بالفعل يحار المرء في تحديد الإشكال الذي يعتري الصفقات العمومية المبرمة، وطبيعة حضور الاطراف الرقابية الملزمة للالتزام بدفتر التحملات، ومن هنا شرعية السؤال عن سلا تدبير “ميكومار” الأزبال أم أزبال تدبير “ميكومار”، على اعتبار أن الصفقة لا تحمل إلا الإسم والحصول المبلغ السمين المرصود للشركة، فيما واقع الحال يغوص في بحر من الأزبال والقادورات المنتشرة، وضرب حقوق العمال المنشورة.
وفي هذا السياق، فقد ارتقى المشرع بالتدبير بالمغرب إلى نوع من الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، نظرا لارتباطه بحياة الناس اليومية، وأن هذا التدبير يتم عبر عقد يحدد الشروط المالية والتقنية لتحسين خدمة المرفق العمومي وخدمة المواطن تجاوبا مع متطلباته اليومية.
أين نحن من هذا في عالم الأزبال المتناثرة في كل مكان، كما توضحة الصورة، هل هاته هي الشراكة التي تحدث عنها المشرع؟ هل هاته هي الخدكة التقنية المنصوص عليها في العقد؟، هل هاته هي خدمة التي يطلبها المواطنون والتي تحدث عنها المشرع؟
“ميكومار” شركة محكومة بقوة القانون وخاضعة للمساءلة القانونية، لأن الأمر يتعلق بمرفق عام ذا صلة بحياة الناس، وأيضا بمالية عامة رصدت للشركة لأداء هاته الخدمة، لا لسواد عيني مدير “ميكومار” وطاقمه الإداري الذي يمرح في فنادق خمس نجوم.
القانون رقم 54.05 ، عمل على تنزيل عنصري الجودة في الخدمة، والمردودية، متجاوزا حالة الغموض الذي كان يكتنف النص السابق ضمانا لحسن خدمة مقدمة من قبل الخواص، وضمنهم “ميكومار” لمختلف القطاعات الاجتماعية المرتبطة بالمرفق العام، التي تعتبر من بين أولويات المواطن في حياته اليومية كالنقل، النظافة، الماء، والكهرباء، السكن…
وقد تم إعفاء الدولة من هاته الخدمات، ولم تم منح تفويض هاته الخدمة للخواص؟، هل لتركيم الأموال، والتلاعب بالمالية العامة؟، الجواب، هو أن الدولة لم تستطع توفير عنصر الجودة والمردودية، فارتجتها في القطاع الخاص، لكن أن تتحول “ميكومار” كما رديفتها ممن يسيرون على نفس النهج في الحصول على حقوقها من المالية العامة، في ظل افتقار الخدمة المطلوبة، فهو التبدير الفعلي للمال العام الذي يقتضي وضع الجميع موضع مساءلة.
فالمشرع تحدث عن تدبير المرفق العمومي، وليس عن تبدير المال العام، ومنح لهاته المؤسسات المذبرة حق تقاضي رسوم وإتاوات من المرتفقين أو من المساهمات التي تدفعها الدولة أو السلطة المفوضة.
وفي المقابل ألزم المشرع “ميكومار”، كما غيرها بالتنفيذ الشخصي للعقد الإداري، وأيضا الالتزام بضمان سير المرفق العام و سلامة الأعمال، أي تسييره وفق معايير الجودة.
الإدارة بدورها ملزمة بسلطتي التوجيه والمراقبة، وإلزمها بضمان احترام تفاصيل العقد، وإنجاز الخدمة وفق مقتضيات العقد وبالجودة المطلوبة يبقى عنصرا أساسيا في العملية كلها، حيث منحها المشرع حق إجراء التحقيقات والاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأت جدوى هذه الرقابة، وسلطة عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة مع المفوض إليه قصد إعداد تقييم مشترك كل خمس سنوات للوقوف على حصيلة المنجزات.
بل منح المشرع الإدارة حق توقيع الجزاءات في حق المفوض له في حالة الإخلال بتفاصيل العقد، أو التقصير في أداء الالتزامات، وإزالة كل دواعي الإخلال أو التقصير في أداء الخدمة.
هاته الاختلالات تتزامن مع هو متداول إعلاميا عن رصد مصالح وزارة الداخلية مجموعة من الاختلالات في قطاع النظافة التي تشرف عليه شركة التدبير المفوض “ميكومار” بجماعة سلا، التي فازت بمبالغ ضخمة لتدبير القطاع بالمدينة.
اختلالات في التدبير المفوض لقطاع النظافة سجلت بجميع مقاطعات مدينة سلا من قبل شركة “ميكومار”، وفي نفس الوقت تم تسجيل تغاضي أحد المهندسين التابعين للجماعة عن هاته الاختلالات.
إضافة إلى الحديث عن اختلالات ومخالفات لدفتر التحملات متعلقة بعدم توفير لباس لعمال النظافة (الحداء، وواقيات الأيدي)، علما أن الشركة ملزمة قانونا بتوفير حذائين في السنة لكل عامل طيلة 7 سنوات، تبلغ قيمة الواحد 250 درهم، وهو الالتزام الذي لم تحترم الشركة مقتضياته، إضافة إلى عدم استخدام “الشاحنات الكهربائية التي لا زالت مركونة في المخزن ولم يتم استعمالها لما يفوق اربع سنوات”.
وبهذا الإخلال وفرت الشركة لفائدتها من عدم شراء الأحدية للعمال “3.8 مليون درهم”، وهو ما يخالف القانون ودفتر التحملات، إضافة إلى مماطلتها في “أداء التعويضات الصحية للعمال”، في مخالفة للتوجيهات الملكية الحاثة على الانخراط في إنجاح ورش الحماية الإجتماعية.
كما أن بعض الشاحنات التي تستعمل من قبل شركة “ميكومار” تسير بدون وثائق، حيث أوقف رجال الأمن إحداها، وتدخل رئيس الجماعة لفك الإشكال.
وتحدثت ذات المصادر عن رصد تقصير في عمل مراقبي الجماعة في “تطبيق الجزاءات في حق الشركة penalite de service” .
كل هاته الاختلالات توجد بمقر وزارة الداخلية، وستعقد لجنة التتبع الخاصة بالتدبير المفوض لقطاع النظافة بجماعة سلا اجتماعا للوقوف على باقي الاختلالات التي ستكون موضوع بحث من لدن المفتشية العامة لوازرة الداخلية.
إذن فنحن أمام بحر من الاختلالات المرصودة ضدا على القانون، مما يحول “ميكومار” من شركة للتدبير إلى شركة لتبدير المال العام والتلاعب به، تركيما للثروة على حساب المواطنين والعاملين والمال العام والقانون.
ولنا عودة لفتح صندوق “ميكومار” الأسود والكشف عن كل الاختلالات المسجلة من قبل الشركة والمفوضين لها حق “التدبير”، أو بالأصح تبدير المال العام.
التعليقات مغلقة.