج تصل إلى 15%، كما أنّ نسبة الأزواج غير القادرين على الإنجاب بعد مرور عامين قد تصل إلى 10%، وتجدر الإشارة إلى أنّه يتطلب حدوث الحمل التقاء الحيوان المنوي الذي يتم إنتاجه داخل الخصيتين بالبويضة ليتم تخصيبها.

رغم أن المرأة كثيراً ما تتهم بكونها السبب وراء عدم إنجاب الأطفال (خاصة في مجتمعاتنا الشرقية)، فمن المعروف طبياً أن مسؤولية العقم تقع على الرجل في حوالي ثلث حالات العقم، وعلى المرأة في ثلثها الآخر، وعلى الطرفين معاً (أو على أسباب مجهولة) في الثلث الباقي. ومن المعروف أيضا أن أسباب العقم لدى الرجل تتعلق بضعف في حيواناته المنوية (النطف).. أما العوامل التي تؤدي إلى هذا الضعف، فهي كثيرة جدا، تبدأ بالعوامل الوراثية، مرورا Avec des lésions et lésions vasculaires, septiques et gastro-intestinales ، وانتهاء بالإصابة بسرطانات الأعضاء التناسلية. لكن هناك أسباباً أخرى غير معروفة لدى أكثر الناس، نتطرق لأهمها فيما يلي:

* الوزن الزائد

لقد ثبت أن الكيلوغرامات الإضافية التي يحملها الجسم لها تأثير سلبي على تعداد الحيوانات المنوية وسرعة حركتها وشكلها، ذلك لأن الشحوم المختزنة في الجسم تحول الهرمون المذكر testostérone والمؤنث œstrogène، ما يعيق نمو الحيوانات المنوية ويعطل وظيفتها. ومن الجدير بالذكر أن زيادة الوزن لدى النساء كذلك لها تأثير سلبي على فرص الحمل، ما يدعو الزوجين معاً لاتباع النصائح التي تضمن حصولهما على الوزن المناسب لطولهما، وأفضل الطرق لتحقيق ذلك – كما ذكرنا في أكثر من مناسبة – هي الطرق الطبيعية التي تعتمد المقادير المناسبة من الأطعمة الصحية والرياضة المنتظمة. كما يجدر الذكر أن نقص الوزن الشديد له تأثير سلبي على النطف كذلك، ولو بنسبة أقل من زيادته.

* قلة الحركة

في دراسة نشرت بمجلة الطب الرياضي البريطانية، تبين أن الرجال الذين قضوا أكثر من 20 ساعة في الأسبوع يراقبون التلفزيون، كان تعداد الحيوانات المنوية لديهم أقل من أولئك الذين لم يراقبوا التلفزيون البتة بنسبة 44%، ما يدل على ضرورة الحركة والرياضة للإبقاء على سلامة الحيوانات المنوية.

* تعرض الخصيتين للحرارة

لعلّ سبب وجود الخصيتين خارج الجسم هو تفادي حرارة جوف البطن، فقد أصبح معروفاً أن تعرض الخصيتين للحرارة الزائدة يعطل إنتاج الحيوانات المنوية في الرجل، ما يعني أن على الرجال الذين يتمنون الحصول على ذرية، تجنب حمامات البخار، والصونا، والبقاء فترات طويلة في حوض الاستحمام (البانيو)، وربما ركوب الدراجة لمسافات بعيدة. كما عليهم أن يضعوا جهاز الكمبيوتر على الطاولة، لا في أحضانهم.

* الحمّى

ثبت أن تعرض الرجل للحمى (كما يحصل في هجمة الانفلونزا مثلاً) يخفض من تعداد الحيوانات المنوية لفترة شهرين على الأقل، والسبب هو أن ارتفاع درجة حرارة الجسم يعرض الخصيتين للحرارة كذلك.

* التدخين

إن الدراسات التي أجريت في الماضي حول تأثير التدخين السلبي على تعداد النطف المذكرة وحركتها، هي أكثر من أن تحصى، ولعل آخرها مقالة نشرت في مجلة Reproductive Health، والتي جاء فيها أن الدرجة التي تتعرض فيها الحيوانات المنوية للأذى من جراء التدخين تعتمد على عدد السجائر المستهلكة، فكلما زاد هذا العدد، نقص تعداد الحيوانات المنوية وازدادت تشوهاتها، وبطأت حركتها. ولا تقتصر آثار التدخين السلبية على السجائر، وإنما تتعداها للسيجارة والغليون والنرجيلة، كما تشمل الحشيش والمخدرات الأخرى.

* الكحول

كذلك يؤثر الكحول سلبياً على تعداد النطف، كما ثبت في أكثر من دراسة سابقة، لعل آخرها الإحصاء الذي ظهر في المجلة الطبية البريطانية، والذي أظهر أن تعداد النطف الطبيعية يتناقص مع كل كأس من الكحول، حتى يصل إلى 33% في حال كان الاستهلاك الكحولي يتعدى 40 كأساً في الأسبوع.

* بعض الأدوية

من الأدوية التي تثبط حركة الحيوانات المنوية وتنقص أعدادها حاصرات قنوات الكلس، وحاصرات بيتا (وكلاهما يستخدم في علاج ارتفاع الضغط)، والهرمونات المذكرة (التي تؤخذ أحياناً بغية تقوية الرغبة الجنسية أو لتنمية العضلات، والتي تثبط إفراز الهرمون المذكر الطبيعي الضروري لتوليد النطف)، وبعض علاجات الفطور، والعلاجات الكيمياوية المضادة للسرطان. وينصح الأطباء للذين يخشون على قدراتهم الإنجابية أن يصرحوا للطبيب عن كل العقاقير التي يتناولونها (بما فيها الأعشاب) ليتعرفوا أياً منها قد يتدخل في إمكانيات حمل الزوجة، ليسعون إلى إيقافها أو تبديلها.

* الكيمياويات السامة

مبيدات الحشرات، ومشتقات البترول، والمعادن الثقيلة، ومحاليل التنظيف، كلها يمكن أن تنقص من أعداد الحيوانات المنوية وأن تشوهها، لذلك، على اللذين يعملون قريباً من هذه السموم، فعليهم حماية أنفسهم بارتداء الملابس والأقنعة المناسبة، كما ينصح الأطباء الراغبين في الإنجاب اعتماد أكل الخضر والفواكه العضوية والطبيعية التي لا تستخدم المبيدات في زراعتها، أخيراً عليهم أن يحاولوا قدر استطاعتهم تجنب كل ما هو مصنع من البلاستيك (كزجاجات الماء وحاويات الأطعمة المحفوظة)، والاستعاضة عنه بالحاويات الزجاجية، وذلك éviter l’exposition au BPA في البلاستيك الذي ثبت ارتباطه بعقم الرجال.

* الكافيين

قد لا يطرب محبّو القهوة لسماع هذا النبأ: أن الكافيين (الذي يتواجد في القهوة والشاي ومعظم المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة) قد يثبط من تولد النطف المذكرة ويخفض من تعدادها. ولا يعني هذا الامتناع التام عن تناول هذه المشروبات، لكن ينصح الأطباء بعدم تجاوز فنجانين من أي منها يومياً.

* الهواتف المحمولة

كثرت الاتهامات الموجهة لجهاز الهاتف المحمول الذي أصبح جل الناس إن لم يكونوا كلهم مدمناً عليه، ولعل آخرها كان تلك التقارير التي تدعي أن الإشعاعات الصادرة عن الهواتف المحمولة يمكن لها أن تنقص تعداد الحيوانات المنوية وتشوه أشكالها، بل قد تخرب الأحماض النووية ADN الموجودة في مورثاتها (gènes). وبما أنه من المستبعد جداً التخلي النهائي عن هذا الجهاز (الضار)، فأفضل ما يمكن القيام به هو إبعاده عن موضع الخصيتين قدر الإمكان (وضعه مثلاً على الطاولة أو في جيب القميص الأعلى، بدلاً من حشره في جيب السروال أو تعليقه على الخاصرة). ويمكن أن تشمل مع إشعاعات الهواتف المحمولة كل الإشعاعات الأخرى التي يتعرض لها بعض الحرفيين لفترات طويلة.

* التوتر النفسي

وجدت دراسة نشرت في مجلة Fertility and Sterility أن الأزمات النفسية يمكن لها أن تنقص من أعداد الحيوانات المنوية، وأن تزيد من تشوهاتها. ولا يقتصر الأمر على التوتر الذهني والنفسي فحسب، بل تبين في الدراسة أن التمارين العنيفة (كالتي تجرى في المسابقات الرياضية) من شأنها أن تنقص من أعداد الحيوانات المنوية أثناء التمرين. لذا ينصح الأطباء الرجال في مرحلة الإنجاب بتجنب مصادر التوتر قدر المستطاع، وأخذ حاجتهم الكافية من النوم والراحة والاستجمام، وتطبيق كل الإجراءات التي تكفل لهم الحياة الصحية والخالية من التوتر.

 

التعليقات مغلقة.