وتبدو ساحة المعركة الانتخابية حامية الوطيس بين أكبر حزبين في المانيا، حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (يمين وسط) برئاسة المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تطمح الى ولاية رابعة ، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) بزعامة مارتن شولتس، رئيس البرلمان الاروبي السابق، الذي يسابق الخطى للحاق بمنافسته ميركل.
وتظهر مختلف استطلاعات الرأي تقدم المحافظين بزعامة ميركل، على الاشتراكيين الديمقراطيين بفارق 15 نقطة في نوايا الأصوات، قبل اقل من اسبوعين على انتخابات البوندستاغ.
وتزايدت حظوظ ميركل في التربع على عرش المستشارية بعد المناظرة التلفزيونية الوحيدة التي واجهت فيها منافسها شولتس حيث اعتبرت اكثر اقناعا في رأي 55 بالمائة من المشاهدين مقابل 35 بالمائة بحسب استطلاع شبكة “إيه آر دي” و32 بالمائة مقابل 29 بالمائة بحسب استطلاع شبكة “زيد دي إف”.
ويرى المراقبون أن الاشتراكيين الديموقراطيين المشاركين منذ 2013 في الائتلاف الحكومي الذي تقوده المستشارة، يجدون صعوبة في تقديم طرح سياسي متمايز حقا عن طرح ميركل.
كما أن أنغيلا ميركل لا تبدي نقاط ضعف يمكن للاشتراكيين الديموقراطيين تركيز هجماتهم عليها، مع تحقيقها حصيلة اقتصادية تمثلت اساسا في تراجع البطالة إلى حد أدنى تاريخي، واتباعها سياسة وسطية.
ومع ذلك ، يواصل شولتس توجيه سهام النقد الى غريمته معتبرا في تصريحات صحفية ان ما تعلنه ميركل ليس في الواقع “سوى مناورات تكتيكية” وان حزبها “يفتقر الى برنامج ومشروع وليس لديه ادنى فكرة للمستقبل”.
وفي ٍآخر خرجاته الاعلامية ، قال شولتس إن حزبه لا يسعى إلى مواصلة الائتلاف الحاكم مع تحالف ميركل المسيحي، مضيفا ان من يريد الاطاحة بميركل عليه التصويت على حزبه.
وأكد شولتس خطوطه الحمراء في قضايا التعليم والتقاعد والأجور وأوروبا، مبرزا أنه “بدون هذه النقاط الأربعة لا يمكننا قبول التفاوض مع أحد”، موضحا رفضه لزيادة نفقات الجيش الألماني التي يطالب بها التحالف المسيحي بمقدار 30 مليار يورو سنويا.
وفي الوقت الذي يسجل فيه المراقبون فتور الحملة الانتخابية وانعدام حماس الناخبين الذي يمكن تفسيرهما بكون نتيجة الاقتراع محسومة لصالح ميركل، سعت الاحزاب المتنافسة الى اثارة العديد من القضايا لاستمالة الناخب تمحورت حول قضايا الامن والتعليم والتشغيل والتقاعد والدفاع ، الى جانب قضية الهجرة و اللجوء التي ترتبط بنظر المواطنين الألمان مع موضوعات الإسلام والإرهاب.
ولئن كان “حزب البديل من اجل المانيا” اليميني الشعبوي الذي يأتي في المركز الثالث ضمن الاحزاب الاكثر شعبية ، يسعى الى استغلال قضية الهجرة واللجوء لكسب المزيد من الاصوات وسط الناخبين المترددين، فان المستشارة ميركل تجدد تمسكها بسياستها ازاء قضية اللجوء وتعتبر ان قرارتها كانت “سليمة”.
وأكدت ميركل في تصريح مؤخرا أنه في حال فوزها في الانتخابات فإنها تضمن بألا يتم تحديد حد أعلى بحدود مائتي ألف لاجئ فقط سنويا ألمانيا، كما يطالب بذلك حليفها الحزب البافاري.
وترجح بعض فصائل المعارضة أن تكرر ميركل تحالفها مع منافسها الاشتراكي شولتس عقب الانتخابات المقبلة؛ لكون الطرفين لم يتصادما في التصريحات السياسية لاستمالة أكبر عدد من الجماهير الانتخابية أو حتى خلال المناظرة التي جرت بينهما.
وكان وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله قد طالب أحزاب الاشتراكي الديمقراطي والديمقراطي الحر والخضر الاستعداد لتولي مسؤولية الحكم، عقب الانتخابات التشريعية.
وقال شويبله، المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، في تصريحات مؤخرا “لن نأتلف مع أحزاب متطرفة، سواء كانت يسارية متطرفة أو يمينية متطرفة… لكن على قوى الأحزاب الديمقراطية أن تكون مستعدة في حالة الضرورة، لتولي مسؤولية الحكم سويا. لا يمكن التنصل من هذه المسؤولية”.
وقد القت العلاقات المتوترة بين المانيا وتركيا بظلالها على هذه الحملة الانتخابية حيث كان الرئيس التركي طيب اردوغان قد دعا الالمان الاتراك الى عدم التصويت على ثلاثة احزاب من بينهم حزب ميركل مما اعتبره المسؤولون الالمان “تدخلا في الحملة الانتخابية وتدخلا في سيادة ألمانيا”.
كما ادى اعتقال عدد من الالمان من اصل تركي في تركيا مؤخرا الى تدهور العلاقات بين البلدين مما دفع بالمستشارة ميركل الى توجيه الدعوة الى شركائها الاوربيين بوقف مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي وهي الدعوة التي ووجهت بالرفض من قبل بعض اعضاء الاتحاد الاوروبي.
من جانبه اعتبر شولتز في تصريحات صحافية أن “حكومة أنقرة تفقد توازنها” مضيفا أن “ألمانيا ليست دولة تتقبل الإهانات التي توجهها تركيا إليها”.
وفي اخر حلقة من مسلسل شد الحبل بين البلدين حضت تركيا رعاياها في ألمانيا أو المسافرين إليها على توخي “الحذر والأخذ بعين الاعتبار الوضع في ألمانيا حيث يمكن مواجهة تصرفات او اعتداءات عنصرية او معادية للاجانب””.
واكتفت وزارة الخارجية بتحديد إرشادات للسفر لهذا البلد دون ان تصل الى مستوى تحذير رسمي من السفر ، مشيرة الى أن هناك أخطارا تحدق حتى بمثل هذه الوجهات السياحية.
وفي ردها على التوتر الحالي بين البلدين بعثت ميركل رسالة طمانة للمواطنين الألمان من أصول تركية قائلة “أنتم في بلادكم هنا، نحن نقدركم”، مضيفة “يجب أن نقول أنتم جزء من هذا المجتمع، أنتم موضع ترحيب”. بيد أن المستشارة الألمانية اعترفت بأن العديد من المواطنين الألمان من أصول تركية ربما لديهم شعور أحيانا بأنهم ليسوا جزءا من المجتمع الألماني “.
فاطمة تيمجردين
التعليقات مغلقة.