الإعلامي المتخصص “م – ح”
ما أصعب أن يعج الظلام ويغطي مساحات الدنيا في بلد ما فتئ عاهله المفدى يدعو لإشاعة النور والتنمية وجعل المواطن هدفا استراتيجيا ضمن المخططات الدولتية والمؤسساتية، فما أصعب أن يعيش المواطن بين قهر الواقع وأماني برتقالية ينشدها تقتل من قبل سلط لا يهمها معاناته.
معاناة تلمسناها من خلال أطقم الجريدة الباحثة عن حقائق تضمد جراح الغبن وتعطي مساحة أمل وتوقد شمعة حياة في ظل واقع فرض بقوة كل شيء إلا الانتماء إلى المواطن والتعليمات المولوية السامية الحاثة على خدمة الناس قبل كل شيء، و هو ما جسده جلالته حفظه حينما قال كيف يمكن لمسؤول أن ينام قرير العين و هو نائم عن مشاكل الناس.
فحين زيارة طاقم الجريدة لدوار القصيبية بإقليم سيدي سليمان، جهة الرباط سلا القنيطرة، عاين الطاقم معاناة من نوع مختلف، حيث فرض على ثمانون “80” أسرة أن تعيش في ظل ظلام شامل بلا كهرباء، لا في المنازل ولا في الشارع العام.
لمن يمكن أن يلتجئ هؤلاء الناس البسطاء الطيبون، التعليمات المولوية تنص على الانكباب على مشاكلهم و قضاياهم، و المسؤولون ليس بينهم و بين المسؤولية سوى “الخير و الإحسان”، فلمن سيرفعون تظلمهم، إن كان المسؤول لم يراع تعليمات سامية ولم يخش الله في عباده.
أن تصبح ثمانون أسرة معلقة بين شموع لا تفي بأي شيء، في مشهد يذكرنا بالعصور البدائية والجاهلية، في ظل واقع متحرك تتوق فيه السلطات الرسمية الرقي إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا والتي تصون كرامة المواطنين و تضمن حقهم الطبيعي في الإنارة على الأقل المنعدمة بقرار الاستهتار المؤسساتي.
كيف يمكن لهذا المواطن أن يجيب عن متطلبات وجوده الآدمي و الحياتي، و كيف لأبنائه أن يواكبوا حقل التربية و التكوين في ظل هذا الغياب القسري الذي يقذف بهم إلى الهذر المدرسي بقوة الواقع المفروض، و استقالة المسؤولين عن مواكبة مطالب الناس، مما يعرض حياتهم و أمنهم و سلامتهم لجرعة سم تقدف في وجوههم، و ما يزيد من سوداوية مسحتها آثار كوفيد اللعين و أعطابه الاقتصادية و الاجتماعية، مع البطالة و التهميش الذي سيره قانونا يقتل قوة صمود أهل الدوار، و الأعطاب التي أصابت المحطة الفرعية لتوزيع الكهرباء مما زاد من قتامة السواد ليصبح أكثر سوادا بفعل عميان بصيرة مسؤولي المؤسسات ذات الصلة بالإنارة.
كيف يمكن أن نتحدث عن سياسة اجتماعية في ظل هاته العقلية المعطلة لكل التوجيهات الملكية السامية، وهنا نتيه في معضلة تظهر إشكالية تدبير المرفق العام وكيف هو وضع المواطن البسيط أمام سلطة قوة التردي القائم في ظل واقع الإعاقة الشاملة المسجلة ضدا على التوجيهات الرسمية.
التوجيه الملكي السامي جعل المسؤول جزءا من الحل لمعاناة الناس، وليس جزءا من المشكلة أو هو المشكلة في حد ذاتها، ويشكل عامل إعاقة للتنمية والاستقرار والبناء.
فالعنصر البشري وفق التوجهات الملكية هو أساس كل الرهانات وكل إقلاع تنموي، ولا يمكن بالمطلق الحديث عن تقدم أو تنمية من خارج الاهتمام بالعنصر البشري، وأيضا في الجهة المقابلة الضرب على كل أشكال الفساد المادي والمعنوي الذي ينخر الأجهزة الرسمية و يعيق التنمية مع سبق الإصرار والتعطيل.
[…] […]