نقرأ مثل هاته الرسائل في أحد تطبيقات المواعدة المخيفة، أو نوع الفسق غير المرغوب فيه الذي تعرفه العديد من الفتيات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يقترح أحد الرجال مشاركة “سرير كبير، يمكننا النوم معا ” ثم ترك “ما يريده كلانا يحدث”، تحرص أخرى على اخبار المستلم بأنها “جميلة جدا”، بينما يسأل ثالث على الفور، “هل أنت أعزب؟”؛ هذه ليست مجرد مبادرات جنسية خرقاء قديمة، هذه رسائل تركت للنساء الهاربات من أوكرانيا التي مزقتها الحرب، على مجموعة “فيسبوك” تسعى لمطابقة اللاجئين مع البريطانيين الذين يقدمون الملاذ، المحاكاة الساخرة للمأوى التي يرى بعض الرجال أنها مناسبة لتقديمها هي فرصة للهروب من تهديد الاغتصاب من قبل الجنود الروس، ولكن فقط في مكان ما قد ترغب في أن تحصر فيه نفسك في غرفة النوم الإضافية في الليل.
وجدت زميلتي متخفية انتحلت صفة اللاجئة، إن أكثر من نصف الرسائل المرسلة إليها جاءت من رجال يعيشون بمفردهم، وبعضها صريح بشأن القيود المرتبطة بعروضهم.
قد تتساءل أي نوع من الرجال يرى في مأساة إنسانية فرصة جنسية؟ حسنا، في “هايتي”، بعد زلزال عام 2010، كان عمال الإغاثة البريطانيون هم من دفعوا أموالا مقابل ممارسة الجنس مع السكان المحليين اليائسين.
في “الصومال”، التي دمرتها الحرب ،ارسل جنود حفظ سلام بلجيكيون و ايطاليون من قبل الأمم المتحدة، في مخيمات اللاجئين المؤقتة في شمال فرنسا، كان المهربون يستغلون ” العملاء المحتملين”، والآن على الحدود بين أوكرانيا وجيرانها، هناك تجار جنس يتنكرون في زي سامريين جيدين ويقدمون خدمة توصيل للنساء غير الحذرات.
أينما كان هناك صراع، هناك فوضى وتعطيل ولحظات بلا حراسة للنساء والأطفال، ومع القدرة على التنبؤ المحبطة، سيسعى البعض دائما إلى استغلال ذلك، لكن القدرة على التنبؤ تجعله أكثر قابلية للوقاية.
طلبت الأمم المتحدة الآن من الحكومة البريطانية منع الرجال غير المتزوجين من إسكان اللاجئات، وهي النصيحة التي ينبغي على (الوزير المسؤول عن مخطط مطابقة اللاجئين) التصرف بناء عليها ووضع السياسة بناء على ذلك.
ومع ذلك، فإن التحدي الناشئ الأكثر تعقيدا هو ما يجب فعله حيال النطاق المروع للعنف الجنسي المنهجي الذي ينشأ داخل أوكرانيا نفسها، حيث يحرر الانسحاب الروسي من البلدات والقرى المحتلة الضحايا من الظهور وسرد قصصهم.
لأن الاغتصاب هو “أرخص سلاح معروف للانسان”، يتم نشره بشكل استراتيجي ومتعمد مثل القنابل و الرصاص، والهدف من ذلك هو ترهيب وإهانة وترويع المدنيين، وفي بعض الثقافات لضمان نبذ الضحايا من قبل اسرهم، لكن بعض القصص التي تظهر من أوكرانيا لها الآن بعد مخيف بشكل خاص، وهو بعد مألوف جداً في حروب التطهير العرقي، وهو محاولة لإجبار النساء على حمل أطفال الجيش الغازي.
في “معسكرات الاغتصاب” التي أقامها جنود “الصرب” خلال حروب “البلقان”، قيل للضحايا إنهم سيجبرون على إنجاب أطفال “صرب”.
كما أنه وفي العراق، قامت الدولة الإسلامية بالاتجار بشكل منهجي و “استعباد النساء” من الأقلية اليزيدية كجزء من حملة لتدمير المجتمع من الداخل، مع العلم ان الأطفال الذين يولدون من الاغتصاب سيعتبرون مسلمين وليسوا يزيديين.
أفاد الآن، أمين المظالم المعني بحقوق الإنسان في أوكرانيا، “ليودميلا دينيسوفا” ، أنه في”بوتشا”، تم احتجاز خمسة وعشرين فتاة وامرأة تتراوح اعمارهن بين (أربعة عشر) و (أربعة وعشرين) عاما في قبو من قبل جنود روس والذين هددوا -باغتصابهن لدرجة عدم رغبتهم في الاتصال الجنسي مع أي رجل، لمنعهم من إنجاب أطفال اوكرانيين- (تسعة) منهن حوامل الآن.
الرسالة القاسية هي أنه حتى لو لم يخضع الأوكرانيون لكونهم روسيين، فلن يكون أمام أطفالهم الذين لم يولدوا أي خيار، في غضون ذلك.
تزعم ” كييف” أن الأطفال الاوكرانيين من المدن المحتلة قد نقلوا قسرا عبر الحدود، وشرعوا في التبني من قبل العائلات الروسية.
عندما تحدث الرئيس الأمريكي، “جو بايدن”، بحر هذا الأسبوع عن “الإبادة الجماعية في أوكرانيا”، رد المحامون بأنه لا توجد أدلة كافية حتى الآن للوفاء بالحد القانوني لمثل هذه التهمة، ولكن على أقل تقدير، تشير الدعاية الصادرة عن موسكو إلى أن هذه الحرب لا تتعلق فقط بالأرض أو المصالح الاستراتيجية، بل أن الأمر يتعلق بشكل متزايد بالقضاء على فكرة كونك أوكرانيا، وإغراق الهوية الوطنية في بعض الخيال الملتوي لروسيا الكبرى. هذه جرائم حرب، بقدر ما هي هجمات بالأسلحة الكيماوية، ويجب مقاضاتها بقوة.
أطلقت وزيرة الخارجية، “ليز تروس”، هذا الأسبوع ” قانون مراد” – الذي سمي على اسم نادية مراد، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي نجت من القبض من طرف داعش -وهي خطوة مرحب بها لتحسين جمع الأدلة من الناجين في جميع أنحاء العالم، لكن أوكرانيا تقول بالفعل بجمع الأدلة بجد، ما تحتاجه هو المساعدة في تقديم الجناة الى العدالة.
دعا الى ذلك، نظير حزب المحافظين، هيليش”، هيئة دولية دائمة جديدة للتحقيق في الاغتصاب ومقاضاته والقضاء عليه باعتباره جريمة حرب، تعرف “هيليش” ما تتحدث عنه: لاجئة من حرب البوسنة، وأصبحت مستشارة خاصة لوزير الخارجية آنذاك، “وليام هيغ”، في عام 2012، اقنعته بإطلاق مبادرة حول الاستغلال الجنسي في مناطق الحرب والتي لاتزال تؤتي ثمارها حتى اليوم، ولكن على حد تعبيرها ، فإن “الإفلات من العقاب هو القاعدة” بالنسبة لجرائم الحرب التي تكون اقل وضوحا من المدن التي تعرضت للقصف أو المقابر الجماعية، وغالبا ما يتم التعامل معها بجدية أقل، يمكن أن يبدأ التدريب والثقافة داخل القوات المسلحة في جميع أنحاء العالم في تغيير ذلك، ولكن فقط عندما ينتهي الأمر بالقادة في قفص الاتهام للإشراف على جرائم الحرب الجنسية.
التعليقات مغلقة.