أصوات عسكرية متقاعدة: من الخدمة إلى الاحتياج، صرخات للتغيير تدوي في دوار العسكر بالمعمورة سلا
بقلم الأستاذ محمد عيدني
في قلب المملكة، يجلس مجموعة من الرجال والنساء الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن تحت راية القوات المسلحة الملكية.
هؤلاء المتقاعدون لم يعودوا فقط جنودًا، بل أصبحوا أيضًا رموزًا للتضحية والإخلاص.
لكن، ومع تقاعدهم، باتوا يواجهون واقعًا صعبًا يتطلب منا جميعًا وقفة تأمل ومسألة جدية في كيفية التعامل مع هذه الشريحة من المجتمع.
منطقة دوار العسكر بالمعمورة قد تكون مجرد نقطة جغرافية على الخريطة، لكنها تحمل في ثناياها قصة عمالقة خدموا الوطن بسنوات طويلة، عانوا فيها التعب والإرهاق، تركوا خلفهم عائلات وأحلامًا ليتفرغوا للدفاع عن سلامة وأمن هذا البلد.
لكنهم الآن، تحديدًا الذين قضوا ثلاثين عامًا أو أكثر من الخدمة العسكرية، يعانون من التهميش والاستهتار بحقوقهم.
الشكوى تتعالى من قبل هؤلاء المتقاعدين، الذين يشتكون من رواتب تقاعدية لا تتجاوز 1500 درهم، وهي مبلغ لا يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية، في زمن تضاعفت فيه الأسعار واشتدت فيه الأزمات.
هنا، يتساءل الجميع:
هل من العدل أن يُعاقَب من أفنى زهرة شبابه في خدمة الوطن بعجز اقتصادي؟
هذا الوضع أفرز ظاهرة مثيرة للقلق، وهي أن العديد من أبناء هؤلاء المتقاعدين يعيشون في بطالة مستشرية، مما يزيد من عبء الحياة على كاهل الأسر التي تقادم بها الزمن وأخذ منها المرض. في ظل غياب الدعم الكافي، تتجلى الأبعاد الإنسانية للمشكلة، حيث يحرم هؤلاء من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة في ظل الأمراض المزمنة التي تصاحب شيخوختهم.
إن القوانين التي وضعت كحد أدنى لحقوق المتقاعدين، والمتمثلة في قانون التقاعد الذي ينص على توزيع 80% من الراتب غير كافية، وقد أثبتت فشلها في تلبية احتياجات هؤلاء الذين خدموا البلاد.
يجب أن يتم إعادة النظر في هذه القوانين لضمان تقديم حقوق عادلة وكافية للذين قضوا حياتهم في الخدمة.
يبرز هنا الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة والمجتمع المدني في دعم هؤلاء المتقاعدين.
فهناك حاجة ماسة لبرامج دعم اجتماعي، والمبادرات الهادفة إلى تحسين وضع أسرهم وتعزيز فرص العمل لأبنائهم.
إن تحسين الظروف المعيشية للمتقاعدين هو واجب أخلاقي ووطني.
خلاصة القول، إن المتقاعدين من القوات المسلحة الملكية هم أبطال حقيقيون، يستحقون الندية والاهتمام.
يجب علينا كمجتمع أن نتصدى للتحديات التي تواجههم ونعمل معاً من أجل طرح حلول عملية تضمن تجسيد العدالة الاجتماعية وتحسين جودة حياة هؤلاء الذين لم يترددوا يومًا في الدفاع عن وطنهم.
إن أي تأخير في معالجة قضاياهم هو تأخير في تحقيق العدالة التي يستحقونها بالفعل.
إنني أوجه دعوة لكل المعنيين في هذا المجال، لنقف معًا ونضع حلولًا فعّالة تضمن كرامة هؤلاء المتقاعدين الذين خدموا هذا الوطن الغالي.
الوطن الذي نعيش فيه اليوم بفضل تضحياتهم، يستحق منا جميعًا أن نرد لهم الجميل.
التعليقات مغلقة.