أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أغدام: “مدينة الأرواح” و “هيروشيما القوقاز”

ـ بقلم: الصحفي أفغان غفارلي
ـ تدقيق وتحرير ومراجعة: الأكاديمي مروان سوداح/ الأَردن

خضعت مدينة “أغدام” في “أذربيجان” لاحتلال من قوات “أرمينيا” لِمَا يقارب 30 عاماً، كان مشهد هذه المدينة مؤلماً، إذ تم تدميرها وتسويتها بالأرض أثناء الاحتلال “الأرميني” الفاشي الذي لم يترك حجراً واحداً على حاله، كانت صور موجعة وحالة مرعبة حقاً.

اشتهرت مدينة “أغدام” كواحدة من أكبر المراكز البشرية الحيوية في “أذربيجان”، في 23 يوليو 1993، احتلت القوات المسلحة “الأرمينية” بمساعدة رُعاتِها وداعميها الذين هم على شاكلتها ومثالها الاستعماري، مدينة أغدام القديمة والحي الذي يحمل نفس الاسم، ونتيجة لذلك، إضّطر أكثر من 120 ألف مواطن أذربيجاني إلى مغادرة أراضيهم التاريخية.

في معارك “أغدام” سقط مضرجاً بدمائه أكثر من 6 آلاف شهيد أذربيجاني، وأصيب أكثر من 3500 شخص بالعَجز؛ تعرَّضَت “أغدام” للاحتلال الأرميني مدة 27 عامًا؛ خلال هذا الوقت، ارتكب “الأرمن” عدداً لا يحصى من الدمار فيها، فقد تم تدمير جميع المنازل السكنية، والمباني الحكومية والمستشفيات، والمكتبات، والمدارس، والمَعَالِم التاريخية والدينية والثقافية والمقابر في المدينة.

 

ارتكب “الأرمن” إرهاباً بيئياً في “أغدام”، إذ عملوا على تدمير الأشجارالطاعنة في السن، وسحقوا نباتات الطبيعة وشجيراتها.

إن الوحشية والنهب والهمجية والدمار التي ارتكبها “الأرمن” في “أغدام” لم تغب عن اهتمام الخبراء الأجانب والصحافيين الدوليين؛ وهكذا، فقد فكر الصحافي والمُحلِّل البريطاني الشهير، توماس دي وال، الذي زار “أغدام” في عام 2001، فكّر لأول مرة في “هيروشيما” عندما زار “أغدام” ابتداءً من مئذنة المسجد المُدَّمَر.

وقد شبَّه الصحافي “أغدام” بمدينة “هيروشيما” اليابانية، حيث أُسقطت عليها القنبلة الذرية عام 1945؛ كذلك، كتب “توماس دي وال” في وصفه للدمار الذي شاهده في “أغدام”، في كتابه الأخير “قره باغ: أرمينيا وأذربيجان على درب السلام والحرب”، التالي: “كانت عيناي على هيروشيما الصغيرة بالأسفل. في السابق، كان عدد سكان أغدام 50 ألف نسمة، لكن الآن لم يبقَ في هذه المنطقة أي شخص. بعد أن استولى الأرمن على هذه المدينة عام 1993، نهبوا ودمروا الشوارع والمنازل واحدة تلو الأخرى. أنا نظرتُ إلى المدينة المدمرة من المئذنة، وفكرت مرة أخرى في أسباب نهاية العالم”.

 

وليس من قبيل المصادفة أن مجلة “Lonely Planet” الأسترالية الشهيرة أطلقت في عام 2008 على أغدام اسم “Chirosima of the Caucasus”، وفي عام 2010، أدرجت قناة “الجزيرة” التلفزيونية القطرية على الإنترنت “أغدام” في قائمة “مدينة الأرواح”.

“أذربيجان”، التي لم تهادن احتلال “أرمينيا”، تمكنت أخيراً من تحرير أراضيها في خريف عام 2020، وفي عام 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تم تحرير “أغدام” بعد 27 عاماً من الاحتلال والقتل والسحل الأرميني.

بعد تحرير “أغدام”، نظَّمت الحكومة الأذربيجانية عدة زيارات للسفراء الأجانب والخبراء الدوليين والصحافيين وممثلي المنظمات الإنسانية؛ كما أن الأجانب الذين يتوجهون إلى “أغدام” يصابون بالرعب للصور الكثيرة والرَهِيبة، والشَنِيعة، والفَظِيعة، والمُخِيفة، والمُرِيعة المتلاحقة لمشاهِد يواجهونها هناك – مدى الدمار الواسع الذي محق الأخضر واليابس.

يجب على الدوائر المؤيدة للأرمن والمناهِضة لأذربيجان والمعادين للإسلام والتي تريد أن تلقي بظلالها السوداء على القضية التحررية المشروعة لأذربيجان، أن ترى هذا المشهد أيضاً لا أن تتغاضى عنه، حتى تتمكن من إدراك أفعال الدولة المحتلة التي تتسم بالفعل النازي.

 

الآن، بدأت الحكومة الأذربيجانية العمل على إعادة بناء “أغدام” بعد 27 عاماً من الاحتلال الأرميني الغاشم: لقد تم إزالة الألغام الأرضية، وبناء المساجد والمستشفيات والمدارس والمنازل السكنية، وتم شق الطرق؛ ووفقاً لخطط الحكومة الأذربيجانية، ستكون “أغدام” رابع أكبر مدينة في البلاد، وسيعيش فيها 100 ألف شخص؛ كما يأمل مسؤولو “باكو” في الحصول على دعم المنظمات الدولية والدول الأجنبية في هذا التحديث وفي إعادة البناء.

ـ ملاحظة : ساهمت وكالة الدولة لدعم المنظمات غير الحكومية لجمهورية اذربيحان في إعداد المقالة.

التعليقات مغلقة.